سحبتها منذ 15 سنة.. هل تعيد أميركا صواريخها النووية إلى بريطانيا؟
أثار بند في ميزانية وزارة الدفاع الأميركية كثيراً من الجدل في بريطانيا، وذلك لأنه يفتح الباب أمام عودة الصواريخ النووية الأميركية إلى القواعد العسكرية في بريطانيا بعد 15 سنة من الغياب، في سعي من الولايات المتحدة لزيادة ترسانتها النووية في أوروبا.
وحصلت القوات الجوية الأميركية على تمويل بقيمة 50 مليون دولار، من أجل توسيع حضورها في قاعدة عسكرية أميركية داخل الأراضي البريطانية، تمهيدا لنقل صواريخ نووية، تفاعلاً مع تطورات الحرب في أوكرانيا.
وحسب ما جاء في ميزانية القوات الجوية الأميركية، فإن هذه الميزانية مخصصة لتشييد مكان لإيواء 144 جنديا في القاعدة الجوية العسكرية “لاكين هيث”، وهي قاعدة أميركية تقع شمال شرق لندن، وتضع فيها القوات الجوية الأميركية عددا من طائرات “إف-35” المتطورة.
هذه الخطوة أثارت كثيرا من الجدل في بريطانيا؛ كونها أول خطوة من نوعها منذ عام 2008 عندما سحبت الولايات المتحدة كل صواريخها النووية، كما وصفتها روسيا بالخطوة الاستفزازية التي سترد عليها بالطريقة المناسبة.
سلاح تكتيكي وحزام نووي
في هذا السياق، يرى محرر الشؤون العسكرية في مجلة “إيكونوميست” البريطانية شاشانك جوشي أن الخطوة الأميركية “قد تدخل في إطار خطة للولايات المتحدة لإعادة نشر عدد من صواريخها النووية في القارة الأوروبية”، مضيفا أن واشنطن بدأت هذا المخطط منذ العالم الماضي عندما أرسلت قاذفات إستراتيجية من طراز “بي-52 إتش ستراتوفورترس” إلى بريطانيا.
وفي حديثه للصحافة، لفت الخبير العسكري البريطاني إلى أن السؤال هو عن طبيعة هذه الصواريخ: “هل هي صواريخ إستراتيجية أم تكتيكية؟”، لأن الولايات المتحدة تتوفر لديها ترسانة ضخمة من صواريخ “بي 61″، ويقدر عددها بنحو 100 صاروخ موزعة على 5 دول، وهي بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وتركيا وهولندا، مضيفا أن ما تريده الولايات المتحدة هو “وضع حزام نووي حول أوروبا لطمأنة جميع الحلفاء”.
ويبقى السؤال مفتوحاً حول حاجة بريطانيا لصواريخ نووية ما دامت هي نفسها دولة نووية، وهنا يجيب الخبير العسكري جوشي بأن ما سوف ترسله الولايات المتحدة “هي الصواريخ النووية التكتيكية على الأغلب؛ ذلك أن ما تمتلكه بريطانيا صواريخ نووية إستراتيجية وأغلبها موجود في غواصات نووية أو في قواعد باسكتلندا، وهذه تستعمل كخيار أخير فقط”.
وأضاف محرر الشؤون العسكرية البريطاني أن “السلاح النووي التكتيكي الأميركي لمواجهة التهديد الروسي، لأن موسكو هي الأخرى تقوم بتحريك صواريخها الفرط صوتية نحو كالينينغراد، وتنشر صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا، وهو ما يجعل كل أوروبا في مرمى الصواريخ الروسية”.
وتريد الولايات المتحدة “أن تضم كل حلفائها ضمن مهمة ردع نووية، وأيضا من أجل طمأنة الدول الأوروبية ضد التهديدات النووية الروسية”.
خطر على الأمن القومي
في المقابل، ترى الأمينة العامة لحملة نزع الأسلحة النووية كيت هدسون أن هذا التطور يضع بريطانيا في مقدمة الصف في حال اندلاع أي مواجهة نووية بين الغرب وروسيا.
وفي حديثها للصحافة، قالت هدسون إن الخطوة الأميركية “تجعل من بريطانيا هدفا حقيقيا في حال اندلاع حرب نووية بين الولايات المتحدة ودولة نووية أخرى، وستكون قاعدة لاكين هيث، حيث تتمركز القاذفات الإستراتيجية وربما الصواريخ النووية، على رأس القائمة لكل من يريد أن يوجه ضربة قوية للولايات المتحدة”.
وأضافت الناشطة والسياسية البريطانية أنه “من المشين أن المملكة المتحدة منحت السيطرة الكاملة على قاعدة لاكين هيث الجوية للولايات المتحدة، بحيث يمكنها جلب الأسلحة النووية إلى هناك من دون أي تدقيق برلماني بريطاني. إنه أمر صادم للغاية وغير ديمقراطي. ونحن نرى بالفعل كيف يعرضنا هذا للخطر، لقد ردت روسيا كما هو متوقع من خلال التأكيد أنها ستتخذ إجراءات مضادة”.
وقالت هدسون إن بريطانيا قبل الحرب في أوكرانيا “بدأت في التراجع عن إستراتيجية نزع السلاح النووي التي دامت لـ 30 سنة، وأعلنت أنها سوف ترفع ترسانتها النووية بنحو 40%”، محذرة من مخاطر دخول العالم في سباق تسلح نووي، “لقد زاد المخزون النووي في العالم عام 2022 لأول مرة منذ عقود، وهذا اتجاه خطير للغاية، خاصة أن جميع الدول المسلحة نوويا تعمل على تحديث ترسانتها النووية”.