fbpx

في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.. التقرير السنوي العاشر للشبكة السورية لحقوق الإنسان عن الانتهاكات بحق الإناث في سورية

0 264

لعبت المرأة السورية دوراً محورياً منذ انطلاقة الثورة السورية في آذار 2011، فشاركت في التظاهرات وفي الأنشطة السياسية والإنسانية والإعلامية والحقوقية، ولذلك تعرضت لجميع أنواع الانتهاكات التي تعرض لها المجتمع السوري ككل، وقد وصلت بعض الانتهاكات بحق المرأة السورية إلى جرائم ضدَّ الإنسانية، بل الأسوأ من ذلك هو استمرار تلك الانتهاكات وآثارها لأكثر من عقد من الزمن؛ مما جعلها غاية في الهشاشة والضعف، ففقدت المرأة السورية مختلف أشكال الحماية القانونية والحقوقية.

بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، والذي يصادف في الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني من كل عام، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تقريرها السنوي العاشر عن الانتهاكات بحق الإناث في سورية، جاء فيه أنَّ ما لا يقل عن 28618 أنثى قد قتلنَ في سورية منذ آذار 2011، 93 منهن بسبب التعذيب، و10628 أنثى لا تزلن قيد الاعتقال، إضافة إلى 11523 حادثة عنف جنسي استهدفت الإناث، مشيراً إلى أن غالبية الانتهاكات كانت على يد النظام السوري.

ذكر التقرير كلام السيد فضل عبد الغني المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن الانتهاكات الفظيعة التي مورست ضدَّ المرأة السورية لم تعد تحظَ بالإدانة ولا بالاهتمام الكافي، على الرغم من أنها ما زالت مستمرة، ومؤكدا بأن بعض تلك الانتهاكات لايزال يُشكل جرائم ضدَّ الإنسانية.

كما شدد السيد عبد الغني على خطورة التطبيع مع الجرائم التي تتعرض لها المرأة السورية، وخطورة التطبيع مع مرتكبيها، فدعا إلى ضرورة رفضها وإدانتها من جميع الجهات الفاعلة في المشهد السوري، وفي مقدمتها النظام السوري.

كما أورد التقرير بالتفصيل حصيلة أبرز الانتهاكات بحق الإناث

على صعيد القتل خارج نطاق القانون

سجَّل التقرير مقتل 28618 أنثى على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية منذ آذار 2011 حتى 25 تشرين الثاني 2021، بينهن 21996 قتلن على يد قوات النظام السوري، و1593 على يد القوات الروسية، و981 على يد تنظيم داعش، و83 على يد هيئة تحرير الشام، وأضافَ أنَّ قوات سوريا الديمقراطية قد قتلت 260 أنثى، فيما قتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة 1318 أنثى، وقتلت 961 أنثى إثرَ هجمات لقوات التحالف الدولي، و1426 أنثى قتلنَ على يد جهات أخرى.

وأظهر تحليل البيانات بأنَّ النظام السوري مسؤول عن قرابة 77% من عمليات القتل خارج نطاق القانون.

ووفقاً للمؤشر التراكمي لحصيلة الضحايا فإنَّ عام 2013 كان الأسوأ من حيث استهداف الإناث بعمليات القتل تلاه عام 2012 ثم 2014 ثم 2015.

على صعيد الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري

أوضح التقرير بأنَّ ما لا يقل عن 10628 أنثى لا تزال قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية، بينهن 8497 على يد قوات النظام السوري، و44 على يد هيئة تحرير الشام، و869 على يد قوات سوريا الديمقراطية، و942 على يد المعارضة المسلحة.

وأضاف التقرير أنَّ 276 أنثى منهن، كان قد اعتقلهن تنظيم داعش قبل انحساره ولا يزالون قيد الاختفاء القسري حتى 25 تشرين الثاني 2021.

وقد أوردَ التقرير مؤشراً تراكمياً لحصيلة عمليات الاعتقال بحق الإناث منذ آذار 2011، أظهر أنَّ عام 2015 كان الأسوأ، وكانت قرابة 78% من عمليات الاعتقال التي سجلت فيه على يد قوات النظام السوري.

أما فيما يخص الضحايا بسبب التعذيب فقد ذكر التقرير أن ما لا يقل عن 93 أنثى قد قتلنَ بسبب التعذيب في سورية منذ آذار 2011، بينهن 74 قتلنَ في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، فيما قضَت 14 منهن في مراكز الاحتجاز التابعة لتنظيم داعش، و2 في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات سورية الديمقراطية، و2 في مراكز الاحتجاز التابعة للمعارضة المسلحة، كما قتلت أنثى واحدة بسبب التعذيب على يد جهات أخرى.

أنماط أبرز الانتهاكات بحق الإناث من قبل الجهات الرئيسية الفاعلة في النزاع السوري

أبرز الانتهاكات من قبل قوات النظام السوري

طبقاً للتقرير فإن قوات النظام السوري لا تراعي في احتجازها الإناث في مراكز الاحتجاز العائدة للأفرع الأمنية أية اعتبارات لطبيعتهن أو احتياجاتهن، وتخضعهن لظروف الاعتقال ذاتها التي تحتجز فيها الرجال، كما تتعرضن لكافة أشكال وأساليب التعذيب التي يتعرض لها الرجال.

وذكر التقرير أنه في حالات كثيرة اعتقلت النساء بصحبة أطفالهن، أو وهنَّ حوامل، مما يزيد من معاناة النساء خلال الاحتجاز ويعرضهن لحالات من الضعف المضاعف مع حرمانهن من الرعاية الطبية والصحية اللازمة لهن، ومن احتياجاتهن واحتياجات أطفالهن، ويخضع أطفالهن للظروف ذاتها التي تطبق على الأم طوال مدة اعتقالها.

حيث سجَّل التقرير منذ آذار 2011 ما لا يقل عن 152 حادثة اعتقال لأطفال كانوا بصحبة أمهاتهن، وما لا يقل عن 89 حادثة ولادة لأطفال داخل مراكز الاحتجاز، جميعهم عانوا من نقص الرعاية الصحية اللازمة لهم بعد الولادة ومن تأمين احتياجاتهم من الغذاء والدواء والمستلزمات الصحية والنفسية؛ ما تسبَّب في وفاة 7 أطفال منهم.

أما فيما يتعلق بالعنف الجنسي، فقد تحدث التقرير عن استخدم النظام السوري العنف الجنسي ضدَّ النساء، كأداة تعذيب فعالة، أو كنوع من العقوبة، ولإشاعة الخوف والإهانة بين المعتقلات والمعتقلين، وأوضحَ التقرير أنَّ قوات النظام مارسته في العديد من الحالات على خلفية طائفية أو انتقامية بحسب الدور الذي لعبته المعتقلة في الحراك الشعبي نحو الديمقراطية، وفي حالات أخرى تعرضت المحتجزات لابتزاز جنسي على أساس المقايضة، مقابل حصولهن على الخدمات الأساسية من الغذاء والماء وغيرها.

وأوردَ التقرير أبرز أشكال العنف الجنسي التي مارستها قوات النظام السوري، وقال إنها ارتكبت ما لا يقل عن 8013 حادثة عنف جنسي، بينها قرابة 879 حادثة حصلت داخل مراكز الاحتجاز، وما لا يقل عن 443 حالة كانت لفتيات دون سنِّ الـ 18.

أبرز الانتهاكات من قبل قوات سورية الديمقراطية

جاء في التقرير إضافة إلى عمليات القتل خارج نطاق القانون فإن قوات سورية الديمقراطية قامت بعمليات احتجاز الإناث، وتخضع المحتجزات لظروف غاية في السوء، ويتعرضنَ لأساليب متنوعة من التعذيب، وفي كثير من الأحيان تتم معاملتهن على أساس عرقي، ويحرَمن من الرعاية الصحية والغذاء، ولا توجَّه إليهن تهمة محددة ولا يخضعن لمحاكمة إلا بعد مرور زمن طويل على احتجازهن، قد يستمر أشهراً عدة حتى سنوات.

وأضافَ التقرير أنَّ قوات سورية الديمقراطية قامت بعمليات التجنيد القسري في مناطق سيطرتها على نطاق واسع واستهدفت الإناث البالغات والقاصرات؛ لإجبارهن على الانضمام إلى صفوفها، مما تسبب في حرمانهن من التعليم.

وفي هذا السياق وثق التقرير ما لا يقل عن 136 حالة تجنيد لأطفال قامت بها قوات سورية الديمقراطية منذ تأسيسها، من بينهم 56 حالة تجنيد لإناث قاصرات.

وأضافَ التقرير أن قوات سورية الديمقراطية استخدمت عدة أنماط من العنف الجنسي ضدَّ الإناث، إما داخل مراكز الاحتجاز التابعة لها أو في المخيمات التي تقوم بحراستها وإدارتها، وسجل ما لا يقل عن 12 حادثة عنف جنسي ارتكبتها قوات سورية الديمقراطية حتى 25 تشرين الثاني 2021.

وتطرَّق التقرير إلى ممارسات تضييق على الإناث واعتداءات ارتكبتها قوات سورية الديمقراطية بحق الإناث، بشكل خاص الناشطات او العاملات في منظمات المجتمع المدني في مناطق سيطرتها.

أبرز الانتهاكات من قبل هيئة تحرير الشام

قال التقرير إن المرأة السورية في مناطق سيطرة الهيئة تعاني من التمييز السلبي تجاهها بشكل عام، وليس تقييد حرية الحركة واللباس أحد جوانبها فقط، بل إن الانتهاكات بحقها تتعدى ذلك بكثير، وتزداد معاناتها أضعافاً مضاعفة إذا كانت عاملة أو ترغب أن تعمل في الشأن العام، أو في منظمات المجتمع المدني.

وقد رصد التقرير تعرض العديد من النساء اللواتي انخرطن في الشأن العام، للتضييق والترهيب لدفعهن إلى التخلي عن عملهن، وأوردَ نماذج على ذلك.

وفي هذا السياق سجل التقرير حتى 25 تشرين الثاني 2021 ما لا يقل عن 108 حوادث استهدفت النساء فيها على خلفية عملهن أو على خلفية معارضتهن لممارسات هيئة تحرير الشام.

أبرز الانتهاكات التي مارستها المعارضة المسلحة

قال التقرير إنها استهدفت الإناث بعمليات الاحتجاز، إما بسبب أنشطتهن أو اعتراضهن على ممارساتها في مناطق سيطرتها، وفي بعض الأحيان استهدفن على خلفية عرقية.

ووفقاً للتقرير فإنَّ معظم هذه الحوادث تتم بدون وجود إذن قضائي ودون مشاركة جهاز الشرطة وهو الجهة الإدارية المخولة بعمليات الاعتقال والتوقيف عبر القضاء، وبدون توجيه تهمٍ واضحة.

وأكد التقرير أن المعتقلات تتعرض خلال احتجازهن لدى المعارضة المسلحة إلى أساليب تعذيب متنوعة، كما تحرمن من الرعاية الصحية والغذاء وتأمين احتياجاتها، إضافة إلى حرمانها من أطفالها في حال احتجازها بصحبتهم.

أهم الاستنتاجات

استنتج التقرير أنه على الرغم من وجود ترسانة قانونية بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي تنصُّ على احترام حقوق النساء والأطفال بمن فيهم الطفلات، إلا أن النظام السوري المسيطر على الدولة السورية كان الجهة الأولى التي خرقت القوانين، والجهة الوحيدة التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية، كما أن بقية أطراف النزاع سارت على نهجه، بل إنها ارتكبت انتهاكات لم يمارسها النظام السوري نفسه مثل التزويج القسري والتضييق على الملابس وحرية التنقل والتجنيد الإجباري، وبلغ بعضها مستوى جرائم حرب.

وأكد التقرير ان القانون الدولي استبيح على نحو شامل في النزاع السوري الذي امتدَّ لقرابة عقد من الزمن، وأكد التقرير أن الانتهاكات بحق المرأة السورية لن تتوقف دون حصول انتقال سياسي نحو نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان وبشكل خاص حقوق المرأة وأن هذا الوضع يمتد على كامل الأراضي السورية.

كما أكد التقرير أن الجرائم التي مارسها النظام السوري على شكل هجوم واسع النطاق وعلى نحوٍ منهجي والتي تُشكِّل جرائم ضد الإنسانية تشمل القتل؛ والتعذيب؛ والاغتصاب، والاضطهاد.

وأضافَ التقرير أن التزويج القسري قد يصل إلى مرتبة جريمة ضد الإنسانية، وكان تنظيم داعش الإرهابي قد مارسه على نحوٍ واسع، وقد مورس أيضاً من قبل هيئة تحرير الشام.

وأوضحَ التقرير أنَّ الانتهاكات الواردة فيه والتي مارسها النظام السوري وبقية أطراف النزاع وتُشكل جرائم حرب تتجسد في العنف الجنسي، والعنف ضد الحياة، وخاصة القتل بجميع أنواعه، والتشويه والمعاملة القاسية، والاعتداء على الكرامة الشخصية.

التوصيات

أوصى التقرير المجتمع الدولي بضرورة تأمين حماية ومساعدة للإناث المشردات قسرياً من نازحات ولاجئات، وخصوصاً الطفلات منهن ومراعاة احتياجاتهن الخاصة في مجال الحماية تحديداً.

كما أوصى التقرير أن يتم تنسيق عمليات المساعدة الإنسانية بحسب المناطق الأكثر تضرراً، وتجنُّب ضغوط وابتزاز النظام السوري بهدف تسخير المساعدات لصالحه.

كما أوصى التقرير بتخصيص موارد كافية لإعادة تأهيل الناجيات وبشكل خاص اللواتي تعرضن للعنف وللاستغلال الجنسي، والتزويج القسري.

وطالب التقرير بإنشاء دور رعاية وحماية خاصة للنساء المعنفات واللواتي تعرضن للنبذ من قبل أسرهن ومجتمعاتهن. إلى غير ذلك من توصيات إضافية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني