شهر رمضان المبارك يعمق جراح السوريين ما بين ظلام دامس وجوع قارص
تستقبل سوريا كما العالم الإسلامي أجمع شهر رمضان الكريم بأوضاع يسودها الاضطراب وعدم الاستقرار في معظم الدول الإسلامية وخاصة تلك التي اتخذت إيران فيها موطئ قدم فحولت حياة مواطنيها إلى سواد وضنك، كما هو حال العراق وسوريا واليمن وانضمت لها لبنان مؤخراً بفضل سياستها الداعمة للميلشيات الإجرامية والأنظمة القمعية وما تجره على شعوب المنطقة من عقوبات وحصار يكون المتضرر الأكبر منها المواطنون الأبرياء، ولا يوجد في خطط إيران سوى الشق العسكري فتراها تدعم النظام بكل ما أوتيت من قوة بالعتاد والسلاح وتقديم الدعم للمليشيات سواء السورية منها أو الأجنبية، ولكن لم يسبق لها طوال سني الحرب أن قدمت أي دعم للمواطنين سواء مساعدات مادية أو حتى معنوية أو حتى مشتقات نفطية.
وقد يبرر بعضهم قائلاً: إنها أيضاً محاصرة وممنوعة من الاستيراد والتصدير لكن كيف تستطيع الأسلحة والمعدات العسكرية والميلشيات أن تصل بينما المواد الغذائية والأدوية تخضع للرقابة والمنع.
ومع الإطلالة الأولى لهلال شهر رمضان المبارك كانت دمشق وأريافها وسائر مناطق النظام تغرق في ظلام دامس نتيجة انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل بسبب توقف محطتين لتوليد الكهرباء عن العمل بسبب انقطاع الفيول اللازم لتشغيلها، رغم إعلان وزير الكهرباء سابقاً أنه في رمضان لن يكون هناك قطع للتيار الكهربائي ليلاً لتسهيل حياة المواطنين، لكن كما اعتاد المواطن السوري الكذب المستمر سواء من رأس النظام أو العاملين فيه فقد استقبل رمضان في ظلام حالك، زاده سوءاً البرد الشديد الذي تتعرض له دمشق نتيجة منخفض يضرب المنطقة، وانقطاع الكهرباء لم يجلب الظلام فقط فقد أوقف حياة بعض المواطنين الذين يعتمدون على الطباخات الكهربائية لتحضير طعامهم بسبب انقطاع مادة الغاز المنزلي لفترات طويلة تصل إلى شهرين أو أكثر بحسب البطاقة الذكية التي فرضتها أسماء الأسد على المواطنين.
وقد شهدت مناطق الغوطة الشرقية انقطاعاً تاماً لمادة الغاز، ما اضطر الأهالي للاعتماد على الحطب لتحضير طعامهم، ولم تكن الكهرباء فحسب هم المواطنين، بل ضيق المعيشة وغلاء الأسعار، أشد قسوة ووطأة إذ استمرت الأسعار في الارتفاع الخيالي رغم إعلان المصرف عن تخفيض سعر الدولار إلى حدود 3200 ليرة بعد أن كان قد تجاوز 4800.
إلا أن تلك التخفيضات لم تنعكس على السوق أبداً ويتذرع المسؤولون بأن التجار قد اشتروا سلعهم بأسعار عالية ولا يستطيعون أن يبيعوا بأسعار أقل، أي انخفاض سعر الصرف لم يفد المواطنين أبداً فمازالوا يشترون بالسعر القديم المرتفع، وقد قامت نينار برس بالحديث إلى المواطنين وسؤالهم عن انعكاسات الحصار على حياتهم وخاصة في الشهر الكريم، وقد أخبرنا أبو حسام وهو صاحب محل جزارة في أحد أرياف دمشق أنه لا يوجد بيع للحوم أبداً وأن الناس قد استغنت بشكل كامل عنها نظراً لغلاء أسعارها إذ وصل سعر كيلو اللحم إلى 24000 ل.س وأنه لم يعد يذبح بشكل يومي خوفاً من فساد اللحم بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، أما السيدة س.ع فقد أخبرتنا أنها تعتمد في إفطار أطفالها على المجدرة والبطاطا ولأول مرة في حياتها تغيب اللحوم عن مائدة إفطارها وحتى ما يسمى (حواضر) أي الأجبان والألبان عجزت عن شرائها بسبب غلاء أسعارها وتعتمد على مساعدات الناس بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء وقت الإفطار والسحور ما يزيد الطين بله، وقد قامت حماية المستهلك مؤخراً بتثبيت أسعار المواد ولكن وفقاً لتلك الأسعار، فإن الأسرة السورية التي تتكون من خمسة أشخاص تحتاج كمتوسط دخل 700 ألف ليرة سورية للمواد الأساسية فقط بينما سقف الرواتب الحكومية 60000 ليرة سورية ولا يوجد أي نية لرفع الرواتب خاصة في ظل الحصار والانهيار الاقتصادي.
وكمتابع لحالة الداخل السوري وخاصة مناطق النظام نجد تململاً كبيراً حتى في صفوف المؤيدين، في ظل الفشل الإداري الكبير والانهيار الاقتصادي الشديد الذي تعيشه فهل ستذهب سوريا إلى ثورة جياع أم سيتدخل العالم لإنهاء هذه المأساة التي يعيشها الشعب أم سيستمر النظام في إنكار الواقع والذهاب إلى مسرحية الانتخابات التي ينافس فيها بشار الأسد نفسه والتي ستؤدي إلى انهيار ما تبقى من سوريا.