fbpx

صفقة

0 33

استمرت اللعبة، قويت شوكتها.. اعتدت على الجيران.. أخلت البيوت من السكان.. اضطرّ بعضهم لترك بيوتهم خوفاً على أنفسهم.. صادرتها بحجة الأمن.. بنت أسوار حماية حول أملاكها، سألها ابن عمّها عن عفتها.. ضحكت، هي السياسة: أعطِ.. وخذ.. امتلاك القرية يحتاج تضحية…

تذكّرت اليوم الذي قدمت فيه إلى القرية برفقة والدها، وإعجابهما بخيراتها، وسحر طبيعتها، وكرم أهلها، فقررا الإقامة فيها. استأجرا منزلاً متواضعاً، وافتتح الأب مطعماً، الابنة نادلة ماهرة، وشباب القرية عن حسن نية أقبلوا عليه، كانت لطيفة معهم، أُعجبوا بها، وبذكائها، وبجمالها، ورشاقة قوامها، وصلت أخبارها إلى أبناء المسؤولين وكبار التجار، توافدوا على المطعم، ذُهلوا بمنطقها، وقوة شخصيتها، تقربوا منها، حاولوا التحرش بها، أخبرت والدها، ابتسم.. ألا ترغبين بالإقامة هنا؟ ألم نتفق على السكنى، والاستقرار…؟

– بلى، وما العمل؟

– السياسة يابنتي، خذيهم على قدر ما يطلبون.

راقتها الفكرة، في الصباح تزيّنت، قابلتهم بابتسامتها العذبة. سحرهم جمالها، وتسابقوا على ودّها. كانت تلاطفهم جميعاً، كشفت عن ذراعين بضتين، وحديقة صدر فاتنة. شُغفوا بها، وتودّدوا إليها. في اليوم التالي كشفت عن ساقين شمعيتين، واتسعت فتحة صدريتها، جُنّ الشباب.. تزاحموا على بابها، كانت بسمتها تفتح مغاليق جيوبهم؛ لتندلق الدنانير والدراهم. اشترت المطعم، ومنزلاً.

تقرّبوا.. وتناطحوا.. ومنّوا النفس، وهي تتمنّع. كلّ منهم يحلم بلمسها، أو قبلة عجلى. تعدهم، وينتظرون وعد عرقوب، وبين الوعد والوفاء يغدقون عليها بلا حساب، وهي تشتري البيوت. استولت على الكثير.. ساومتهم على ماتبقّى، طلبوا الوصال..  استفتت والدها.. قهقه ملء شدقيه، وماذا في ذلك؟ تحقيق الحلم يستصرخُ جمالك، أعطيهم.. دعيهم يأنسون، ويتناسون أنفسهم، وينسون القرية كلَّها.

استعدت للأيام، جلبت حراساً ودججتهم بالسلاح. وعدتهم.. أقسمت على الوفاء.. انتظروا، وهم يشاهدون حراسها يزدادون عدداً وعدة، وينتشرون في الأزقّةِ، وأبواب القرية. طالبوها الوفاء.. واعدتهم في الخفاء.. أقسموا على السكوت.. التقطت الكمرات الخفيّة صورهم، استخدمتها… خافوا من الفضيحة.. طأطؤوا رؤوسهم.

انبرى الأطفال للمطالبة.. جيّشوا الحشود.. قابلهم حراسها بالرصاص.. استصرخت الأخ الأكبر.. عقد صفقات مع زوّار ليلها: استنكروا ما تفعله نهاراً، واستمتعوا بحَضْنِها ليلاً…

استفاقت الحشود صباحاً.. الصفقة عُقِدَتْ.. والقرية طُوّقتْ.. وصرخات الاستنكار تتعالى. صاحبة العفة وصاحبها يسخران.. ويتشفّيان…

الصغار بيدهم الأحجار يهدّدون… ويتوعّدون…

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني