fbpx

حماية مسارح الجرائم في سوريا: مسؤولية قانونية وأخلاقية لتحقيق العدالة

0 24

عدالة تواجه تحديات:

في خضم النزاع السوري الذي ألقى بظلاله على الأرواح والممتلكات، أصبحت حماية مسارح الجرائم ضرورة قانونية وأخلاقية لتحقيق العدالة ومحاسبة الجناة. ورغم الجهود المبذولة، فإن الانتهاكات المستمرة داخل المواقع الحساسة تهدد بإضاعة أدلة قيمة، مما يعقّد مسار العدالة ويُبقي الجرائم طي النسيان.

عبث بالأدلة وضياع للعدالة:

رصدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقاطع فيديو تُظهر دخول نشطاء وإعلاميين وصحفيين إلى مواقع حساسة مثل السجون والمراكز الأمنية، دون تصاريح قانونية. وقد ترافق هذا الدخول مع العبث بملفات حساسة، بل وتصوير مشاهد داخل هذه المواقع، في ظل تواطؤ ضمني من الحراس أو بتوصيات مسبقة.

إن هذا الانتهاك يُعرِّض الأدلة لخطر التلوث أو الضياع، مما يُضعف القضايا القانونية ويؤدي إلى عرقلة تحقيق العدالة، وهو أمر لا يمكن التغاضي عنه في ظل السعي نحو محاسبة مرتكبي الجرائم.

أسباب خطورة العبث بالمواقع:

1- تلوث الأدلة: يؤدي سوء التعامل مع الوثائق والبقايا إلى فقدان صلاحيتها القانونية.

2- تأثير أخلاقي: يمثل انتهاك حرمة المواقع تعدياً على كرامة الضحايا ومعاناة ذويهم.

3- تعقيد التحقيقات: يُضعف فرص محاسبة المسؤولين عن الجرائم.

تنظيم الدخول إلى مسارح الجرائم: قانون يحمي الأدلة:

يخضع الدخول إلى مسارح الجرائم لقواعد صارمة تضمن حماية الأدلة وسلامة التحقيقات، وتشير أفضل الممارسات العالمية إلى ضرورة اقتصار الدخول على الفئات المخولة قانونياً، والتي تشمل ضباط إنفاذ القانون وخبراء الطب الشرعي.

الفئات المصرح لها بالدخول:

ضباط الشرطة: مسؤولون عن حماية الموقع وتوثيق الأدلة.

خبراء الطب الشرعي: لجمع الأدلة وتحليلها بطرق تضمن صلاحيتها القانونية.

الأطباء الشرعيون: لفحص الجثث وتحديد أسباب الوفاة.

المدعون العامون والخبراء القانونيون: لضمان سير التحقيقات وفق القوانين.

إن الالتزام بهذه القواعد يضمن حماية الأدلة من التلوث أو الضياع، مما يعزز نزاهة التحقيقات ويمنع عرقلة العدالة.

خطوات تنظيمية لضمان سلامة الأدلة:

تتطلب حماية مسارح الجرائم تنفيذ إجراءات صارمة تشمل:

تقييد الدخول: منع دخول الأفراد غير المصرح لهم، حتى من أفراد الشرطة غير الأساسيين.

توثيق الدخول والخروج: تسجيل جميع الأشخاص الداخلين والخارجين.

الحواجز المادية: وضع حدود مادية واضحة تمنع الوصول العشوائي.

إن مثل هذه التدابير ليست مجرد بروتوكولات، بل هي ضمانة أساسية للحفاظ على الأدلة وحمايتها من العبث.

أهمية تأمين مسارح الجرائم: بين القانون والأخلاق:

تشكل الأدلة الجنائية مثل الوثائق والبقايا البشرية الركيزة الأساسية لإثبات الجرائم في سوريا. ومع ذلك، فإن سرقة أو تدمير هذه الأدلة تُضعف جهود العدالة وتُهدد بطمس الحقيقة.

أبعاد القضية:

1- الحفاظ على الأدلة: الأدلة الجنائية أساسية لإثبات الجرائم ضد الإنسانية.

2- منع العبث: تعرضت مواقع حساسة مثل المقابر الجماعية للسرقة، مما يُبرز أهمية حماية المواقع.

3- الاعتبارات الأخلاقية: تمثل هذه المواقع ذكريات أليمة للضحايا، وأي انتهاك لها يُعد تعدياً على كرامتهم.

إن تأمين هذه المواقع لا يهدف فقط إلى تحقيق العدالة، بل يحمل بعداً أخلاقياً يُكرم الضحايا وذويهم.

خطوات نحو بناء العدالة:

وضعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان سلسلة من التوصيات تهدف إلى حماية الأدلة وضمان التعامل السليم مع مسارح الجرائم، وتشمل:

1- حماية الأدلة البيئية: استخدام وسائل لتغطية الأدلة المؤقتة.

2- التوثيق والحفظ: توثيق مسرح الجريمة بدقة قبل نقل الأدلة.

3- التنسيق مع المجتمع المدني: تعزيز دور المنظمات المحلية في جمع الأدلة وتحليلها.

4- التعاون الدولي: العمل مع هيئات دولية لضمان اتباع المعايير القانونية.

5- إشراك الضحايا: دعم جمعيات الناجين لتوثيق الشهادات وتعزيز العدالة.

6- تدريب المحققين: تدريب الشرطة والمحققين على المعايير الدولية لجمع الأدلة.

إن هذه التوصيات تمثل حجر الأساس لتحقيق العدالة في سوريا الجديدة، حيث تضمن الحفاظ على الأدلة وحماية حقوق الضحايا.

الاعتبارات الأخلاقية والقانونية:

إن مثل هذه المواقع الحساسة لها دلالات رمزية لمعاناة آلاف الضحايا، لذلك فإن الحفاظ على حرمتها يتطلب التعامل معها بحساسية، وإبعاد الأفراد غير المختصين، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للناجين وأسر المفقودين، وهو ما يحتم على السلطات المحلية في سوريا الجديدة العمل الجاد من خلال إصدار بيانات تلتزم بحماية الأدلة كمبدأ أساسي لتحقيق العدالة، بالإضافة إلى التعاون مع الجهات الدولية لضمان الشفافية في التعامل مع ملفات المختفين قسرياً.

مسارح الجرائم ضمان للعدالة المستقبلية:

تمثل مسارح الجرائم في سوريا أمانة في أعناق الجميع، لذلك فإن حماية هذه المواقع لا تعتبر مطلب قانوني فحسب، بل هي واجب أخلاقي وإنساني. وبتنفيذ التدابير الصارمة والتوصيات الشاملة، يمكن بناء مسار جديد يضمن العدالة والمصالحة، ويُكرم ذكرى الضحايا ويُحاسب الجناة، ليكون درساً للإنسانية جمعاء.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني