fbpx

سوريا تحت الانتداب الاقتصادي الروسي

0 495

منذ بداية
مشاركتها في الحرب السورية إلى جانب النظام السوري ضد شعبة عام 2015 اتخذت روسيا
منحى مختلفاً عن المنحى الإيراني في شكل تدخلها في الحرب وذلك لاختلاف الأسباب
الدافعة للتدخل فهي لا تمتلك إيدلوجيا دينية ترغب في نشرها في المجتمع السوري وليس
لها وجود في العراق أو لبنان لتعززه بوجودها في سوريا إنما كانت فرصة لن تتكرر
لموضع قدم على المياه الدافئة في المتوسط وورقة ضغط تعزز مكانتها العالمية الآخذة
بالازدياد.

وعلى هذا لم
تقدم الدعم العسكري الجوي واللوجستي للنظام مجاناً فكان لابدّ من ثمن لهذا التدخل
وعلى الشعب والأرض السورية دفعها. لتتحول سوريا الى مستعمرة روسية شيئاً فشيئاً
وبأقل التكاليف والخسائر.

اعتماداً على
أحدث إحصائية، فإن روسيا أنفقت على عملياتها العسكرية في سوريا، خلال 30 شهراً (من
30 سبتمبر 2015 حتى 28 فبراير 2018) نحو 3.06 مليارات دولار.

بالمقابل حصلت
روسيا خلال خمسة السنوات الماضية على امتيازات اقتصادية كبيرة على الأرض السورية
تضاف إلى حجم استثماراتها في سوريا قبل الثورة والذي كان يقدر بـ 18 مليار دولار.

ومن هذه
المكاسب نذكر:

●                  
عقد
“عمريت” الذي يتيح لشركة “سبوز” التنقيب عن النفط والغاز لمدة
25 عاماً جنوب طرطوس وصولاً إلى مدينة بانياس وبعمق شاطئ يقدر بنحو 70 كلم، بمساحة
تقدر بنحو 2200 كلم2. ومنها عقد آخر مع الشركة ذاتها للتنقيب عن النفط
والغاز في حقل قارة بريف حمص، وهو أحد أغنى المناطق بالغاز الطبيعي.

●                  
وقعت
شركة “ستروي ترانس غاز” في وقت سابق عقداً مع “المؤسسة العامة
للجيولوجيا” وبنت بموجبه الشركة محطة لمعالجة الغاز الطبيعي. وينص العقد على
حق استخراج الفوسفات من مناجم تدمر الشرقية لفترة 50 عاماً، وبحجم إنتاج يُقدر
بنحو 2.2 مليون طن سنوياً، تبلغ الحصة السورية منه 30%.

●                  
اتفاق
لتوسيع مرفأ طرطوس، وتحويله إلى قاعدةٍ ثابتةٍ للسفن النووية الروسية.

●                  
عقد
صفقة أسلحةٍ روسيةٍ مع سوريا تتمثل في شراء الأخيرة (بالتقسيط أو بالدين): “طائرات
ميج 29 SMT مقاتلة، ونظم بانتسير إس
1 إي الدفاعية، ونظم صواريخ إسكندر الدفاعية، وطائرات ياك 130، وغوّاصتين من طراز
آمور1650. تم تسليمها مؤخراً قبل نفاذ قانون قيصر.

●                  
توريد
مئات آلاف أطنان القمح إلى سوريا عبر صفقات مع الحكومة، إلى جانب قيام شركة
“سوفوكريم” الروسية ببناء وترميم المطاحن.

بعد إقرار
قانون قيصر:

بقيت روسيا
تلعب على التوازنات الإقليمية والدولية فهي تلوح بالعصا والجزرة دائماً وتحاول مد
اليد لبعض  كيانات المعارضة السورية وعدم
تصعيد العلاقة مع تركيا لحد التصادم وعلاقات مميزة مع مصر ودول الخليج والعراق
وتفاهم استراتيجي مع أمريكا في شمال شرق سوريا 
كل ذلك أملاً بأن تكون الراعي الرسمي لعملية إعادة الإعمار في سوريا.. لكن
الذي حدث الآن بعد إقرار قانون قيصر والذي يحرمها بشكل أو بآخر من كعكه إعادة
الإعمار بدأت تفكر بنمط آخر للهيمنة الاقتصادية على سوريا ملقية بعرض الحائط عملية
إعادة الإعمار التي قد لن تحدث وفق ما تتمناه.

تشير التقارير
غير الرسمية وتصريحات بعض المعارضين ومنهم فراس طلاس مؤخراً بأن روسيا تسعى
للاستحواذ على أراض ومواقع في سوريا أغلبها في الساحل السوري لتحويلها الى منشآت
اقتصادية تابعة لها وبإدارتها.

فقد كشف طلاس (وهو
الذي يعرف مالا يعرفه الآخرون كما يدعي) عن الأهداف الاقتصادية الجديدة للرئيس
الروسي فلاديمير بوتين، في سوريا، والتي تتفاوض عليها وزارتا الخارجية والدفاع
الروسيتين مع “نظام الأسد”.

وأشار إلى
إمكانية مشاركة روسيا لهذه “الشركات في المشاريع العمرانية والسياحية الضخمة
عبر ملكية الأرض وإصدار القرارات اللازمة (من موسكو طبعاً) لتحويلها إلى مشاريع
رابحة”.

وأوضح أن المشاريع مثل “فنادق ومناطق تجارية مفتوحة أو كازينوهات أو
محطات توليد طاقة أو سكة حديد ضخمة تنقل البضائع بين طرطوس والخليج”.

وتابع بقوله:
“يجول حوالي عشرة ملايين سائح روسي المنطقة كسياح وأكثر من خمسة أضعافهم من
الصينيين، لذلك ستنشئ روسيا لهم المدن السياحية على المتوسط وستهتم بتوسيع مطار
اللاذقية توسيعاً كبيراً”.

وأكد
“طلاس” أن “ميناء طرطوس ومحطات في جهات سوريا الأربع محمية بالقوات
الروسية، وباقي سوريا يبقى عالقاً في العنف والفقر، لن يمس قانون سيزر هذه الشركات
فهي ليست لدعم نظام الأسد أبداً وإنما لدعم خزائن موسكو”.

واعتبر أن
“المناطق السورية التي سيستولي عليها الاحتلال الروسي ستلبي حاجة الروس
والصينيين إلى أماكن سياحية، من خلال إنشاء مدن سياحية على المتوسط، وهي محمية من
الروس ولن يمسها قانون (سيزر)”.

أيا تكن دقة
تلك المعلومات الطلاسية لكن بطبيعة الحال هنالك واقع لا يمكن إخفاؤه وهو أن
انتداباً روسيا قادما الى سوريا لا محال.

ويبرز ذلك
بتكهنات بعضهم بأن التصعيد الأخير بين رامي ومخلوف وبشار لم يكن عبثياً أو ردة فعل
على تدخل زوجة بشار أو ضرائب أو تقاسم للغنائم بل هو أبعد من ذلك. فروسيا بطبيعة
الحال تحتاج لرجال أعمال موالين لها ينفذون مشروعها الاقتصادي على الأرض وهؤلاء
يفضل أن يكونوا من الطائفة العلوية ومن الساحل السوري حيث تتمركز أغلب المشاريع
المزمع إنشاؤها. ولن تجد أفضل من رامي مخلوف الذي يتمتع بشعبية نسبية بين أبناء
المنطقة ونفوذ مالي وسياسي وطبعاً أموال وشركات عالمية.

أين إيران من
كل ذلك؟!

 إيران أيضا لن تخرج من المولد بلا حمص كما يقال
فهي التي أمدت النظام بشريان الحياة وصرفت عليه المليارات ليبقى على قيد السلطة
حيث قامت خلال العقد الماضي بنسج شبكات اقتصادية كبيرة في سوريا عبر التغلغل في
نسيج المجتمع السوري وفي كل المناطق تقريباً وأصبح لها رجال أعمال وموالون ووكلاء
ولا أعتقد أنها ستخرج بسهولة وتترك الكعكة ليأكلها الروسي بسهوله. لكن الذي يدعم
موقف روسيا الآن في سوريا أن روسيا مقبولة عربياً ودولياً كبديل لإيران القوية على
الأرض والمنبوذة دولياً فإذا ما تمت صفقة إقليمية ودولية لإزاحة بشار الأسد بحيث
تضمن روسيا نظاماً جديداً تابعاً لها ستضع كل ثقلها لإزاحة إيران عن المشهد
والاستئثار بسوريا أرضاً ونظاماً إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني