fbpx

عمالة الأطفال

0 227

نعمل نتعب نشقى نعاني لنرى أطفالنا بخير، تكفي بسمة طفل لتذهب ما لحق بنا من ألم وقهر إنهم بهجة الحياة وأملها، الأمل بالمستقبل وغريزة الاستمرار.

الأطفال هم المستقبل لأي مجموعة بشرية، أو مجتمع أو دولة، لذلك كان الهاجس لدى المشرعين بحماية الطفولة، عبر قواعد قانونية، إما محلية تخص مجتمع ما أو دولة ما، أو عالمية عبر المنظمات الدولية الأمم المتحدة وما تفرع عنها أو ألحق بها من منظمات.  فما هو تعريف الطفل وفق المنظور العالمي لحقوق الطفل؟

“هو كل من لم يتجاوز /17/ سنة ولم يبلغ الرشد قبل ذلك بموجب القانون”  

ومن وجهة نظر المشرع السوري وموقفه تجاه الحماية المطلوبة للطفولة؟     

اهتم المشرع السوري بالطفولة وخصها ببعض القواعد القانونية لكنها لم تكن بحجم الحاجة الحقيقة للحماية الكاملة لعدم وجود مؤسسات وهيئات ترعى الطفل والأخص الطفل الفقير فما كان من تشريعات تجاه أهم مشكلة خطيرة وحقيقة تهدد الطفولة (عمالة الأطفال) غير كافية وقاصرة عن تحقيق الحماية بالرغم من العقوبات القانونية المنصوصة في القانون رقم /17/2010/ وهي غرامة مالية تتراوح ما بين خمسة وعشرين إلى خمسين ألف ليرة سورية. تلك الغرامة متناسبة مع الاتفاقيات العالمية لحقوق الطفل، وهي غرامة تصل لـ 2000 دولار أمريكي أي بالقيمة الحقيقية للنقد بتاريخ القانون. وأيد تطبيق القانون بالفصل الثاني عشر من القانون /17/ بتعاون المفتشين على العمل مع الضابطة العدلية لمراقبة تطبيق القانون، وكشف المخالفات لكن هذه النصوص حبيسة قيد الورق بعيدة عن التنفيذ في ظل وجود فساد مستشر.

انتشرت ظاهرة تشغيل الأطفال في سوريا رغم وجود قوانين تحظر ذلك بسبب الفقر والجهل، وزاد الأمر سوء الحرب وويلاتها حيث التسرب المدرسي وصل لأعداد خطيرة قدرتها منظمات الأمم المتحدة بمليونين ونصف المليون طفل متسرب بين لاجئ ونازح ومتشرد.

فالحرب تركت مشكلات وتحديات كبرى (اقتصادية واجتماعية وسياسية) 

بصمات الحرب على قطاع الطفولة الذي تعرض للإهمال واضحة واحتياجات أساسية يجب توفيرها لأي طفل بالعالم.

من الناحية التشريعية اعتمدت سورية إطاراً تشريعياً لحماية حقوق الطفل بشكل عام والأطفال العاملين بشكل خاص عبر مصادقتها على اتفاقيات دولية ذات صلة ومن عدة قوانين تنظم عمل الأطفال وتمنع استغلالهم وتشغيلهم في الأعمال الضارة.

قانون العمل الموحد /91/ عام /1959/ حدد سن العمل بـ/12/ سنة تم تعديل القانون بموجب القانون /24/عام /2000/ منع تشغيل الأطفال قبل /15/ سنة ومنعهم من دخول أماكن العمل ثم القانون /17/ عام /2010/ نظم تشغيل الأطفال بموجب المواد/113و114/ بينت قواعد تشغيل الأطفال، فمنعت التشغيل قبل /15/ سنة والمواد /15و18/ حددت المجالات المسموح بها ووفق شروط ومعايير محددة.

لأول مرة في سوريا قانون لحماية الطفل يمنع تشغيله حيث أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عن مشروع قانون لحماية الطفل ويشمل كل ما يخص حقوق الطفل. يتألف القانون من /68/ مادة تعنى بحقوق الطفل، بالحياة والتعليم والصحة وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والأيتام ومختلف التفاصيل الخاصة بمراحل الطفولة. لكن هل يظل القانون حبيس الأدراج، وأين تلك التشريعات من الواقع المأسوي للأطفال في سورية الذي دفعهم إلى المشاركة في الأعمال القتالية فلم يوفر طرف من الأطراف المتصارعة تشغيل الأطفال في الاقتتال وتعنيفهم واستغلالهم في ميادين الحرب، فهم الشريحة الأضعف والأشد تأثراً بالحرب ونتائجها.

حتى نكون محيطين بكل أوجه الحماية للطفل علينا معرفة حاجاته المتعددة ومنها:

– حاجات أساسية للحفاظ على حياة الطفل (المشي والأكل والكلام واستخدام العضلات) 

– مهارات أساسية (قراءة، كتابة، حساب، قواعد الأمن والسلامة، التفاعل مع الآخرين والمشاركة بالمسؤولية)

– حاجات نفسية (الحب، المحبة، رعاية الوالدين، إرضاء الكبار، التقدير الاجتماعي، الحرية، الاستقلال)

– تعلم المعايير السلوكية مثل تقبل السلطة وتحصيل النجاح والمكانة الاجتماعية واحترام الذات.

فأين أطفال العالم الثالث من تلك الحقوق وخاصة من يعيشون في ظل الحروب وعدم الاستقرار في بلدانهم رغم الاتفاقيات العالمية التي تسعى لحماية أطفال العالم.

منظمة العمل الدولية تسعى باتفاقيات تهدف على المدى البعيد للقضاء الكامل على عمالة الأطفال. بينت إحصائيات الأمم المتحدة أن /215/ مليون طفل دون سن الثامنة عشر في سوق العمل 72% منهم في أعمال خطيرة وأكثر من مليون في تجارة البشر. هذه الأرقام من المحتمل أن تكون أقل من الواقع لذلك كان من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وضع حد لعمالة الأطفال بحلول عام 2025 فخصصت يوم 12 حزيران كيوم عالمي لمكافحة عمل الأطفال.

أسباب العمالة اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، جغرافية، وسياسية.  ضرورة التزام الدول بمواد اتفاقية حقوق الطفل، واتخاذ جميع التدابير التشريعية، والاجتماعية، والاقتصادية، للحماية.

الأطفال ثروة قومية لأي مجتمع يجب رعايتها وحمايتها من الاستهلاك المبكر لقوتها المنتجة وعدم هدرها بما لا يحقق المردود الحقيقي منها لتكون بأشد وكامل إنتاجها مستقبلاً.

لا يكفي أن نشرع قواعد قانونية ونوقع اتفاقيات إذا لم يقترن ذلك بالتنفيذ وجعله مناط اهتمامنا. كما يجب أن ترقى التشريعات عموماً لمستوى المسؤولية الأخلاقية وأن تتبعها إرادة حقيقية في تنفيذها فالتشريعات السورية غير كافية للقضاء على عمالة الأطفال ولا حتى للحد منها في ظل إدارة فاسدة.

الاستعراض لا يحقق تطوراً ويستهلك الوقت والجهد ويولد الفساد لأنه ضرب من ضروب ودروب النفاق.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني