fbpx

قراءة في مفهوم العدالة الاجتماعية وتعريفها

0 47

العدالة الاجتماعية مصطلحٌ يضمُّ بين دفتيه مبادئَ احترام الإنسان وحقوقه في العمل والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، والعملَ على معالجة أشكال التمييز العنصري والإقصاء القائم على أساس العرق والجنس والطبقة الاجتماعية، وتهدف إلى ضمان الوصول العادل إلى الخدمات الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية وتكافؤ الفرص.

إن أصلَ العدالة الاجتماعية كمصطلحٍ يرجع إلى ما استخدمه لويجي تاباريللي، مستشار الفاتيكان عام 1840م، حيث استخدمه كمصطلحٍ للدفاع عن ضرورة معاملة الفقراء والمهمَّشين على قدم المساواة ودمجهم في المجتمع. كذلك نجد في نظرية جون رولز، الفيلسوف والأستاذ الجامعي الأمريكي، وهو فيلسوف أخلاقي وسياسي في التراث الليبرالي، حديثاً عن العدالة الاجتماعية حيث عرَّفها بأنها الإنصاف في الحقوق الأساسية المتساوية بين أفراد المجتمع، خاصة الأقل حظّاً.

وفق هذه المقدمة، نرى أن الجميع يتفق على أنه يجب التقريب بين شرائح المجتمع بالمعنى الذي يردم التفاوت الكبير بين الفئات الاجتماعية اقتصادياً، لخلق تعايشٍ سلمي بين الجميع، وتعاملٍ إيجابي بين جميع الأطراف.

إن العدالة الاجتماعية تواجه تحدياتٍ في عالمنا المعاصر، إذ إن تحقيقها يستلزم التعامل مع قضايا البيئة، وبناء مجتمعاتٍ قادرة على مواجهة التحديات البيئية، وتوفير الفرص، وتعزيز التعليم. كما تتحقق العدالة الاجتماعية في التشريعات العادلة كأساسٍ لمجتمعٍ متوازن، تتحقق فيه الأمور التالية:

أولاً: التعليم: أهمية إتاحة فرص التعليم المجاني أمام جميع أفراد المجتمع.

ثانياً: تكافؤ الفرص.

ثالثاً: العمل التطوعي الذي يعد جسراً لمجتمعٍ متكامل.

رابعاً: الضرائب التصاعدية لإعادة توزيع الثروات.

خامساً: برامج الرعاية الاجتماعية.

سادساً: تمكين الفئات الأقل حظّاً، مثل فئة المعاقين.

وقد خُصص يوم الـ 20 من شهر شباط/فبراير من كل عام يوماً عالمياً للعدالة الاجتماعية، للاحتفال بها لأنها تشكِّل الحجر الأساس في تحقيق التنمية والاستقرار، وأهمية المساواة واحترام حقوق الإنسان وإتاحة الفرص العادلة للجميع. فاليوم العالمي للعدالة الاجتماعية هو طريقٌ للسعي نحو عالمٍ أكثر إنصافاً.

كما أن هناك مصطلحات ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمفهوم العدالة الاجتماعية على مر العقود، من بينها: العقد الاجتماعي، والاشتراكية، والمساواة، وحقوق الإنسان، وحق التظاهر، وحرية التجمع، وحرية التعبير، والمساواة بين الجنسين. ومن خصائصها الشمولية، إذ تعتمد على معالجة إرث الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. فهي لا تقف عند حد التقصي عن الجرائم وتحديد المسؤولين عنها ومعاقبتهم، بل تعمل أيضاً على جبر الضرر والاعتذار للضحايا وإنصافهم وتثبيت السلم الأهلي. فهي تسعى لوضع مبادئَ منظَّمة للبنية القاعدية لمجتمع ديمقراطي، تديره مؤسساتٌ اجتماعية تمنح الأفراد الحقوق والواجبات الأساسية وتُعزِّز التعاون الاجتماعي.

لذلك، ننظر من خلال رؤية حزبنا، حزب التجمع الديمقراطي السوري، إلى سوريا حرةً ودولةَ مواطنة، دولةَ عدلٍ ومساواةٍ وتعدديةٍ وتشاركية، خاصة بعد سقوط النظام البائد الذي عاشت سوريا في ظله أسوأ أنواع الاستبداد والفساد. فقد قدَّم الشعب السوري الغالي والنفيس، وعانى من التهجير والقتل والاعتقال والتغييب القسري. لذلك، ينظر حزب التجمع الوطني الديمقراطي إلى تحقيق العدالة الانتقالية باعتبارها الحلَّ الجذري لعقودٍ من الاضطهاد، من خلال نظام محاسبة لكل من تورط في جرائم إنسانية بحق الشعب السوري، سواء كانوا من النظام البائد أو من مجموعات أخرى أثناء سنوات الصراع.

ويمكن القول إن إنشاء محاكم وطنية للمساءلة والشفافية وضمان عدم الإفلات من العقاب ضرورةٌ تاريخية للعودة إلى رفع كل غبنٍ عن كل متضرر. وينبغي وضع خطط لإعادة الإعمار وعودة اللاجئين ونبذ الطائفية، وإقامة مجتمع تعددي قائم على الحفاظ على الحريات من خلال حكم ليبرالي يضمن حقوق الأفراد بغض النظر عن مذاهبهم وأطيافهم، والاعتراف بالتنوع الثقافي والديني والإثني للشعب السوري، وحماية جميع حقوق المواطنين، ونبذ أشكال التمييز القائم على العرق والطائفية والعرف الاجتماعي والانتماء السياسي.

إذا نجحنا في تحقيق كل ما سبق، سيتحقق النمو الاقتصادي، وتصبح سوريا من الدول القادرة على امتلاك قدرات اقتصادية، وبالتالي تصبح من الدول المستقرة اقتصاديّاً بين دول العالم، لما تتمتع به من إمكانيات لا حدود لها في الزراعة والصناعة والتجارة، وثروات باطنية متنوعة. فسوريا تتميز بالاكتفاء الذاتي لولا الحروب والمؤامرات الخارجية. علينا أن نعمل بجد دون كلل حتى تكون سوريا وطناً يحتضن كل أبنائه وبناتها، سوريا خالية من الاستبداد والظلم والاستئثار بالسلطة، سوريا الدولة الديمقراطية التعددية التي يتم فيها تداول السلطة عبر انتخابات شفافة ونزيهة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني