فريق من الأمم المتحدة يطالب النظام السوري بالكشف عن مصير الآلاف من السوريين المختفين قسرياً
أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” يوم الاثنين 26 أيلول 2022، تقريراً خاصاً أوضحت فيه بأنها تلقت رسالة من فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري، تفيد بأنه قد قام بإحالة عدة حالات اختفاء قسري إلى النظام السوري كانت قد زودته بها في هذا العام، مشيرة إلى وجود ما لا يقل عن 95696 مختفٍ قسرياً لدى النظام السوري تسعى أن يكون أكبر قدر ممكن منهم مسجلاً لدى فريق الأمم المتحدة.
حالات الاختفاء القسري التي زودت بها “الشبكة السورية“ فريق الأمم المتحدة:
أوضح التقرير بأن ما لا يقل عن 95696 شخصاً، بينهم 2316 طفلاً و5734 سيدة، لا يزالون قيد الاختفاء القسري على يد النظام السوري، منذ آذار 2011 وحتى آب 2022، وهذا العدد الهائل من ضحايا الاختفاء القسري، يؤكد على أنها ممارسة منهجية، ومتكررة على مدى سنوات، وترتكب بشكل واسع بحق عشرات آلاف المعتقلين وهي بالتالي تشكل جرائم ضد الإنسانية.
كما أشار التقرير إلى تزويد فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري بما لا يقل عن 568 حالة اختفاء على يد قوات النظام السوري، بينهم عشرات النساء والأطفال، إضافة إلى وجود مئات من الحالات الأخرى والتي سوف تقوم بإرسالها خلال الأشهر القادمة.
كما نوه التقرير إلى التحديات التي تواجه عمل توثيق ضحايا الاختفاء القسري وبشكل خاص في حال كون المعتقلة أنثى، وذلك بحسب التقرير لاعتقاد سائد في المجتمع السوري أن ذلك سوف يُعرِّضهم لمزيد من الخطر والتَّعذيب، ويعزز ذلك عدم تمكن المجتمع الدولي والأمم المتحدة بكافة مؤسساتها من الضغط على السلطات السورية للإفراج عن حالة واحدة فقط، حتى لو كان معتقل رأي.
“الشبكة السورية” تدعم إنشاء آلية مستقلة للمفقودين:
أوضح التقرير دعم “الشبكة السورية “كافة مطالب لجنة التحقيق الدولية المستقلة بضرورة إنشاء آلية أممية مستقلة تنحصر مهمتها في قضية المفقودين بمن فيهم المختفين قسرياً، وذلك نظراً لضخامة أعداد المتأثرين في سوريا، كما أظهرت البيانات الواردة في هذا التقرير حصيلة المختفين قسرياً فقط، والتي عرضت أرقاماً مرعبة، تجعل الحاجة إلى مثل هذه الآلية مطلباً ملحاً لجميع الضحايا المفقودين ولأسرهم.
أبرز الاستنتاجات القانونية:
أكد التقرير أن الاختفاء القسري يُعدُّ من الانتهاكات الخطيرة والجسيمة لحقوق الإنسان بسبب ما يتعرض له الضحية من سلسلة من الانتهاكات كالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة والحرمان من حريته، حيث يترك وحيداً بعيداً عن نطاق الحماية القانونية أمام معذبيه، ويتعرض لإنكار كامل حقوقه الإنسانية وانتهاك الحقوق السياسية والمدنية وهي حقوق مترابطة ومتشابكة كحق الفرد في الاعتراف بشخصيته القانونية والحرية والمحاكمة العادلة والضمانات القضائية.
كما ينتهك الاختفاء القسري طبقاً للتقرير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للضحايا وأسرهم على حدٍّ سواء كالحق في توفير الحماية والمساعدة للأسرة والحق في العيش بمستوى معيشي مناسب، لأنَّ الاختفاء القسري يُفقد الأسر في معظم الأحيان معيلها الأساسي أو الوحيد.
أشار التقرير إلى أن النظام السوري قد ارتكب الاختفاء القسري في إطار هجوم واسع النطاق ضد فئات السكان المدنيين كافة، وهو ما يُشكِّل جريمة ضد الإنسانية وفق المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي لا يخضع لقانون التقادم وأعطت المادة ذاتها الحق لأسر الضحايا في جبر الضرر ومعرفة مصير المختفين، كما يُعتبر جريمة حرب وفق المادة 8 من نظام روما ذاته، وقد تمت ممارسته ضد المعارضين المطالبين بالتغيير السياسي.
أهم التوصيات:
طالب التقرير فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري بزيادة عدد العاملين في الملف السوري؛ لأن سوريا تعاني من كارثة وطنية هائلة على صعيد المختفين قسرياً؛ نظراً للأعداد الهائلة للمختفين فيها منذ آذار 2011، مما يجعلها أسوأ دولة في العالم في هذا الانتهاك.
كما أوصى بمراسلة النظام السوري بأكبر قدر ممكن من الاستمارات، والتي قد تساهم في محاولة الكشف عن مصير هؤلاء المختفين قسرياً، وتشكل نوعاً من ردعٍ مهما كان بسيطاً أمام قيام النظام السوري بقتلهم تحت التعذيب.
ولفت التقرير إلى ضرورة تعاون أهالي المختفيين قسرياً مع المنظمات الحقوقية الموثوقة وتزويدها ببيانات المختفين قسرياً من أفراد أسرهم، والقبول بمراسلتها لفريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري لأن هذا الإخطار يشكل نوعاً من التنبيه للنظام السوري وربما يساهم في عدم تصفية المختفي قسرياً.
وأشار التقرير إلى أن تسجيل حالة المختفي قسرياً لدى فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري وورودها ضمن ملحق التقرير الدوري الصادر عنه يُعتبر وثيقة مهمة في يد الأهالي تثبت حالة الاختفاء القسري وتُطالب من خلالها بتحقيق المحاسبة وجبر الضرر في مسار العدالة الانتقالية لاحقاً، كما يثبت استمرار استراتيجية النظام السوري في هذه القضية.
حثَّ التقرير دول أصدقاء الشعب السوري في مؤتمر بروكسل على ضرورة إيجاد آلية تسهم في الكشف عن مصير المختفين قسرياً في سوريا، وتدعم أسر الضحايا، ودعم عمل فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري، والمنظمات الوطنية العاملة في هذا المجال.
وختم التقرير بمطالبة مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة باللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية المعتقلين من الموت داخل مراكز الاحتجاز، ولوضع حدٍّ لوباء الاختفاء القسري المنتشر في سوريا، كونه يُهدد أمن واستقرار المجتمع.
كما أكد على ضرورة أن يقوم مجلس الأمن بمتابعة تطبيق وإلزام الأطراف بالقرارات التي قام بإصدارها ومن أبرزها القرار رقم 2042، والقرار رقم 2139، واتباع القرارات النظرية بالأفعال.