fbpx

دمشق تحت انتداب المُصدر الأول للغاز بدون غاز والاسطوانة الزرقاء أضحت حلم الدمشقيين

0 177

يقف العم أبو أحمد تحت المطر الشديد بساقين تكادان تحملانه ويدان ترتجفان من البرد ورأسه وثيابه يقطران ماء من شدة المطر وبجواره سبب تعاسته وبؤسه الحالي كما يقول إسطوانة الغاز الفارغة وينتظر بفارغ الصبر سيارة التوزيع كما ينتظر الجائع طعامه في طابور طويل، وقد أخبرني أنه لم يستلم مادة الغاز منذ أكثر من 3 أشهر على رغم من وصول رسالة الاستلام ولكنه يذهب للاستلام ولا يجد شيئاً وينتظر لمدة لا تقل عن 4 ساعات دون أي جدوى وتكرر معه الأمر 5 مرات وكانت لحظة مشاهدتنا له هي السادسة وأخبرنا أنه حتى أسطوانته الأخرى فارغة وينتظر الكهرباء السيئة ليستطيع الطهي وأن زوجته تذهب للجيران لتطبخ عندهم أو لتغلي إبريق شاي وتركنا وذهب مسرعاً عندما جاءت سيارة الغاز ليستطيع الحصول على أسطوانته المنشودة.

هذا حال السوريين تقريباً منذ حوالي عام، منذ أن تقرر توزيع الغاز على البطاقة الذكية ويسمح لكل عائلة بأسطوانة واحدة فقط كل 60 يوم لكن منذ الشهر السادس أصبحت المدة أطول بسبب الحصار المفروض على المشتقات النفطية بالإضافة إلى امتناع ممولي النظام عن تقديم أي دعم أو مساعدة فإيران تتحجج بالحصار الشديد المفروض عليها، الذي يمنعها من التصدير أما روسيا فترى أن ديون النظام كبيرة وليس هناك أي قدرة على تقديم المزيد من الدعم، أما مؤسسات النظام كوزارة النفط ووزارة الداخلية، بررت النقص تارة بالعمرة التي قاموا بها في مصفاة حمص التي استمرت أكثر من شهر ومن ثم صرحوا أنه بتوفر مادة الغاز، لكن هناك نقص في الإسطوانات مع أنها ذات الاسطوانات المتفجرة التي كانت تلقى على رؤوس المدنيين ومنازلهم، ثم بعد ذلك عاد التوزيع لكن كل 70 يوم أو أكثر تبعاً للمناطق ففي العاصمة تحصل على إسطوانة بشكل أسرع من الريف، فمن الممكن أن يمر 100 يوم دون الحصول على غاز، 

وقد ساهم تطبيق نظام البطاقة الذكية في تخفيف عبء الغاز عن الحكومة أو كما يدعون في ضبط الاستهلاك، ولكنه عمق من مأساة المواطنين، فالغاز في سوريا لم يكن للطبخ فحسب بل كان أيضاً وسيلة للتدفئة خاصة مع انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وغلاء المازوت فاعتمد الناس عليه بشكل أساسي في حياتهم، والغريب أن النقص الشديد فقط في الغاز المدعوم أي الذي يحصل عليه الناس من البطاقة الذكية مقابل 2700 ليرة سورية أما السوق السوداء فتعج بالإسطوانات ولكنها تباع بـ 30 ألف ليرة سورية، ما آثار حفيظة المواطنين واستيائهم، لماذا تنقطع المادة بسعرها الطبيعي دائماً وتتوفر في السوق السوداء، وكالعادة يوجه مسؤول حماية المستهلك بالملاحقة والمتابعة وتشكيل لجان وهمية بهدف امتصاص غضب الناس وبعدها تعود الأمور إلى ما كانت عليه بل وأسوأ من قبل، حتى أن التجار تجرؤوا على بيع مخصصات الناس، والمتعارف عليه أن معظمهم مدعومين من رجال أمن ومسؤولين كبار في الدولة، وقد ترددت الكثير من الأقاويل عن نية الحكومة برفع الدعم عن الغاز قريباً بحجة عدم القدرة على تأمينه بأسعار رخيصة ولكن تم النفي، رغم تصريح أحد أعضاء مجلس الشعب أن الموضوع قيد الدراسة وقريباً جداً سيعلن عنه دون أن يتطرق إلى السعر الجديد، هذا السيناريو أصبح معروفاً لدى المواطنين إذ تنقطع المادة فجأة ثم تظهر في السوق السوداء بكميات مضاعفة وعندها تقوم الدولة برفع سعرها لكن يبقى السعر أقل من أسعار السوق السوداء وعندها يرضخ المواطنين للأمر الواقع على مبدأ الرمد ولا العمى، وهذا ما يؤكد لنا أن هذه الدولة تقودها مافيات وحيتان وتجار همهم الوحيد استغلال المواطنين وإخضاعهم وإشغالهم الدائم بأساسيات الحياة، لكنهم لا يدركون أن كثرة الضغط يؤدي إلى الانفجار وأن صبر الناس بدأ ينفد ولا يمكن للمواطنين أن يتحملوا المزيد من فشلهم وعجزهم فالجوع والحرمان لا يقل ألماً عن القتل والدماء.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني