fbpx

تغيرات في التوازن السياسي الدولي.. هل ستستفيد منها قوى الثورة السورية؟

0 75

يبدو أن قوى الثورة والمعارضة السورية تحتاج إلى إعادة النظر بسياساتها السابقة حيال الصراع مع النظام الأسدي، هذا الأمر يتعلق بحالين اثنين يجب أن تلاحظهما هذا القوى، الحال الأول: يتعلق بالكفّ عن رمي حمل القضية السورية على القرار الدولي 2254. والحال الثاني: يتعلق بضرورة أن تقرأ قوى الثورة السورية التغيرات العميقة في خرائط الوضع السياسي الإقليمي والدولي، وبالتالي تعيد إنتاج أولوياتها.

حين نقول: الكفُّ عن رمي حمل القضية السورية على كاهل القرار الدولي 2254، فنحن نقصد، أن هذا القرار الذي يماطل النظام في تنفيذه، معتمداً على دعم حليفيه الروسي والإيراني، يجب أن يعاد النظر في السياسات التي تنتهجها قوى الثورة بشأنه، حيث المطلوب جدّياً زيادة ارتباط قوى الثورة والمعارضة بحاضنتيها الشعبية والثورية.

كذلك المطلوب إعادة النظر بالكفاح الثوري المسلح للفصائل الثورية، التي تتبع وزارة الدفاع التابعة للحكومة المؤقتة، حيث يجب الانتقال إلى مرحلة التضييق وشنّ العمليات على ميليشيات النظام والميليشيات الحليفة لها مثل ميليشيات حزب الله والميليشيات الشيعية الإيرانية الداعمة للنظام، إضافة إلى ضرورة فتح معارك ضد القوات الروسية المحتلة.

هذا التوجه الجديد، يرتبط بالضرورة مع توجه عربي لعددٍ من الدول، التي سعت للتطبيع مع نظام أسد، فاكتشفت، أن التطبيع معه لن يغيّره على مستوى تحالفه مع إيران، أو على مستوى توقفه عن إنتاج المخدرات وته8ريبها باتجاه دول الخليج العربية، وفي مقدمة هذه المخدرات مخدر الكبتاغون، الذي تعمل الإدارة الأمريكية بعد سن قانون بشأنه على تشكيل حلف دولي لمكافحة هذا المخدر الخطير.

توجه قوى الثورة والمعارضة نحو الدول العربية يجب أن يتمّ بصورة مباشرة، فهذه الدول التي سعت للتطبيع مع نظام أسد، وصلت إلى طريق مسدودة بأمر التطبيع، واكتشفت أن القرار السوري ليس بيد نظام بشار الأسد، وأن هذا النظام، لا يستطيع اتخاذ قرارات سيادية في ظل سيطرة الروس والإيرانيين على مراكز القرار السيادي، وبالتالي لا فائدة من التفاوض معه، بل مع من يحكم سورية فعلياً، من أجل خروج قوات البلدين وتسهيل عملية الانتقال السياسي في هذا البلد، هذه العملية هي من توقف تهريب الكبتاغون إلى هذه الدول، وفي نفس الوقت تساعد اللاجئين السوريين على العودة بأمان وسلام إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم.

قوى الثورة وبمساعدة من الدول الصديقة للشعب السوري مثل دول الديمقراطيات الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، يمكنها أن تخاطب الحكومات العربية، بأن المنطقة ستتجه إلى السلام والاستقرار مع عملية الانتقال السياسي في سورية، وبدون هذه العملية، ستجد الحكومات العربية نفسها بمواجهة أخطار الاستقرار الوطني لبلدانها، نتيجة اعتماد النظام على سلاح المخدرات وتهريب الأسلحة.

إن القرار 2254 لا يمكن تنفيذه ما دام خاضعاً لتفسيرات مختلفة غير ملزمة، ولكن يمكن وضعه على طاولة التفاوض عندما يترافق ذلك مع عمليات عسكرية ضد الاحتلالين الروسي والإيراني وضد ميليشيات نظام أسد.

هذه الحالة تحتاج بالضرورة إلى فهم الخرائط السياسية في المرحلة القائمة، بما يخص وضع الساحتين السورية والأوكرانية، فهاتان الساحتان مرتبطتان جذراً بالسياسة الروسية المعادية للشعوب، فحكومة بوتين لا تتوانى عن استخدام أكبر قدر من سياسة الأرض المحروقة، وذلك لتحقيق انتصارات سياسية وعسكرية، وهي تستخدم الورقة السورية لابتزاز دول الديمقراطيات الغربية، ولهذا، يمكن أن تقوم قوى الثورة العسكرية، وبالتنسيق مع قياداتها السياسية الممثلة بالائتلاف الوطني، والحكومة المؤقتة، بالعمل مع الحليف التركي.

إن إيجاد مربع تحالفات فاعلة بين قوى الثورة وأصدقاء الشعب السوري من قوى دولية وعربية من شأنه استنزاف روسيا في جبهة سورية، كما استنزافها في جبهة أوكرانيا. هذا الاستنزاف المزدوج سيكّلف روسيا المحتلة أثماناً باهظة في حربها في سورية وأوكرانيا، فهل يقدر الروس على دفع تكاليف هذه الحرب المزدوجة؟ يمكن أن نقول إن ذلك ليس باستطاعة نظام بوتين، وأن من مصلحة العرب الخلاص من نظام أسد على أرضية تنفيذ القرار 2254 عبر تنشيط كل المحاور العسكرية منها والسياسية.

إذا لم تقرأ قوى الثورة السورية هذه الخرائط الجديدة لتموضعات القوى الدولية في الصراع في أكثر من ساحة، يمكن عندئذ القول، أن المشهد السوري لا يلقى قراءات سياسية صحيحة من الائتلاف الوطني، فالدور الثوري السوري يجب أن يكون له وزن كبير في معادلة الصراع المحلية الدولية المتشابكة.

إن استنزاف روسيا في سورية ممكن إذا وافق التحالف الدولي على جعل مظلته تقي فصائل الجيش الوطني من ضربات الطيران الروسي، هذا ما يجب شرحه والمطالبة به من قوى الثورة، وليس القيام فحسب بزيارات مكوكية إلى العواصم الدولية دون فعلٍ عسكري يتمّ على الأرض لتحريرها.

قراءة الائتلاف للمشهد الدولي الديناميكي، يتطلب من هذه المؤسسة التي تقود قوى الثورة والمعارضة، أن تغيّر بنيتها القائمة، وتجعلها بنية أكثر انفتاحٍ على طيف الثورة بكل مكوناته، ويجب أن يتزامن ذلك مع تعديلات جوهرية في اتخاذ القرارات الحاسمة بالتشارك مع الطيف الواسع لقوى الثورة.

فهل هناك إمكانية لإقناع تركيا بتعديل سياساتها السابقة التي انتهجتها عشية قبولها بدور الضامن مع الروس والإيرانيين؟ نعتقد أن ذلك ممكن، بعد أن فاز الرئيس رجب طيب أردوغان بفترة رئاسية تمتد لخمسة أعوام جديدة، وفاز تحالفه بأغلبية مقاعد مجلس النواب.

إن مصلحة تركيا ترتبط تاريخياً بحلفائها في حلف الناتو، وأن علاقاتها مع روسيا لم تكن أكثر من مرحلة مؤقتة، حكمتها ظروف تحتاج إلى انفتاح على الروس.

والسؤال هل سننتظر طويلاً ليبدأ الائتلاف الوطني بمواكبة التحولات الكبيرة في السياسة الدولية؟ يمكننا القول إن الأيام القليلة القادمة هي من سيجيب على هذه التساؤلات المشروعة التي يطرحها الشعب السوري المكلوم؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني