fbpx

جنوب سورية هو مركز رقعة الاستهداف الإسرائيلي

0 46

كلام قد يثير الاستفهام والاستهجان، ولكن في الواقع إن إسرائيل في الأشهر الأخيرة قد تقدمت واقتحمت شريطاُ محاذياً لخط الهدنة الذي تمّ رسمه عام 1974 بأعماق عملياتية متفاوتة، وهي تحتل بشكل فعلي بعض الأراضي وتسيطر على بعض القرى، وإن قوات الاحتلال الإسرائيلي تمارس كل يوم أعمال وممارسات المحتل والمسيطر، وهي قامت بعدد من عمليات التفتيش، وأقدمت لمرات عديدة على اعتقال واحتجاز أعداد متفرقة من أهالي القرى المحاذية للجولان المحتل، وقامت بقتل عدد آخر من الأهالي، وأكثر من ذلك فإن اسرائيل تقوم بشكل متكرّر بعمليات الاستطلاع الجوي العلني والواضح و قامت وتقوم بعمليات قصف جوي ومدفعي لكثير من النقاط والمواقع، وبالطبع فإن ما يحصل يدفع المتابعين على التساؤل الجاد عن سبب واهداف هذه الممارسات الإسرائيلية ؟

والجواب، إن اسرائيل تلعب بورقة الجنوب السوري لتحقيق أهداف هامة وبعيدة المدى حيث هي تريد:

1- استغلال الظروف والمعطيات المتحكمة بالحالة السورية – داخلياً، المختزلة بنتائج الحرب التي دارت في سورية – وإقليمياً والمتمثلة بالتنافس والتدافع والتجاذب بين قوى الإقليم وتفاوتها في المواقف من إسرائيل المستقبل والشرق أوسط الجديد – ودولياً والناتجة عن متطلبات وتداعيات الصراع الدولي ومركزه في أوكرانيا.

2- فرض واقع على الأرض يعطي أريحية تفاوضية لإسرائيل، ويفرض الشروط، ويقلّص الخيارات أمام الطرف المقابل.

3- استحصال وإحراز معاهدات سلام سهلة، وتطبيع علاقات مع إسرائيل، وفرض عمق واسع منزوع السلاح، وكذلك ضمان تأييد معاهدات إقليمية محتملة تكون لصالح إسرائيل.

4- وإن هذا أصبح مفهوماً، ولكن طرأ هناك تطورٌ جديدٌ، وهو محاولة تلوين جنوب غرب سورية بلون حماس وإلباسه ثوبها أي (تحميس جنوب سورية) واتهامه باحتواء حماس وبمحاولة بعث حماس وإيجادها وتفعيلها في الجنوب، حيث يتمّ الإعلان رسمياً في إسرائيل عن اتهام من يتم قتلهم ومن يتم اعتقالهم بأن ذلك بسبب ارتباطهم بحركة المقاومة الاسلامية (حماس) وتبعيتهم لها، وأخطر من ذلك، فقد تمّ الإعلان عن اكتشاف خلية تتبع لحماس تسمى (كتيبة محمد الضيف) وأنها قامت باستهداف الكيان الاسرائيلي بصواريخ أرض/أرض، وهذا اتهام بالغ الخطورة، لإنه تبريرٌ أمام العالم لاستهداف المنطقة، ومواصلة احتلالها، وهو توطئة وتمهيد لإنشاء واختلاق مخرجاً للحرب في قطاع غزة، ولتورط الإسرائيليين وغرقهم في مستنقعها، حيث إن إسرائيل تبحث عن مخرج أو طريقة تستطيع من خلالها أن توقف الحرب في غزة، ولكن مع تحقيق شرط أساسي وضروري وهو حفظ ماء الوجه للجيش الصهيوني، والاحتفاظ بالهيبة والرهبة الاسرائيلية، حيث تجري عملية التوقف على خطوات، ويقوم الإعلام الإسرائيلي بتنسيقها وتسويقها على الشكل التالي:

1- لقد ضعفت حماس عسكرياً وميدانياً في قطاع غزة تماماً لدرجة انتهاء صفة الخطورة والتهديد.

2- لقد اضطرت حركة حماس وأنصارها إلى نقل مكانها، وقد انتقلت الى لبنان، فتم تدميرها وإنهاؤها، وهي الآن تظهر في جنوب سورية، وبالطبع سوف يبهرج الإعلام الإسرائيلي كذوبته بادعائه أن هذا الظهور والنشاط هو بدعم إيراني.

3- إن من مصلحة إسرائيل إيقاف الحرب في قطاع غزة وملاحقة حماس مكان ظهورها الجديد، وبذلك سيكون مقبولاً ومفيداً أمام الشارع والرأي العام للكيان الإسرائيلي إيقاف الحرب في غزة.

4- سوف يتمّ نقل المعركة إلى جنوب غرب سورية، ولكن وبالتأكيد رغم سهولة المعركة هنا نسبياً (بسبب عدم وجود مقاومة متخندقة، وعدم وجود مدن وشوارع مزدحمة وكثيفة بالسكان المدنيين) رغم ذلك بالتأكيد لن يكون هنا غزة ثانية.

وطالما أن الحرب قد تبدأ بفعل الإعلام فإنه سوف يتم إنهاؤها بمجرد فعل من الإعلام والإعلان عن زوال الأسباب لمواصلة الحرب.

وماذا تستفيد اسرائيل للقيام بهذه المناورة الفظيعة؟؟

إن إسرائيل في الواقع بمناورتها هذه تدعم معركتها ومشروعها القائم حالياً في سورية، ويعزّز مساعيها ويضاعف ضغوطها لتحقيق أهدافها ومخططها.

وبقي هناك سؤالٌ وجيهٌ ومهمٌ وهو:

إلى من يتم توجيه هذا الكلام المقلق والخطير؟

الجواب باختصار: إلى من يهمه الأمر وإلى أصحاب القرار.

إن واقعاً كهذا يجب التعامل معه بشكل جاد وحازم وشجاع.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني