fbpx

عودة قريبة للمهجرين إلى بيوتهم في جنوب إدلب

1 710

آمال العودة كانت وستبقى حقيقة تسافر في مخيلة الشعوب المهاجرة، فهي لم تنسهم أرق سنوات الهجرة، وحنينهم لأبواب وعتبات منازلهم.

فالأفواج التي نزحت عن سوريا عقب أحد عشر عاماً من الدمار لم تعنها البراغماتية السياسية للدول المعنية بالملف السوري، لإدراكها أنها جزء من لوحة الصراع الإقليمية التي لم تكن يوماً معنية بحق وحرية وكرامة الشعب السوري.

من هنا جاءت المظاهرات السورية في عدة أماكن جغرافية من سوريا بهدف التنديد بالتصريحات التوافقية بين الأتراك والنظام السوري، كرسالة واضحة عن مدى تمسك الشعوب الجريحة بحقها وبحثها عن العدالة الضائعة.

هي نفسها مصالح الدول وأولوياتها لم تتغير، من تغير هو فهمنا لها فأصبحنا نعلم أطماعهم ونعلم كيف نتمسك بحقنا وبحريتنا أكثر فأكثر.

تعود بنا الذاكرة إلى خطوط حمراء، وتصريحات استنكارية، اعتمدها القادة الأتراك طوال سنوات الثورة السورية وما أعقبها من حرب طاحنة، وفجأة تتحول لخطوط خضراء، جعلت المشاهد السوري حائراً في الشريك التركي الذي احتضن على أرضه أكثر من ثلاثة ملايين سوري تشردت بهم السبل وعاشوا في وضع جيد فيها.

واليوم الخبر التحليلي للتحول في خطوط السياسية التركية التي كانت حمراء، واليوم أصبحت خضراء من خلال جديد تصريحات كل من وزير الخارجية التركي وبعض حلفاء العدالة والتنمية ومعارضيه، ومؤخراً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

لا نعلم هل هي مناورة سياسية تؤكد مصالح الجمهورية التركية فقط، أم أنها تأخذ بعين الاعتبار متطلبات الشارع السوري الذي طالب في الحرية والعدالة.

لذلك يمكن تحليل ما حدث بعد ربط الأحداث فيما بينها، بعد أن ظهر هذا التحول جلياً بعد قمة طهران التي لم يتسرب منها شيء بقدر ما تسرب من أفعال وتحولات.

إن الخطة الروسية التي عرضت على الرئيس أردوغان والرئيس الإيراني، ووافقا عليها لتماهيها مع غاياتهم ومصالحهم جميعاً.

لم نر خطة مكتوبة ومنشورة بعد هذه القمة بشكل رسمي كالعادة من اجتماعاتهم ذات المخرجات السرية، ولكنني أتحدث عنها بما أرى من تقاطعات وتصريحات وأفعال على أرض الواقع مدعومة بالتصريحات لكبار القادة بعد قمة طهران.

ستقوم القيادة التركية بتقارب فعلي مع حكومة النظام من خلال هذه التصريحات الموجهة قبل كل شيء لحاضنة النظام ومؤيديه ليستطيع أن يقنع فيها حاضنته ومؤيديه ويخرج شبه منتصر قبل تسليمه مناطق ريف إدلب ورجوعه لحدود سوتشي المتفق عليها منذ زمن مع روسيا.

سيكون لهذا التقارب فوائد للجميع ومن خلالها تضع الجميع في حالة المنتصر أمام حاضنته ومؤيديه.

فوائدها للجانب التركي

حيث سيستثمرها في تبريد الأجواء والاستفادة من الوقت أمام الغضب الشعبي التركي وتذمره من اللاجئين السورين، بعد نجاح حملات العنصرية المنظمة من قبل المعارضة التركية ضد اللاجئين السوريين.

بنفس الوقت سيدعم أردوغان نظريته التي تحدث عنها سابقاً بحسب قناة الجزيرة (خطة أردوغان لإعادة مليون لاجئ على الأقل) بعد نجاح العملية وتكون هذه العودة منطقية ومرضية وغير مخالفة لحقوق اللاجئين بالعودة الطوعية الكريمة ولا تجلب الغضب الدولي أو منظمات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان.

بنفس الوقت يضمن الرئيس أردوغان تعاون القوات الروسية وقوات النظام للسيطرة الكاملة المشتركة على كامل الحدود السورية بعمق ثلاثة وثلاثين كيلومتراً، ويضمن محاربة مشتركة للمليشيات الكردية المعادية لتركيا والتأكد من عدم دعم القوى الإرهابية ضد الحكومة التركية على المدى المنظور، ما يشكل نصراً تركياً يستعمله الرئيس أردوغان في السباق الانتخابي في تركيا.

بنفس الوقت يكون الرئيس أردوغان قد وفى بعهوده أمام جمهور الثورة السورية في إعادة السوريين إلى منازلهم وحدود النقاط التركية التي انسحب منها منذ عامين ويوقف عمليات القتل والتهجير.

وبنفس الوقت توقع تركيا على فتح الطرق الدولية لكسر قانون قيصر من خلال معابر الشمال السوري وتخفف الضغط الاقتصادي الكبير على النظام، ما يحقق أيضا فوائد اقتصادية كبيرة للاقتصاد التركي.

الفوائد الروسية من هذه الخطة

  • تثبيت استقرار الجبهة الشمالية السورية وإمكانية سحب قوات روسية للقتال في الجبهات الأوكرانية بعد تحقيق ضمانات الخطة من قبل تركيا وحلفائها من هيئة تحرير الشام والجيش الوطني.
  • مكاسب سرية روسية من تركيا وتحولها لتكون أكثر حياداً في الحرب الأوكرانية أو العمل لتكون الوسيط الذي يمكن أن يخرج روسيا من مستنقع حرب طويلة مع الغرب، وظهر ذلك جلياً في زيارة الرئيس أردوغان لأوكرانيا ولقائه مع الرئيس زيلينسكي وحديثه عن ذلك بشكل جدي والحد من تسليح القوات الأوكرانية بطائرات مسيرة وذخائر وغيرها من الأسلحة.
  • استقرار اقتصادي للنظام السوري، ما يخفف الضغط الشعبي على حليفه ويعطيه جرعة قوة في صمود جبهة سورية الاستراتيجية لروسيا.
  • محاولة الوصول بجدية والاقتراب نحو أمان اقتصادي سوري يسمح ببدء الاستثمارات الروسية في سورية وتشجيع الدول العربية على التطبيع مع النظام بشكل علني وكامل.
  • العمل على إبعاد تركيا أكثر عن الغرب من خلال تحقيق مكاسب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه والمساهمة في فوزه في انتخابات العام القادم الذي تحاول الدول الغربية وأميركا التأثير عليه وتدعم المعارضة التركية للفوز بالانتخابات المقبلة.

فوائد المحتل الإيراني من خطة بوتين

  • تعاون تركي مع الجمهورية الإيرانية اقتصادياً وسياسياً وخصوصاً في الملف النووي.
  • المكسب الاقتصادي الإيراني من الاستقرار المزمع في سورية وفتح خطوط التوريد إلى سورية من خلال تركيا ومن خلال الاستقرار السياسي في سورية، والاستفادة من الاستقرار في سورية من خلال تنفيذ العقود الموقعة مع النظام السوري في العديد من المجالات.

فوائد النظام السوري من الخطة الروسية

  • استقرار الجبهة الشمالية مع قوات المعارضة بضمانة القوات التركية.
  • فتح الطرق الدولية وتبادل السلع مع تركيا وإيران مما يخفف من تأثيرات قانون قيصر على النظام ويزيد فرص الانتعاش الاقتصادي للنظام.
  • التقارب التركي يقوي موقف النظام ويشجع الدول العربية وغيرها على التطبيع من النظام.
  • مكسب سياسي للنظام السوري أمام حاضنته، وبنفس الوقت يبرر سماحه لعودة المهجرين بشروط الحماية الروسية التركية المشتركة وعودة السكان من غير سلاح الى قراهم ومدنهم.
  • انسحاب أكثر من نصف القوات التركية إلى الحدود الشمالية السورية ما يشكل نصراً سياسياً للنظام السوري أمام مؤيديه وأمام الدول.
  • فوائد للنظام في مناطق شرق الفرات من خلال تعاون تركي – روسي لاستعادة بعض الأراضي وعودتها لسيطرة قوات النظام، ومحاصرة الميليشيات الكردية وإجبارها على التنازل مع قوة النظام وحصر توريد النفط والمحاصيل الزراعية من شرق الفرات عبر مناطق النظام.
  • عودة مناطق جنوب إدلب حتى خان شيخون ومورك لسيطرة قوات المعارضة بشروط عدم وجود السلاح والقبول بالدوريات الروسية – التركية المنظمة على الطرق الدولية وضمانة تركية لحلفائها من المعارضة.
  • عودة السكان والبدء بعمليات الاعمار بدعم من دول التطبيع العربي مع النظام السوري.
  • ازدهار اقتصادي في الشمال السوري يمهد للمصالحة ويقرب الحلول السياسية ويثبت وقف إطلاق النار ويوقف عمليات القتل والتهجير.
  • تسويق انتصار سياسي من قبل المعارضة الحليفة لتركيا بسبب إتمام عودة السكان وحركة اقتصادية وإعادة إعمار ترفع من أسهم قوات المعارضة أمام جمهورها.
  • ترسيخ زمني مؤقت لسيطرة قوات أمر الواقع على محافظة ادلب وفي مناطق الشمال السوري وهدوء عسكري يسمح بتسريع تحول هيئة تحرير الشام وغيرها إلى أحزاب سياسية تشارك في العملية السياسية النهائية في المستقبل.

من الممكن أن يكون هذا التحليل للتغيرات ما بعد قمة طهران غير مفيد للولايات المتحدة الأمريكية، ولكنه لا يخلو من أن يكون قد حصل على مباركتها بعد تسليم الملف السوري لروسيا ورضاها عن التمدد الإيراني في سورية وهدوء الجبهة الجنوبية المحاذية لإسرائيل بشكل تام.

1 تعليق
  1. يوسف says

    قالت صحيفة الوطن المقربة من حكومة النظام السوري نقلا عن مصادر “اقتصادية عربية” في مدينة إسطنبول، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ثابت على مواقفه التي أبداها من التقارب مع النظام في دمشق، وأن المصالحة بين الجانبين تتقدم سلم أولويات أردوغان في المرحلة المقبلة، وعزت ذلك إلى “عوائد اقتصادية وانتخابية مجزية” على حد قولها.
    وبحسب المصادر فإن أردوغان ليس بوارد الانقلاب على التفاهمات التي توصل إليها في قمة سوتشي الأخيرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو بصدد إظهار المزيد من بوادر حسن النية حيال “دمشق” لتحقيق انفراج في العلاقة المتأزمة بعد تسوية المسائل الخلافية بينهما.
    وترى هذه المصادر أن الفترة المقبلة ستشهد جملة من الإجراءات لتنفيذ المقاربات الروسية التي تدفع بالعلاقة السورية – التركية إلى طريق المصالحة، بعد عقد جولة من المفاوضات الأمنية بين استخبارات البلدين أظهرت التسريبات أنها بحاجة إلى تجسير التقارب وبرعاية موسكو لتقريب وجهات النظر وحل نقاط الاختلاف في ما يتعلق بشروط كل طرف للبدء بالحوار السياسي.
    #الحدث_سوريا

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني