حرب المخيمات في سوريا
مع تكاثر المخيمات داخل وخارج سوريا، ومن أربع سنوات كان السكان، حتى في المدن الآمنة، يعيشون ظروفاً قاسيه حيث لا كهرباء ولا محروقات ولا مقومات الحياة البسيطة. وهنا تتشابه المخيمات مع المدن الأسمنتية. الساكنون في المناطق الآمنة الأسمنتية، وعلى الرغم من أنهم لم يفقدوا منازلهم، إلا أنهم فقدوا أولادهم في الحرب وفقدوا حتى رغيف الخبز حيث يحصلون عليه بطلوع الروح وبالبطاقة الذكية.
أبو حامد رجل في الستينيات من عمره قال لي: “قضيت طفولتي بانتظار الخبز على باب الفرن والآن أقضي آخر أيامي بانتظار الخبز عند الموزع”.
وأضافت زوجته: “والله من هم في المخيمات عايشين أحسن مننا.. عا القليلة بيجيهم مساعدات وما بيقطعوا الكهرباء عنهم”. هي لا تعلم أنه “ما عندهم كهربا لكي يقطعوها”.
يقاطعها زوجها: “العمه بقلبك.. مبارح عالتلفزيون شفناهم بالمخيمات كيف غرقانين بالوحل والشتى الله يكون بعونهم. لا يا عمي لا.. نحنا عايشين بنعمة ومو دريانين”.
إنها حرب النزوح، حرب المخيمات. نعم، في أيام الحر يتم حرق أكثر من مخيم بسبب الحرارة.
وفي الشتاء يتم حرق أكثر من مخيم من تلك التي يتوفر فيها تيار كهربائي، بسبب الاستجرار الزائد للكهرباء، إضافة لقرب الخيم القماشية السريعة الاشتعال من بعضها بعضاً. كما حدث في مخيم الكراج القديم ومخيم الكرنك في طرطوس، ومخيم الطلائع جنوبي طرطوس.
وكذلك الأمر في بلدة تل الكرامة في ريف إدلب الشمالي ومخيم روج شمال مدينة المالكية، والكثير من المخيمات التي تفتقد لكل مستلزمات الحياة، ناهيكم بالمخيمات في لبنان التي تم حرق بعضها بفعل فاعل.
ويفتقد قاطنو تلك المخيمات لكلِّ شيء من مستلزمات العيش الضرورية للبقاء.
النازحون السوريون في المناطق التي تتولى إدارتها الإدارة الذاتية، يتوزعون على مخيمات عدة، حيث تتولى هذه الإدارة الإشراف عليها، وهي وحسب ما ذكره موقع نينار برس:
● مخيم روج، يقع شمال مدينة المالكية يضم 705 عائلات فيها 2,269 نازحاً
● مخيم نوروز، يقع على بعد 6 كم شمال مدينة المالكية يضم 107 عائلة فيها 519 نازحاً.
● مخيم العريشة، يقع على بعد 40 كم جنوب الحسكة يضم 2.606 عائلات فيها 12,985 نازحاً.
● مخيم رأس العين، يقع على بعد 6 كم شرق الحسكة يضم 1300 عائلة فيها 6000 نازحاً.
● مخيم واشوكاني، يقع على بعد 12كم غرب الحسكة يضم 1,900 عائلة فيها 12,200 نازحاً.
● مخيم الهول، وهو أكبر المخيمات وأكثرها إشكالية، أسسته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتنسيق مع الدولة السورية في 1991 لاستقبال اللاجئين العراقيين أثناء حرب الخليج.
في منتصف نيسان/2016 أعادت الإدارة الذاتية المعلنة في شمال شرق سوريا افتتاح المخيم لاستقبال النازحين الفارين من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش من الطرفين السوري والعراقي كونه يقع قرب الحدود السورية/العراقية. وكان يضم أكثر من 30 ألف سوري أغلبهم من النساء والأطفال ونحو 73280 لاجئ عراقي و11500 عائلة من عوائل داعش، وجود اللاجئين السوريين والعراقيين مع عوائل داعش أفرز مشكلات إنسانية واجتماعية كبيرة داخل المخيم وأثار القلق حول تأثر هؤلاء بعوائل التنظيم.
أضف إلى ذلك وجود المخيمات في الساحل السوري كمخيم الكرنك ومخيم الكراج القديم ومخيم الطلائع الكبير في مدينة طرطوس وفي اللاذقية مخيم الصالة الرياضية وغيرها من المخيمات بالإضافة لاستقبال العائلات لهم. واستأجر بعض الفارين من هول المعارك البيوت، وفتحوا المحلات، وقاموا بتنشيط الحركة الاقتصادية في الساحل.
وفي حلب كان وما يزال مخيم الشهباء، الواقع بين عفرين وحلب ويسكنه أكثر من مئة ألف نازح، الذي يديره أحد الأحزاب الكردية. وخلال لقائي مع قريب لأحد هؤلاء النازحين، ذكر لي معاناتهم؛ وأهمها أنهم لا يستطيعون الوصول إلى حلب حيث النظام وسيطرته، ولا يستطيعون الوصول إلى عفرين، موطنهم، وكأنهم في معتقل ورهائن حين الطلب، لدى بعض الأحزاب الكردية.
حرب المخيمات بدأت بالتغريبة الفلسطينية
وكانت خيمهم مفاتيح بيوتهم ومصاغ نسائهم وسند تمليك بيوتهم والقليل من لباسهم والكثير الكثير من الوجع والذكريات.
لتكبر تلك الخيمة لتتحول لخيمة مصنوعة من القماش. وتحول القماش فيما بعد إلى صفيح من التوتياء، والصفيح تحول إلى أسمنت مثل مخيم اليرموك الشهير بدمشق ومخيم تل الزعتر وصبرا وشاتيلا، وهي مخيمات شهدت أكبر المجازر عبر التاريخ البشري الحديث.
هامش منشط
رجل وزوجته نائمان تحت خيمة في أحد المخيمات السورية
شعرت زوجته بحركة ما وكان الفصل صيفاً والوقت ليلاً
قالت الزوجة لزوجها: “حبيبي شايف القمر شو حلو؟”.
استيقظ الرجل مرعوباً وقال لزوجته: “قمر شوو يا هبله؟ عفشوا الخيمة”.
ومازالت قصيدة محمود درويش التي توسعت جغرافيتها وحجم خيمتها لداخل وخارج سوريا:
بيروت نجمتنا بيروت خيمتنا
سوريا خيمتنا سوريا نجمتنا
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”