fbpx

فشل قمة طهران… إطلاق الرصاصة الاولى قد يبدأ باي لحظة

0 919

لم يكن مقرراً عقد قمة لثلاثي أستانة في هذا الوقت تحديداً، إنما كان اجتماعاً دورياً لمجلس تعاون اقتصادي إيراني – تركي، وهو اجتماع تقني ليس من الضرورة أن يرأسه قمتا الهرم السياسي في البلدين.

أراد الرئيسان الروسي والإيراني جعله مؤتمر قمة يوازي (حسب تصورهم) مؤتمر جدة الذي عقد قبل أيام، وهو قمة عربية – أمريكية غير مسبوقة، كانت في مضمونها وعناوينها معادية للسياسات الإيرانية والروسية في المنطقة، ولم يتردد الرئيس الأمريكي في ترديد أن الولايات المتحدة لن تسمح بأية فراغات تملؤها روسيا والصين وإيران.

تم إعلان الكرملين عن مشاركة الرئيس الروسي في القمة ولم يضف شيئاً، إلا أنه سيبحث مواضيع هامة، وبالتأكيد لم تكن على جدول أعماله، إنما رآها كفرصة شخصية له لإثبات حضوره أمام شعبه وحلفائه في الخارج، إن لروسيا محور أو أصدقاء في خضم عزلتها الدولية الآن بسبب حربها على أوكرانيا، وقد فعلها بوتين مؤخراً عندما استدعى رؤساء الدول المطلة على بحر قزوين، كرد على القمم التي حصلت الشهر الماضي في أوروبة وكلها موجهة ضده (قمة الاتحاد الأوروبي، قمة السبع الكبار وقمة دول الناتو).

كان الرئيس التركي يحمل في حقيبته إلى طهران أوراقه وهواجسه ورغبته بتأييد طهران وموسكو لعمليته العسكرية المرتقبة قريباً، لأنه مزمع على القيام بها مهما كانت الظروف.

كان واضحاً أن الهدف الروسي – الإيراني من عقد القمة وتسليط الأضواء عليها، هو إحداث شرخ جوهري في المحور أو المحاور التي تتشكل ضدهما، حيث تركيا هي دولة رئيسية من حلف الناتو، وتحظى بعلاقات متينة ازدادت عمقاً بعد تبادل الزيارات على أعلى المستويات بين الرياض وأنقرة، وإصلاح علاقاتها المتوترة سابقاً مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان الظل التركي حاضراً في قمة 9+1، كأحد الشركاء لهذا التكتل.

حاول الإيرانيون خلط الأوراق، فخرجت تصريحات عن مسؤولين إيرانيين بضرورة فتح قنوات اتصال مباشرة (وهي مقدمة لتطبيع) بين النظام السوري والقيادة التركية وإجراء تنسيق أمني يؤمن المخاوف التركية بإنشاء آلية ما مدعومة من محور أستانة لإبعاد ميليشيات قسد عن الأماكن التي تقع تحت النفوذ الروسي والإيراني (تل رفعت، منبج، عين العرب، عين عيسى) بما يحقق الاختراق السياسي المرتجى منه وتفعيل آليات استمراره.

وفي الأساس سيتم التمدد التركي مع حلفائه من الجيش الوطني على حساب الأراضي التي تحتلها قوات سورية الديمقراطية، دون المساس بالأراضي الخاضعة لسيطرة قوات النظام.

ولتأمين ذلك، تم استدعاء وزير خارجية النظام إلى طهران لتامين أي تواصل معه مع الجانب التركي.

عند الرفض التركي القاطع لأي تواصل معه، خرجت تصريحات إيرانية من أعلى سلطة فيها، وهي المرشد الأعلى، تعبر عن رفضها للعملية التركية المقبلة وبأنها تهدد وحدة الأراضي السورية ولن تستفيد منها غير القوى الإرهابية.

لم يكن الموقف الروسي مختلفاً بمضمونه عن الموقف الإيراني لكنه أقل حدة منه، نظراً لحاجة روسيا الماسة لعدم إزعاج القيادة التركية، بأن كررت أقوالها السابقة بأنه يجب محاربة قوى الإرهاب في منطقة إدلب، بمعنى ليس القوى الإرهابية التي حددها الرئيس التركي بخطابه في القمة أو مؤتمراته الصحفية.

بذلك يمكننا القول بفشل هذه القمة للأسباب التالية:

  1. فشل محاولة الاختراق الإيرانية بجمع وزير خارجية النظام مع أي مسؤول تركي.
  2. إعادة الرئيس التركي من قلب طهران وبعد لقائه مع المرشد عن عزمه وتصميمه على اجتثاث الإرهابيين والسير قدما بعمليته العسكرية.

لا يسعنا القول إلا أن المعركة الدبلوماسية وصلت لنهاية فصولها، ونحن بانتظار إطلاق الرصاصة الأولى ليس على قسد فقط، بل على مسار أستانة برمته.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني