انتخابات النظام… مسرحية هزلية بلا جمهور
مسرحية هزلية روسية جديدة سيئة الإخراج، وكومبارسها كالمعتاد بشار الأسد تزمع موسكو تنفيذها بالتعاون مع حليفتها المجرمة إيران على الأرض السورية في محاولة يائسة منهما لبث الروح في جثة أسد المتعفنة المرفوضة من قبل المجتمع الدولي دونما عودة.. فأقل ما قيل عن انتخابات أسد المثيرة للسخرية، إنها ستجري في بلد مدمر منزوع السيادة.. شعبه منقسم ما بين مهجر ومعتقل ومغيب في أقبية المخابرات أو واقف على الطوابير ينتظر رغيف خبز أو أسطوانة غاز في أرض غيبت عنها البراميل المتفجرة والصواريخ الروسية طوال عقد من الزمن كل مقومات ومظاهر الحياة، ليحل مكانها الدمار والفقر والإجرام، والدماء التي أراقتها الميليشيات الطائفية الحاقدة المحلية والعابرة للحدود بدعم مباشر من دولة مارست الإرهاب المنظم وارتكبت جرائم حرب بحق أطفال ونساء سوريا والحديث يطول في هذه المسألة.
ليس مستغرباً ما تقوم به موسكو اليوم في سوريا في تأييدها ودعمها لانتخابات رأس النظام المجرم في بلد شاركت قاذفاتها بتدميره وقتل أبنائه، فهي التي اتخذت من الإفك والتضليل والالتفاف أسلوباً عاماً لتصرفاتها الخبيثة في سوريا منذ تدخلها العسكري في خريف عام 2015 عندما أعلنت أن الهدف من تدخلها العسكري هو القضاء على تنظيم الدولة التي لم تطلق عليه رصاصة واحدة، واليوم ترويجها لانتخابات المجرم هو امتداد طبيعي لسياستها الخبيثة في سوريا، فموسكو تعتقد أنه يجب عليها – لكي تحصل على شيء من مكاسبها في سوريا – ضمان محافظتها على ورقة رأس النظام المجرم، لزجها في أول صفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت عبر سفيرتها في الأمم المتحدة “إن هذه الانتخابات لن تكون لا حرة ولا نزيهة ولن تكسب نظام الأسد أي شرعية ولا تستجيب لمعايير القرار 2254 الذي ينص على إجرائها بإشراف الأمم المتحدة”.
أما على الصعيد الشعبي في المناطق التي من المفترض أنها خاضعة لأسد وتحديداً في الجنوب السوري، فالأوضاع تنذر بمزيد من التصعيد وعدم الاستقرار، ففي محافظة درعا تم تهجير دفعة من ثوار المحافظة وفي درعا تستمر الاغتيالات المتبادلة بين الثوار السابقين وعناصر الميليشيات الموالية للنظام، أما السويداء فإنها تعتبر نفسها خارج منظومة حرب الأسد وانتخاباته وحساباته، وهي فعلت كثيراً، وخسرت كثيراً، مقابل عدم مواجهة أبناء شعبها الثائر في باقي الجغرافيا السورية، وهذا كله يخرج الجنوب السوري من معادلة تمرير انتخابات أسد اللاشرعية.
وفي ذات السياق إذا أجرينا إحصائية سريعة لعدد السوريين القاطنين خارج سيطرة النظام السوري لوجدنا أن أكثر من نصف الشعب السوري يتوزع في المناطق المحررة ودول اللجوء أو حتى في مناطق سيطرة الميليشيات الانفصالية التي صرحت أنها لن تسمح للنظام السوري بوضع صناديق الاقتراع في مناطق سيطرتها، وبالانتقال إلى الأرقام الرسمية فإن ما يزيد عن خمسة ملايين شخص يقطنون في المناطق المحررة وحوالي ستة ملايين آخرين يتوزعون في دول اللجوء (ألمانيا وتركيا وشمالي أفريقيا والعراق والأردن ولبنان) التي سجلت نسبة مشاركة بالانتخابات أقل من 2% رغم الضغوطات التي مارستها ميليشيا حزب الله على اللاجئين السوريين، أما الدول التي تضم العدد الأكبر من اللاجئين كتركيا وألمانيا فقد أعلنت مقاطعتها للانتخابات على أراضيها واصفة إياها بغير الشرعية.
في النهاية لا شيء جديد في مهزلة الانتخابات التي ينوي النظام إجراءها في السادس والعشرين من الشهر الحالي، فمن المتوقع أن تكون نسخة مكررة عن انتخابات عام 2014، فهي لن تمنح الشرعية لرأس النظام ولن تهب روسيا المطامع التي تريدها ولا المصالح، طالما أن الموقف الأمريكي ومن خلفه الدول الأوروبية ما زال يطالب بتنفيذ القرار 2254 الذي ينص على انتقال سلمي للسلطة في سوريا دون وجود بشار الأسد وبالتالي فإن الدول المحتلة لسوريا ستفشل في إعادة تعويم الأخير كما ستفشل في الحصول على أموال إعادة الإعمار وغيرها من الملفات السيادية، وبالتالي فإن الانتخابات سوف تكرس لا شرعية النظام السوري بشكل أقوى من خلال انعدام أي آمال للاعتراف بنظامه وهذا عكس ما يطمح إليه، أي أن الرياح الدولية ستجري عكس ما تشتهي سفن شهواته الإجرامية.