استخدمت قوات سورية الديمقراطية “قسد” الأطفال في عمليات التجنيد القسري منذ الأشهر الأولى لتأسيسها، وتوسَّعت عمليات تجنيد الأطفال بشكل تدريجي بالتوازي مع تعزيز قبضتها الأمنية والعسكرية على المناطق التي تسيطر عليها في شمال شرق سورية، ولجأت إلى تجنيد الأطفال طوعاً أو قسراً.
وتعتمد ” قسد” في تطويع الأطفال للانضمام إلى صفوف القوات المسلحة على محاولات إقناع وتشجيع، وتقديم مغريات، وغالباً ما تشترك المدارس التابعة للإدارة الذاتية في دعم عمليات تجنيد الأطفال.
كما تعتمد “قسد” بالتوازي مع أسلوب التطويع، منهج التجنيد عبر خطف الأطفال سواء أثناء وجودهم في المدراس أو الشوارع أو الأحياء.
وقد أسَّست “قسد” معسكرات للتدريب خاصة بالأطفال المجندين في مناطق بعيدة عن مناطق سكنهم الأصلية، ومنعت الأطفال من التواصل مع عائلاتهم، وتم تهديد العديد من أسر الأطفال المخطوفين في حال الإعلان عن تجنيد أطفال للمنظمات الأممية أو الحقوقية، كما مُنع الأهالي من زيارة أطفالهم، وتعرضوا للإهانة اللفظية والطرد.
وتهدف هذه الإجراءات الصارمة لـ “قسد” إلى عزل الأطفال عن العالم الخارجي لحين انتهاء مدة تدريبهم، والتي تشتمل على تلقين معتقدات وأيديولوجيا حزب العمال الكردستاني، والذي يتبع له حزب الاتحاد الديمقراطي.
وبناء عليه فقد أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم الخميس 16 كانون الأول 2021، تقرير خاص رصدت فيه ارتفاعاً ملحوظاً في حالات تجنيد الأطفال في الشهر المنصرم تشرين الثاني 2021، وسجل تقريرها أوسع حملة تجنيد للأطفال على يد “قسد” منذ مطلع عام 2021.
وأشار التقرير إلى أنَّ “قسد” من أسوأ أطراف النزاع في سورية على صعيد عمليات تجنيد الأطفال بحسب تقارير الأمين العام للأمم المتحدة عن الأطفال والنزاع المسلح.
وفي هذا الصدد، فقد وثَّق التقرير ما لا يقل عن 537 حالة تجنيد لأطفال على يد ” قسد” في سورية منذ تأسيسها، وأضاف التقرير أنه لا يزال ما لا يقل عن 156 طفلاً حتى الآن قيد التجنيد لدى قوات “قسد”، يتوزعون إلى 102 ذكراً و54 أنثى، وقد قتل منهم ما لا يقل عن 29 طفلاً في عمليات “قسد” القتالية.
كما أورد التقرير خريطة تُظهر توزع حالات تجنيد الأطفال الـ 537 بحسب المحافظة التي حصلت فيها حادثة التجنيد، وأظهرت أن محافظة حلب شهدت الحصيلة الأعلى من الحوادث.
كما أوردَ التقرير رسماً بيانياً لتوزع هذه الحصيلة بحسب الأعوام.
وسجل التقرير منذ بداية تشرين الثاني 2021 حتى 15 كانون الأول 2021 اختطاف ما لا يقل عن 19 طفلاً بهدف التجنيد توزعوا إلى 9 أطفال ذكور و10 طفلات إناث، وقد وقعت 11 حادثة اختطاف في محافظة الحسكة، و8 في محافظة حلب.
وبحسب التقرير فقد تمَّ تسريح 3 أطفال فقط من بين هذه الحالات ولا يزال 16 طفلاً قيد التجنيد.
ووفقاً للتقرير لم تقم قوات “قسد” حتى الآن بإجراءات حقيقية ملموسة لتسريح الأطفال المجندين وإعادتهم إلى عائلاتهم وتعويضهم، أو محاسبة مرتكبي عمليات الخطف والتجنيد وفتح تحقيقات خاصة بها.
كما تحدث التقرير عن خروج العديد من عائلات الأطفال الذين تم تجنيدهم في معسكرات قوات “قسد” في مظاهرات احتجاجية ووقفات مناهضة لها مطالبين بإعادة أطفالهم.
وأضاف التقرير أن عدد من الأهالي المشاركين في التظاهرات تلقي تهديدات وتعرض لاعتداءات من قبل مجموعات تتبع قوات “قسد”، إضافة إلى تحذيرات من معاودة المشاركة في التظاهرات.
أكد التقرير أن قوات “قسد” انتهكت كافة القوانين الدولية المتعلقة بقضية تجيند الأطفال، ويثبت ما وردَ فيه أنَّ عصابات الخاطفين التابعين لقوات “قسد” قد أصبح لديها خبرة واسعة، وأنَّ عمليات الخطف تتم بشكل مخطط ومدروس، وتستند إلى معلومات استخباراتية، لأنَّ الخاطفين جزء من القوة المسيطرة، وتتوفر لديهم خلفيات ومعلومات عن الضحية وميوله وأهله، مما يسهل وقوع الضحايا في شرك عصابات الخطف.
أوصى التقرير الدول الداعمة لقوات “قسد” بالضغط عليها من أجل إيقاف عمليات التجنيد القسري واحترام قواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها.
كما أوصى التقرير بدعم مسار عملية ترسيخ إدارة محلية حقيقية في مناطق شمال شرق سورية يشارك فيها جميع سكان المنطقة دون تمييز على أساس العرق والقومية ودون تدخل سلطات الأمر الواقع؛ للوصول إلى الاستقرار والعدالة.
كما أوصى التقرير بدعم بناء وتأسيس قضاء مستقل يحظر على الجهات العسكرية القيام بعمليات التجنيد القسري.
وفي الختام، طالب التقرير قوات “قسد” بإيقاف أشكال تجنيد الأطفال كافة والكشف عن مصير المختفين منهم، والسماح لعائلاتهم بزيارتهم والتواصل معهم تمهيداً لتسريحهم.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية.