fbpx

رسالة

0 282

أيها الزلزال أعلم بأنك تأتي على حين غرة، وتدخل البيوت قبل أن تدق أبوابها، وليس بيننا تواصل كي نقيم استقبالاً احتفالياً بقدومك، أيها الموت المختبئ في أعماق الأرض، لو أنك تلوح لنا براية كالموت الذي ينام معنا، ونحس في كل آن بعبثه الذي لا ينتهي.

أيها الموت الذي يأتي قبل الأوان دون أن يحمل الحقد في قلبه الصخري، أصم أبكم أعمى أنت. وكل أدعية الخلق اتقاء شرك هباءً تذهب.

أيها الزلزال يا قهقهة الأرض التي تداعب خاصرتها، كلما اشتدت قهقهتك، اشتد العدم قسوةً، ما أقساك.

يا رحم الأرض الولود منذ اغتسال وجهك بماء الحياة، رحم ولود أنت بلا نطفة من شيء، وغريب أنت، تخلق الحياة والموت معاً.

تنفجر وتهتز، تتبرج، وأنت اسم مذكر، أتدري بأن تلك اللغة الخبيثة القاسية ذكّرت كل أعضاء الولادة، أتراها كي تبرأ الأنثى من عنف الولادة، رحم ومذكر، نهد ومذكر، فرج ومذكر، بظر ومذكر.

حتى أنت أيها الزلزال مذكر. الإله والملاك والنبي أسماء مذكرة، ولم يعد في الكون آلهات خصب وجمال.

أيها الزلزال أنا لا أكتب هذه الرسالة إليك: فلك لغتك ولا تجيد قراءة لغتي، ولن تجيدها، فلغة الأرض حركات غاضبة وأخرى أنيسة. زلزال اعصار طوفان بركان، نسمة غيمة، مطر، شجر، كهف.

أكتب هذه الرسالة للأحياء الخالين من الذاكرة.

نسوا ماضيك، وكأنك لن تأتي إلينا ثانية، نسوا قسوتك، وكأنك ستأتي رحيماً، يتوهمون وأسباب حضورك صارت معروفة.

لا ليس شماتة ممن بقي حياً على هذه الأرض، لكن العقل البليد، هو الآخر قاتل.

أكتب عن هذا الدمار الكلي، عن الزلزال ذي الوجوه المتعددة: زلزال العقل الأحمق الذي أودى بأرواح تحب الحياة، زلزال قلب غبي يقهقه فرحاً بالمأساة التي صنعها، زلزال أرض أرحم ليس في نيته قتلي.

أيها البركان انفجر، ويا جرماً تائهاً في السماء تعال وأنقذنا، ولكن لا تقتل طفلاً على هذه الأرض، عل الطفل يعيد سيرة الحياة الأولى بروح جديدة، لقد مللنا من الانتظار.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني