قلعة مصياف.. ذاكرة الجبال السورية
يعود تاريخ إنشاء قلعة مصياف، القريبة من مدينة حماة، إلى ما قبل الميلاد بسنوات قليلة، فهي قلعة رومانية، بُنيت عام 44 ق.م، وهذه الفترة شهدت بناء قلاع وحصون كثيرة، بنتها روما للسيطرة على الطرق الرئيسية للبلاد.
تمتاز قلعة مصياف بأهميتها التاريخية، فهي إحدى القلاع الموجودة في محافظة حماة، وقد لاقت في العهد الروماني اهتماماً بالغاً من قبلهم.
أما في العهد الإسلامي، فلم تجد القلاع عموماً وقلعة مصياف من بينها أي اهتمام من قبل الفاتحين المسلمين، فهي لم تشكّل قيمة عسكرية في عهود الإسلام الأولى.
لكن قلعة مصياف تمّ تدعيمها في العهد البيزنطي، حيث تحولت القلعة من جديد إلى قاعدة عسكرية، لتأمين الطرق العابرة من الساحل إلى الداخل السوري، فموقع القلعة لعب دوراً بتأمين شبكة الطرق في هذه المنطقة، فمنها يذهب طريق إلى طرابلس الشام، ويمرّ هذا الطريق بوادي النصارى وبرج سليمان وقلعة صافيتا.
وثمة طريق آخر يذهب إلى أنطاكية مروراً بقاعة أبو قبيس ومنطقة حارم، وهناك طريق يذهب إلى البقاع اللبناني عبر قلعة عكار، وطريق يذهب إلى حمص عبر قلعة بعرين وسهول حمص، وطريق يذهب إلى حلب عبر برج جرجرة وحماة ومعرة النعمان.
شكل القلعة بيضوي، ويرتفع عشرين متراً، وتشير التنقيبات الآثارية أن الطبقات السفلى تعود إلى العهد البيزنطي، استولى الإسماعيليون عليها عام 1141م، وأسهم شيخ الجبل بتدعيم هذه القلعة، التي تعرضت لحصار من قبل صلاح الدين الأيوبي عام 1171م.
يزنر القلعة سور دفاعي، ما زالت بعض أجزائه موجودة من الجهة الشرقية، أما في باقي الجهات فقد تداخل السور مع الأبنية، أما أبوابها الأربعة فلم يبق منها غير باب واحد.
استولى المغول على قلعة مصياف عام 1260م، وقضوا في احتلالها فترة من الزمن، حيث استولى عليها الظاهر بيبرس عام 1270م.
غدت القلعة عام 1920 مقراً لحامية فرنسية، بعد أن احتل الفرنسيون سوريا في هذا العام.
تمّ ترميم القلعة عام 2000م.
تضمّ القلعة عدة أبنية وخزانات مياه محفورة في الصخر، وفيها غرف للتموين واسطبلات خيول.
تتكون القلعة من ستة طوابق، ثلاثة منها في الصخر، وثلاثة أعلى تشكل مجالاً للحياة اليومية.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”