fbpx

“عدالة مُهانة”: اعتداء على قاضٍ في حلب يكشف هشاشة حماية السلطة القضائية

0 43

الشبكة السورية لحقوق الإنسان تدين بشدة تعرّض قاضٍ للضرب والاحتجاز من قبل عناصر أمنية أثناء تأديته لمهامه الرسمية، وتدعو إلى محاسبة عاجلة وشفافة.

في مشهد يعيد إلى الأذهان ممارسات القمع السلطوي، تعرّض القاضي أحمد مصطفى حسكل، قاضي التحقيق في مدينة حلب، لاعتداء جسدي ولفظي من قبل عناصر يتبعون لقوى الأمن الداخلي، التابعة لوزارة الداخلية في الحكومة السورية الانتقالية، وذلك أثناء قيامه بمهامه القضائية مساء السبت 24 أيار/مايو 2025.

الحادثة التي وقعت داخل حرم مشفى حلب الجامعي، تمثل – بحسب ما وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان – خرقاً فادحاً لحرمة القضاء، وانتهاكاً مباشراً لأسس استقلال السلطة القضائية المنصوص عليها في القوانين الوطنية والمعاهدات الدولية.

تفاصيل الاعتداء: القاضي في قفص الاتهام:

بحسب شهادات موثقة، توجه القاضي حسكل برفقة دورية أمنية للكشف على جثة ضحية جريمة قتل، حين نشب خلاف بينه وبين أحد العناصر بسبب اعتراضه على ترتيبات النقل.

تحول الخلاف سريعاً إلى اعتداء لفظي ثم جسدي، شارك فيه عدد من العناصر، وسط غياب أي تدخل لوقف الانتهاك.

ولم يتوقف الاعتداء عند هذا الحد، إذ تم احتجاز القاضي في قسم الأمن الداخلي بحي الصالحين، ووُضع في زنزانة انفرادية لمدة ست ساعات، تعرض خلالها لضرب ثانٍ، قبل أن يُفرج عنه صباح اليوم التالي بعد تدخل قضائي رفيع المستوى.

آثار مادية واضحة… وصور موثقة للاعتداء:

أظهرت الصور التي حصلت عليها الشبكة كدمات متفرقة على جسد القاضي، بما يدل على تعرضه لضرب مبرح.

كما نفت وزارة العدل في الحكومة الانتقالية الشائعات التي ربطت القاضي بأي انتماء سابق لمحكمة الإرهاب، واعتبرتها محاولات “رخيصة لتبرير الجريمة”.

انتهاك صارخ للقانون واستقلال القضاء:

وصفت الشبكة الحادثة بأنها تمثل:

– اعتداءً مباشراً على استقلال السلطة القضائية المنصوص عليه في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

– خرقاً لحرمة القضاة، واعتقالاً تعسفياً دون سند قانوني.

– مخالفة صارخة لحظر التعذيب وسوء المعاملة، وهو مبدأ قطعي في القانون الدولي.

دعوة عاجلة للمحاسبة ومنع الإفلات من العقاب:

في بيانها، طالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان باتخاذ الخطوات التالية:

1. فتح تحقيق مستقل وشفاف يشمل جميع المتورطين، داخل وخارج قسم الأمن.

2. إحالة المسؤولين إلى القضاء المختص بدلاً من الاكتفاء بإجراءات إدارية.

3. إعادة النظر في آلية التنسيق بين الأمن والقضاء، خاصة في القضايا الحساسة.

4. تشكيل لجنة رقابية مستقلة لمتابعة سلوك عناصر الأمن الداخلي.

5. إصدار بروتوكولات واضحة لتنظيم علاقة الأمن بالسلطة القضائية.

6. تنفيذ برامج تدريبية في مجال حقوق الإنسان للعناصر الأمنية.

7. نشر نتائج التحقيق للرأي العام تعزيزاً للشفافية وثقة المواطنين.

8. إطلاق آلية خاصة لحماية القضاة وضمان قدرتهم على أداء واجبهم دون ترهيب أو تدخل.

لا عدالة بلا احترام للقضاء:

إن تعرّض قاضٍ للضرب والاحتجاز بسبب أداء مهامه يمثّل جرس إنذار خطيراً، ليس فقط بشأن أداء أجهزة الأمن، بل حول قدرة الحكومة الانتقالية على بناء دولة قانون حقيقية.

إذا كانت السلطة القضائية تُهان دون محاسبة، فإن كل مواطن سوري معرض لأن يلقى المصير ذاته.

فحماية القضاة ليست امتيازاً، بل ضرورة لضمان العدالة لجميع المواطنين.

الكرامة القضائية خط أحمر… ومن يعتدي على القضاة يعتدي على الدولة ذاتها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني