بعد انتهاء مسرحية الانتخابات.. الأزمات تعود إلى دمشق والأسد يعود لغطرسته
بعد أن أسدل الستار على مسرحية الانتخابات الهزلية وأعلن عن فوز بشار الأسد بنتيجة تفوق 95% بانتخابات لا يعترف بها إلا بضعة دولة معظمها غير معترف بها دولياً أو خاضعة لعقوبات، أطل علينا بشار الأسد بخطاب النصر المزعوم المتلفز الذي لم يجرؤ حتى أن يلقيه بين جموع مؤيديه المزعومة التي ملأت الساحات كما يدعي نظامه وإعلامه، أطل علينا بوجه مكفهر وبلهجة موتورة متجاهلاً أدنى درجات البروتوكول السياسي أو حتى المهني فظهر يسب ويشتم الثوار ومن قاطعوا مسرحيته المزعومة واصفاً إياهم بالثيران التي تنتظر علفها من الخارج تارة وعبدة الدولار تارة أخرى وإنهم باعوا ذممهم للخارج، ولكن ما غاب عن ذهن الأسد أو ذهن من صاغ له هذا الخطاب أن كل الصفات التي نعت بها الثوار تنطبق عليه وعلى نظامه فالثيران الهائجة هي من دمرت بهمجية وبدون أي تفكير المدن والقرى والسورية، وزاد منظر الدماء من همجيتهم وعدائهم، وعبدة الدولار هم مرتزقته من اللبنانيين والعراقيين والأفغان الذين جاؤوا إلى سوريا مقابل الدولارات، أما من باع ذمته فهو شخصياً من رهن أمره وأمر سوريا للروس والإيرانيين، الذين أصبحوا المتحكمين بكل صغيرة وكبيرة، وما يثير الانتباه في خطاب الأسد أنه تجاهل مؤيديه تماماً فلم يتوجه لهم بأي شكر أو امتنان بل وحتى لم يتعب نفسه بالحديث عن أي خطط لإعادة إعمار أو تحسين أوضاع، أو النهوض بالاقتصاد ولم يتطرق لحلول لأي من مشاكل سوريا الكثيرة، وهذا ما أدركه المواطنين منذ نهاية الانتخابات والاحتفالات التي تلتها.
وبالحديث عن الاحتفالات ذكر لنا أحد الشبان وهو عسكري يخدم في أطراف دمشق: أنهم أجبروهم على ارتداء ملابس مدنية والنزول والرقص في الساحات والظهور كمواطنين سعداء بالفوز المفاجئ لبشار الأسد، أما في المدن التي أعاد النظام السيطرة عليها فقد وضع جواسيس له في الأحياء، للوشاية عمن لم ينتخب أو يشارك في الاحتفالات وملاحقتهم كخلايا نائمة واعتبارهم داعمين للإرهاب ما أجبر أهالي مناطق كـ (دوما وكفر بطنا) وغيرها على النزول إلى الساحات وكذلك كان الحال في بعض مناطق حمص فقد عمل النظام على ملء الساحات بالناس سعياً منه على إظهار نفسه كنظام شرعي ومحبوب، ولم تكد تنته الاحتفالات حتى عادت دمشق وسائر المدن الخاضعة للنظام إلى ما كنت عليه بل أسوأ من قبل، فالكهرباء مثلاً تحسنت بشكل ملحوظ أيام الانتخابات ونقصت ساعات التقنين وحتى وقت الاحتفالات لم تنقطع الكهرباء بل كانت تضاء ساحات شاسعة لتصويرها وإظهار واقع مغاير، وقد تعالت الكثير من الأصوات المناشدة لتحسين الكهرباء فقط فترة امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية لأن مستقبل الطلاب أهم من حفلات علي الديك وبهاء اليوسف وغيرهم من فناني النظام.
نينار برس تحدثت إلى السيدة (س.ع) التي كانت تشعر بالإحباط من سوء حال الكهرباء وأخبرتنا أن ابنها طالب في الثانوية العامة اضطر أن يكمل دراسته لمادة الفيزياء على ضوء الهاتف نظراً لانقطاع الكهرباء لساعات طويلة لدرجة أن البطاريات التي يستعملها المواطن كبديل للكهرباء للإنارة فقط قد فرغ شحنها نهائياً، حتى الدولار عاد إلى الصعود، وبالتالي عادت الأسعار إلى الارتفاع مجدداً واستمرت أزمة البنزين وانعدام المواصلات، وأكثر ما يثير حفيظة المواطنين، النفقات التي صرفها النظام على مسرحيته السخيفة، فقد وضعت صور للأسد على كل حائط في دمشق بتكاليف تجاوزت مليارات الليرات ناهيك بتكاليف نقل الموظفين للانتخابات والاحتفالات وغيرها.
ألم يكن حال المواطن أولى وأهم من كل تلك السخافات؟ أيعقل أن تدفع مليارات الليرات على صور و90% من المواطنين تحت خط الفقر، والشعب يبحث عن قوت يومه في حاويات القمامة؟
لعل صور الأسد التي رفعت على ركام الأبنية هي أصدق وصف عن حال سوريا تحت حكم الأسد، فهو سيحكم ولو على آخر حجر تبقى في سوريا وسيبقى ولو أزهق آخر نقطة دم سورية، فهو أو لا أحد ولتحترق البلد.