نظَّمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الخميس 25 آذار 2021، فعالية على منصات التواصل الاجتماعي، بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة السورية، بمشاركة عدد من دول العالم، على هامش مؤتمر بروكسل الخامس.
إيما بيلز
افتتحت الجلسة السيدة إيما بيلز، محررة موقع سيريا إن كونتكست، مشيرة إلى أن هذه الفعالية تأتي مواكبة لمرور عقد على انطلاق الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في سوريا، تم خلاله تهجير نصف الشعب السوري، وقتل مئات الآلاف، ومثلهم معتقلين، ومنهم من مات تحت التعذيب، وأكثر من مئة ألف لايزالون مجهولي المصير.
وأضافت السيدة إيما بيلز أن انتهاكات حقوق الإنسان هي العلامة الأساسية للصراع في سوريا، مشيرة إلى استخدام مختلف أنواع الأسلحة من البراميل المتفجرة، والأسلحة الكيماوية، واستهداف مباني وعمال الإغاثة، والتشريد القسري، والاعتقالات، والإعدامات، وقائمة تكاد لا تنتهي.
وشددت السيدة بيلز، وهي كبيرة مستشاري المعهد الأوروبي للسلام، على أهمية إيجاد حل سياسي لمواجهة الانتهاكات التي حصلت في العقد الماضي، وتقديم خارطة طريق لمستقبل آمن وحر وكريم لسوريا.
فضل عبد الغني
ثم تحدث السيد فضل عبد الغني، المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان، وأشار في مداخلته إلى أهمية توثيق الانتهاكات على مدى عقد دام، مشيراً إلى صعوبة العمل وحساسيته، لأنه يقوم على توثيق أنماط متعددة من الانتهاكات، ومتابعة توثيقها، من أجل بناء قاعدة بيانات أقرب ما تكون إلى الواقع.
وأورد السيد عبد الغني إحصائيات لأبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، موضحا أن صلب العمل يرتكز في جوهره على الضحايا والناجين، وأن أحد أهم أسباب استمرار فريق العمل هو لأنهم ضحايا، يعملون من أجل ضحايا آخرين.
وأضاف السيد عبد الغني أن المخطط التراكمي للانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في سوريا، وهذا الكم المرعب من الخسائر البشرية الأسوأ في العالم لم يحصل خلال أيام أو أسابيع، بل هي حصيلة عشر سنوات من الاستمرار في الإفلات من العقاب، لجرائم ضد الإنسانية.
وأوضح السيد عبد الغني أن الإفلات من العقاب كان ينبغي أن يتوقف منذ الأشهر الأولى لقيام النظام السوري، بالقتل خارج نطاق القانون، والتعذيب، والاختفاء القسري، كما أشار لذلك التقرير الأول الصادر للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بتاريخ15 أيلول 2011، وكذلك التقرير الأول الصادر عن لجنة التحقيق الدولية بتاريخ 23 نوفمبر2011.
وأكد السيد عبد الغني أن توثيق الأحداث هو عملية تأريخ لحقيقة ما وقع بدقة وموضوعية، من أجل الحفاظ على سردية ما حصل وفق التسلسل والسياق الزمني، ما يحمل جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية مسؤوليتها التاريخية والقانونية والأخلاقية.
وأضاف السيد عبد الغني أن هذه البيانات تستخدم من قبل المنظمات الدولية الشريكة، والأمم المتحدة بمختلف أقسامها، والدول الصديقة في مسار العدالة الانتقالية والمحاسبة، بما في ذلك فرض عقوبات على مرتكبي الانتهاكات، وملاحقتهم قضائياً، وفضحهم أمام الرأي العام، وبالتالي منعهم من الاشتراك في مستقبل سوريا الديمقراطي.
وختم السيد عبد الغني حديثه بالقول، نأمل كمدافعين عن حقوق الإنسان أن نشاهد ردات فعل حقيقية استناداً إلى البيانات الموثقة، وأن توظف تلك البيانات في اتخاذ خطوات جدية نحو إيقاف جرائم الحرب في سوريا، وتضمينها في مسار العدالة الانتقالية، وإنجاز انتقال سياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254، نحو دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان.
نعمة العلواني
ثم تحدثت السيدة نعمة العلواني عن تجربتها الشخصية بداية الحراك الشعبي في سوريا، ومشاركتها في النشاط السلمي، وفي المظاهرات، وعن تعرضها للاعتقال من قبل قوات الأمن التابع للنظام السوري، حيث ذكرت تفاصيل معاناتها مع التعذيب، وظروف الاعتقال اللاإنسانية لمدة سبعة أشهر وخمسة عشر يوماً، ووصفتها برحلة العذاب التي لا تتمناها لأي إنسان حتى لو كان عدواً لها.
قالت السيدة نعمة: “لدى اعتقالي قضيت قرابة 18 يوماً متواصلة في الزنزانة المنفردة، لم أخرج منها إلا للتحقيق، أرهقت عقلياً، وتكررت لدي نوبات من الصراخ، وكنت أضرب رأسي بالجدار.”
وأضافت السيدة نعمة “قضيت شهرين في السجن المركزي بطرطوس، كانت ظروف السجن هناك سيئة للغاية لدرجة أنني تمنيت العودة إلى الزنزانة المنفردة، وبعدها تم نقلي إلى سجن الأمن السياسي في دمشق، بسيارات مخصصة لنقل اللحوم.”
وفي حديثها عن ظروف الاحتجاز في سجن الأمن السياسي بدمشق قالت: “رأيت لدى دخولي معتقلين عراة، ومعتقلين ممن تم تعذيبهم بطريقة الشبح، وكنا نسمع أخبار عمن يعذبون ويقتلون.”
وذكرت السيدة نعمة أن أحلام المعتقلين في سجون النظام السوري بسيطة، أن يتدفأ في الشتاء، وينظف رأسه من القمل. وأضافت “كنت أحلم بكأس من الشاي، وأن ألمس شعر أمي، وألاعب قطتي.”
وفي ختام حديثها أكدت السيدة نعمة على أهمية إطلاق سراح المعتقلين بقولها “كنت أتخيل أن جميع الناس خارج السجن يسعون لأن يتم إطلاق سراحي، لذلك أنا الآن أشعر بالذنب لعدم قدرتي على التأثير، ودعم قضية المعتقلين، ليتم إطلاق سراحهم، وأضافت أن قضية الاعتقال كارثة حقيقية، والمعتقلون ليسوا مجرد أرقام، إنهم بشر، وأنا أمامكم واحدة منهم.”
كريستوفر لو مون
أما السيد كريستوفر لو مون، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العمل وحقوق الإنسان والديمقراطية، في وزارة الخارجية الأمريكية، فقد بدأ مداخلته بالقول: “كلنا نعلم أن السوريين نزلوا إلى الشوارع منذ عشر سنوات في تظاهرات سلمية في جميع أنحاء سوريا، مطالبين بحقوقهم بكل شجاعة بإنهاء الدكتاتورية، والفساد الحكومي، وخروقات حقوق الإنسان، ولكنها قوبلت بلا إنسانية نظام الأسد الذي أعلن الحرب على الشعب السوري.”
وأضاف السيد كريستوفر “يجب أن نكون صادقين، إنها حرب ضد المدنيين، استمرت عشر سنوات، على الرغم من محاولات الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني، للوصول إلى حل سلمي في سوريا.”
وأوضح السيد كريستوفر أنه للوصول إلى أمن واستقرار في سوريا “على نظام الأسد إنهاء حملته العسكرية اللاإنسانية، وأن يشارك مشاركة حقيقية في العملية السياسية، أن يقدم معلومات عن أكثر من مئة ألف مواطن سوري، لايزالون قيد الاختفاء، بعد اعتقالهم غير المشروع.”
وأكد السيد كريستوفر أن الولايات المتحدة الأمريكية ستستمر باستخدام قانون قيصر كأداة اقتصادية لدعم حقوق الإنسان، والحد من قدرة الأسد وداعميه على جني الأرباح من النزاع المستمر، وعمليات إعادة البناء والاستيلاء على ممتلكات السوريين الذين أجبروا على الهرب.
وختم السيد كريستوفر مداخلته بدعوة المجتمع الدولي أن يجمع قواه لتأمين العدالة للسوريين، والمحاسبة لمن ارتكب الانتهاكات بحقهم.
إيميل دي بونت
تحدث السيد إيميل دي بونت، المبعوث الخاص إلى سوريا، في وزارة الخارجية الهولندية، في مداخلته عن الذرائع التي يختبئ ورائها بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، مشيراً إلى التطورات التي حصلت في النصف الثاني من القرن الماضي التي حملت الدول الأعضاء على عاتقها العديد من الالتزامات الإضافية من خلال القانون الدولي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها، مؤكداً أن النظام السوري بمساعدة داعميه ينتهك كل هذه القوانين.
وأشار السيد دي بونت أن النظام الدولي لنا جميعاً، ويقع على عاتقنا مسؤولية تطبيقه، وأوضح أن عشر سنوات من النزاع الدموي، والجرائم الشنيعة، ومعاناة عشرات الملايين من السوريين، ثم نصل إلى طريق مسدود على المستوى الدولي. وأضاف أن ما يحصل في سوريا هو خزي لنا جميعاً، لوجود مثل النظام السوري الذي لايوجد لديه أي ذرة حياء.
وأوضح السيد دي بونت أن حكومة بلاده (هولندا) في طليعة الدول الساعية نحو المساءلة، عبر دعم الآلية الدولية المحايدة المستقلة IIM، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مشيراً إلى أنه قد ينتهي الأمر إلى محكمة العدل الدولية.
وأشار السيد دي بونت في ختام حديثة “إن الوصول إلى العدالة يمشي ببطء، ولكن سوف نصل إليه في نهاية المطاف، وإن يوم محاسبة النظام السوري آت لا محالة.”
ترويلز جيسلا إنجل
قال الدكتور ترويلز جيسلا إنجل، كبير مستشاري تحقيق الاستقرار في سوريا، في وزارة الخارجية الدنماركية، في مداخلته “إن ما يجري في سوريا، هو كارثة إنسانية من صنع البشر، ويجب إيقافها، مشيراً إلى مسؤولية النظام السوري وداعميه الأجانب عن أكثر من 90% من هذه الانتهاكات.
كما أوضح دور النظام السوري وحلفائه في عرقلة الحل السياسي في سوريا، وعدم جديتهم في تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، مؤكداً أنه الطريق الوحيد للسلام والاستقرار في سوريا.
وأشار الدكتور ترويلز إلى كلمة وزير خارجية الدنمارك، بمناسبة الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة السورية “نحن نكافح الإفلات من العقاب بجميع أنواعه، إن شخصاً مثل الأسد متهم بارتكاب انتهاكات موثقة ضد الإنسانية، مكانه في محكمة جرائم الحرب، وليس رئيساً للبلد الذي يدمره منذ عقد من الزمن.”
أنتوان أليرتير
أشاد السيد أنتوان أليرتير، نائب القنصل العام، ومستشار بشأن سوريا، في وزارة الخارجية الفرنسية، في مداخلته بشجاعة السوريين المتظاهرين في الاحتجاجات السلمية قبل عشر سنوات من أجل الكرامة والعدالة، ولم تتغير مطالبهم حتى اليوم، مشيراً إلى تسبب النظام السوري في معاناة إنسانية هائلة، وارتكابه جرائم وانتهاكات فظيعة لا مثيل لها في تاريخ البشرية.
وأضاف: إن هذه الجرائم يجب ألا تمر دون عقاب، وأن وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب، هو أمر أساسي لتحقيق سلام دائم ومصالحة حقيقية في سوريا.
وأشار السيد أنتوان إلى أن القضاء الفرنسي يقوم بواجبه في كفاحه ضد الإفلات من العقاب، من خلال متابعته نحو 40 دعوى تتعلق بجرائم ارتكبت في سوريا. مؤكداً أن فرنسا ستسعى بلا كلل إلى محاسبة المسؤولين عن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية.
واختتم مداخلته بالتأكيد على أن خارطة الطريق الوحيدة لوضع حد للنزاع في سوريا، وإنهاء معاناة الشعب السوري، هي بعملية سياسية شاملة، ذات مصداقية بقيادة سورية، تسهلها الأمم المتحدة وفقاً لجميع عناصر القرار 2254.