أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم السبت 20 تشرين الثاني 2021، بمناسبة اليوم العالمي للطفل تقريرها السنوي العاشر عن الانتهاكات بحق الأطفال في سورية.
وجاء في التقرير أنَّ ما لا يقل عن 29661 طفلاً قد قتلوا في سورية منذ آذار 2011 بينهم 181 بسبب التعذيب، إضافة إلى 5036 طفلاً ما زال معتقلاً أو مختفٍ قسرياً.
وذكر التقرير بأن المئات من أطفال سورية شاركوا في المظاهرات التي خرجت نتيجة الحراك الشعبي في آذار 2011 جنباً إلى جنب مع أُسرهم، وكانوا رمزاً بارزاً عن مدى براءة وحضارية هذه المظاهرات الشعبية.
وأضاف التقرير أنه نتيجة لاستهداف النظام السوري للمتظاهرين بشكل عشوائي بالرصاص الحي وحتى الاعتقالات، فقد طالت الانتهاكات حتى الأطفال.
وأكد التقرير أنَّ النزاع السوري شهد وقوع عدد هائل من الضحايا الأطفال، والذي يُعدُّ مؤشراً مستداماً على استهداف النظام السوري لأحياء سكنية عبر عمليات القصف الجوي العشوائية.
وأكد التقرير أن سورية قد صادقت على اتفاقية حقوق الطفل في عام 1993، كما أنها صادقت على البروتوكولين الاختياريين الملحقين باتفاقية حقوق الطفل.
وأشار التقرير إلى أن جميع أطراف النزاع انتهكت حقوق الطفل، إلا أن النظام السوري تفوق على جميع الأطراف من حيث كمِّ الجرائم التي مارسها على نحو نمطي ومنهجي.
وحمَّل التقرير اللجنة المعنية بحقوق الطفل والمنبثقة عن اتفاقية حقوق الطفل المسؤوليات القانونية والأخلاقية في متابعة أوضاع حقوق الطفل في سورية ، ووضع حدِّ للانتهاكات التي يمارسها النظام السوري.
كما سلَّط التقرير الضوء على جانب من الأوضاع الكارثية التي وصل إليها الأطفال في سورية، واستعرض حصيلة لأبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا ضدَّ الأطفال منذ آذار 2011 حتى 20 تشرين الثاني 2021.
القتل خارج نطاق القانون:
سجَّل التقرير مقتل 29661 طفلاً على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية منذ آذار 2011، بينهم 22930 قتلوا على يد قوات النظام السوري، و2032 على يد القوات الروسية، و958 على يد تنظيم داعش، و71 على يد هيئة تحرير الشام.
وأضافَ التقرير أنَّ قوات سورية الديمقراطية قد قتلت 237 طفلاً، فيما قتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة 996 طفلاً، وقتل 925 طفلاً إثرَ هجمات لقوات التحالف الدولي، و1512 طفلاً قتلوا على يد جهات أخرى.
وبحسب التقرير فقد أظهر تحليل البيانات أنَّ النظام السوري مسؤول عن قرابة 78% من عمليات القتل خارج نطاق القانون.
ووفقاً للمؤشر التراكمي لحصيلة الضحايا فإنَّ عام 2013 كان الأسوأ من حيث استهداف الأطفال بعمليات القتل تلاه عام 2012 ثم 2014 ثم 2016.
الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري:
قال التقرير إنَّ ما لا يقل عن 5036 طفلاً لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية، بينهم 3649 على يد قوات النظام السوري، و42 على يد هيئة تحرير الشام، و667 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و359 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة.
وأضاف التقرير أنَّ 319 طفلاً منهم، كان قد اعتقلهم تنظيم داعش قبل انحساره ولا يزالون قيد الاختفاء القسري حتى 20 تشرين الثاني 2021.
وقد أوردَ التقرير مؤشراً تراكمياً لحصيلة عمليات الاعتقال بحق الأطفال منذ آذار 2011، أظهر أنَّ عام 2014 كان الأسوأ، وكانت قرابة 61 % من عمليات الاعتقال التي سجلت فيه على يد قوات النظام السوري.
القتل بسبب التعذيب بحق الأطفال في سورية:
طبقاً للتقرير فإنه غالباً ما يتعرض الأطفال للتعذيب منذ اللحظة الأولى للاعتقال، وقد يفضي التعذيب إلى موت الطفل المعتقل وقد لا يُفضي.
فقد سجل التقرير مقتل 181 طفلاً بسبب التعذيب في سورية منذ آذار 2011، بينهم 174 قضوا في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، فيما قضى 2 في مراكز الاحتجاز التابعة لهيئة تحرير الشام، و1 لدى كل من تنظيم داعش وقوات سوريا الديمقراطية والمعارضة المسلحة، وقتل 2 طفلاً بسبب التعذيب على يد جهات أخرى.
العنف الجنسي:
قال التقرير إن قوات النظام السوري مارست العنف الجنسي تجاه الأطفال بعدة أنماط، وأشار التقرير إلى ما لذلك من تداعيات جسدية ونفسية طويلة الأمد على الأطفال الضحايا.
حيث سجل التقرير في المدة التي يغطيها ما لا يقل عن 539 حادثة عنف جنسي لأطفال.
الحرمان من التعليم وانتشار الفقر وظاهر عمالة الأطفال:
طبقاً للتقرير فقد تسبَّبت عمليات القصف المستمرة لقوات النظام السوري منذ آذار 2011 في تدمير كلي أو جزئي لما لا يقل عن 1197 مدرسة و29 من رياض الأطفال، مما أدى إلى خروج غالبيتها عن الخدمة.
كما رصد التقرير تحويل قوات النظام السوري وحلفائه عشرات المدارس إلى مقرات عسكرية.
وأضاف التقرير أنَّ عمليات النزوح والتشريد القسري لمرات عدة بسبب الهجمات والاعتداءات التي قامت بها قوات النظام السوري وحلفاؤه، وتدهور النظام التعليمي تسبَّبت في تسرب عشرات آلاف الأطفال من التعليم.
وأكد التقرير أن كل ماسبق ذكره مضافه إليه تفشي الفقر المدقع كل ذلك أدى إلى انتشار عمالة الأطفال.
ووفقاً للتقرير فإن ظاهرة أسوأ أشكال عمالة الأطفال تعتبر من الظواهر الأكثر اتساعاً وانتشاراً في المناطق في سورية كافة.
تجنيد الأطفال:
استخدمت قوات النظام السوري الأطفال ضمن عمليات التجنيد منذ وقت مبكر عقب اندلاع الحراك الشعبي، كما سهَّل النظام السوري عمليات تجنيد الأطفال في صفوف الميليشيات الأجنبية ولم يقم بأية تحقيقات أو مساءلة عنها.
وأوضح التقرير أن عمليات تجنيد الأطفال من قبل قوات النظام تسبَّبت في مقتل ما لا يقل عن 62 طفلاً في ميادين القتال حتى 20 تشرين الثاني 2021.
وقدَّر التقرير أن هناك ما لا يقل عن 1374 طفلاً مجنداً حالياً ضمن قوات النظام السوري، إضافة إلى ما لا يقل عن 78 طفلاً تم تجنيدهم ضمن ميليشيات إيرانية أو مدعومة من قبل إيران، قتل منهم 23 طفلاً في أثناء اشتراكهم في الأعمال القتالية.
اعتبر التقرير أن مخلفات الأسلحة التي استخدمها النظام السوري وحلفاؤه في قصف المناطق غير الخاضعة لسيطرته بشكل واسع ودون تمييز من أبرز المخاطر التي تهدد حياة المدنيين وبشكل خاص الأطفال وتأتي في مقدمتها الذخائر العنقودية ذات الطبيعة العشوائية.
وقد سجَّل التقرير مقتل ما لا يقل عن 436 طفلاً في هجمات استخدم فيها النظام السوري ذخائر عنقودية أو إثرَ انفجار مخلفات قديمة ضمن مناطق قصفها النظام بالذخائر العنقودية سابقاً.
وأضاف التقرير أن الألغام الأرضية التي زرعتها كافة أطراف النزاع تأتي كتهديد ثانياً بعد الذخائر العنقودية.
المخيمات لا تشكل بيئة آمنة للأطفال، وزادت من معاناتهم:
جاء في التقرير أن هناك ما لا يقل عن 2.5 مليون طفل نازح في سوريا، بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، يعيش معظمهم داخل مخيمات أو خيام تمتد على مساحات واسعة في معظم المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام السوري، ويعاني النازحون فيها من أسوأ الظروف المعيشية.
ويوضح التقرير أن قلة المراكز الصحية والتعليمية في المخيمات قد أدت إلى تدني مستويات الصحة وتكبيد الطفل معاناة التنقل إلى أماكن أخرى لتلقي الرعاية الصحية، وحرمانه من الالتحاق بالتعليم؛ ما تسبب في انتشار الأمراض والأمية بين الأطفال النازحين.
أبرز انتهاكات القوات الروسية:
قال التقرير إن هجمات القوات الروسية بالذخائر العنقودية تحديداً قد تسبَّبت في مقتل 67 طفلاً منذ تدخلها العسكري في سوريا في 30 أيلول 2015، كما تسبَّبت عملياتها العسكرية في تضرر ما لا يقل عن 220 مدرسة.
أبرز انتهاكات هيئة تحرير الشام:
استعرَض التقرير انتهاكات هيئة تحرير الشام، إضافة إلى عمليات القتل والاحتجاز، أنشأت معسكرات تدريب خاصة بالأطفال وألحقتهم بدورات شرعية للتأثير على معتقداتهم وتوجيههم لحمل السلاح والقتال في محاكاة لنهج تنظيم داعش.
كما سيطرت على العديد من المدارس في مناطق سيطرتها وحولتها إلى مقرات مدنية أو عسكرية.
وقد وثق التقرير اعتداء الهيئة على 3 مدارس حتى 20 تشرين الثاني 2021.
أبرز انتهاكات قوات سورية الديمقراطية:
تحدث التقرير عن استخدام قوات سورية الديمقراطية الأطفال في عمليات التجنيد القسري على نطاق واسع، على الرغم من توقيع الإدارة الذاتية الكردية على خطة عمل مشتركة مع الأمم المتحدة لوقف عمليات تجنيد الأطفال في صفوف قواتها وتسريح من تم تجنيده منهم، وتوقيع وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة على صكِّ التزام مع منظمة نداء جنيف في حزيران 2014 لحظر استخدام الأطفال في الحروب، إلا أن عمليات التجنيد لم تنتهِ.
وقد وثَّق التقرير ما لا يقل عن 136 حالة تجنيد لأطفال قامت بها قوات سورية الديمقراطية منذ تأسيسها، قُتِلَ قرابة 29 طفلاً منهم في ميادين القتال.
كما سجَّل التقرير اعتداء قوات سورية الديمقراطية على ما لا يقل عن 11 مدرسة حتى 20 تشرين الثاني 2021.
أبرز انتهاكات فصائل المعارضة المسلحة:
قال التقرير إنه إضافة إلى عمليات القتل والاحتجاز، فقد جندت فصائل المعارضة المسلحة الأطفال ضمن صفوف قواتها مستغلة الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الطفل.
وبحسب التقرير فإنَّ 9 أطفال قتلوا خلال مشاركتهم في ميادين القتال إلى جانب فصائل في المعارضة المسلحة.
كما سجل التقرير ما لا يقل عن 35 مدرسة تعرضت لاعتداءات على يد المعارضة المسلحة حتى 20 تشرين الثاني 2021.
تقارير الأمين العام حول الأطفال والنزاع المسلح:
تظهر التقارير أن سورية أسوأ ومن أسوأ بلدان العالم في عدة أنماط من الانتهاكات، وفي هذا السياق قدَّم التقرير تحليلاً لتقريري الأمين العام الصادرين في نيسان وحزيران من عام 2021.
الاستنتاجات:
أكَّد التقرير أنَّه على الرغم من ترسانة القوانين الدولية التي تُعنى بحقوق الطفل وتهدف إلى حمايتها في جميع الأوقات، إلا أّنَّ الانتهاكات بحق الأطفال في سورية لم تتوقف منذ قرابة عشر سنوات، ولم تحترم أيٌّ من أطراف النزاع تلك القوانين، بمن فيهم النظام السوري الذي صادق على اتفاقية حقوق الطفل، لكنها لم تردعه عن ارتكاب انتهاكات بحق الأطفال يرقى بعضها إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية عبر القتل خارج نطاق القانون، الاخفاء القسري، التعذيب، وجرائم حرب عبر عمليات التجنيد الإجباري.
وأضافَ التقرير أنَّ كثيراً من الانتهاكات التي مارستها بقية أطراف النزاع بحق الأطفال قد تشكل جرائم حرب إن ارتكبت على خلفية النزاع، وانتهاكات واسعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان إذا تم ارتكابها بحق الأطفال الخاضعين لهذه القوات.
التوصيات:
أوصى التقرير المجتمع الدولي بضرورة تأمين حماية ومساعدة للأطفال المشردين قسرياً من نازحين ولاجئين، وخصوصاً الفتيات منهن ومراعاة احتياجاتهن الخاصة في مجال الحماية تحديداً.
وشدَّد التقرير على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة قانونياً وسياسياً ومالياً بحق النظام السوري وحلفائه، وبحق جميع مرتكبي الانتهاكات في النزاع السوري للضغط عليهم للالتزام باحترام حقوق الأطفال، والوفاء بالالتزام بالتبرعات المالية التي تم التعهد بها، ومساعدة دول الطوق وتقديم كل دعم ممكن لرفع سويِّة التعليم والصحة في هذه الدول التي تحتضن العدد الأعظم من الأطفال اللاجئين.
كما طالب التقرير بإيجاد آليات لوقف قصف المدارس وحمايتها، والعمل على خلق بيئة تعليمية آمنة.
أوصى التقرير أن يتم تنسيق عمليات المساعدة الإنسانية بحسب المناطق الأكثر تضرراً، وتجنُّب ضغوط وابتزاز النظام السوري بهدف تسخير المساعدات لصالحه.
إلى غير ذلك من توصيات إضافية.