fbpx

جرائم القنص في حلب: توثيق مقتل 65 مدنياً برصاص قوات سوريا الديمقراطية خلال شهرين

0 88

في مشهد يضاف إلى سجل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا، وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 65 مدنياً، بينهم طفل وسيدتان، برصاص قناصة تابعين لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مدينة حلب خلال شهرين فقط. عمليات القنص هذه، التي استهدفت المدنيين بشكل ممنهج، تزامنت مع إعادة رسم خارطة السيطرة العسكرية في المدينة عقب انسحاب قوات نظام الأسد أواخر عام 2024. هذه الأحداث الدامية تسلط الضوء على انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني والحق في الحياة، وسط صمت دولي مريب حيال تصاعد الجرائم ضد المدنيين في سوريا.

أحياء محاصرة ونيران القناصة: كيف بدأ الاستهداف؟

مع إعلان 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 يوماً لخروج قوات نظام الأسد والميليشيات الموالية له من حلب، شهدت المدينة حركة مدنية واسعة، حيث عاد الآلاف من أبنائها، بعضهم لاستطلاع الأوضاع أو استعادة ممتلكاتهم، وآخرون من العسكريين الذين شاركوا في عملية “ردع العدوان”. تزامناً مع ذلك، استغلت قوات سوريا الديمقراطية الفراغ العسكري ووسّعت انتشارها في الأحياء المحاذية لحيي الشيخ مقصود والأشرفية، حيث تمركز القناصة في نقاط استراتيجية، مستهدفين كل من يقترب من مناطق سيطرتهم.

إحصائيات دامية: من هم الضحايا؟

وفقاً للتقرير الحقوقي، فقد قُتل خلال الفترة الممتدة من 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 وحتى 30 كانون الثاني/يناير 2025 ما لا يقل عن:

65 مدنياً، بينهم طفل وسيدتان.

2 من العاملين في المجال الإنساني، تم استهدافهم أثناء أداء مهامهم.

عشرات حالات الاختفاء القسري لأشخاص اقتربوا من مناطق سيطرة قسد، دون معرفة مصيرهم حتى الآن.

كما تسببت عمليات القنص في عرقلة عمل فرق الإنقاذ، حيث واجهت فرق الهلال الأحمر السوري والدفاع المدني (الخوذ البيضاء) صعوبات في انتشال الجثث بسبب استهداف مباشر من القناصة.

انتهاك للقانون الدولي: القنص جريمة حرب

يؤكد التقرير أن عمليات القنص التي استهدفت المدنيين في حلب تمثل جريمة حرب بموجب المادة (8) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تُجرّم القتل العمد باعتباره انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني.

لم تكن هذه العمليات عشوائية، بل نُفذت بأسلوب مدروس عبر استهداف المدنيين بشكل مباشر، مما يعكس نية متعمدة في القتل، في خرق واضح لمبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وهو أحد المبادئ الأساسية في اتفاقيات جنيف.

كما أن استهداف العاملين في المجال الإنساني يعد انتهاكاً إضافياً للقانون الدولي، إذ يحظر الاعتداء على طواقم الإغاثة التي تقدم المساعدة للمدنيين.

المسؤولية القانونية والمحاسبة الدولية:

يضع التقرير مسؤولية هذه الجرائم على عاتق قادة قوات سوريا الديمقراطية، الذين يمكن تحميلهم المسؤولية المباشرة باعتبارهم مسؤولين عن إصدار الأوامر أو التغاضي عن تنفيذها. كما يدعو إلى ملاحقتهم أمام المحاكم الدولية، وفرض عقوبات فردية على المتورطين في هذه الجرائم.

توصيات عاجلة للمجتمع الدولي والجهات الفاعلة:

1. لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا:

فتح تحقيق فوري وشامل في جرائم القنص التي استهدفت المدنيين في حلب.

جمع الأدلة والشهادات الموثقة لرفعها إلى الهيئات القضائية الدولية المختصة.

التعاون مع المنظمات الحقوقية المحلية لكشف حجم الانتهاكات.

2. المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان:

إدانة واضحة لعمليات القنص باعتبارها جرائم حرب.

مطالبة قيادة “قسد” بتقديم توضيحات رسمية حول هذه الجرائم.

الضغط من أجل محاسبة المسؤولين وضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.

3. الحكومة السورية الجديدة:

اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين في حلب وضمان عدم تكرار الانتهاكات.

فتح تحقيقات قضائية مستقلة في عمليات القنص، وملاحقة المتورطين وفق القوانين السورية.

4. قوات سوريا الديمقراطية (قسد):

فتح تحقيق داخلي حول هذه الانتهاكات.

محاسبة العناصر المتورطة، والتعهد بعدم استهداف المدنيين مستقبلاً.

التعاون مع المنظمات الحقوقية لضمان الشفافية في التحقيقات.

5. المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي:

تعليق جميع أشكال الدعم المقدم لقسد حتى تلتزم باحترام حقوق الإنسان.

فرض عقوبات على القادة العسكريين المتورطين في عمليات القنص.

تقديم الدعم القانوني للضحايا وعائلاتهم لرفع دعاوى قضائية دولية.

“العدالة المغيّبة في حلب: بين استهداف المدنيين وإفلات الجناة من العقاب”

إن استمرار استهداف المدنيين العزل بعمليات قنص ممنهجة في حلب يمثل جريمة لا يمكن السكوت عنها. إن العدالة والمحاسبة هما السبيل الوحيد لمنع تكرار هذه الانتهاكات وضمان حق السوريين في الحياة والكرامة والأمن. وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في الضغط على الجهات المتورطة، وعدم السماح بإفلات الجناة من العقاب.

حياة المدنيين ليست مجرد أرقام، بل أرواح تُزهق بدم بارد تحت أنظار العالم الصامت.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني