انتخابات “الإدارة المحلية” التي أجراها النظام السوري انتخابات غير شرعية ومعدومة الاستقلالية
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم الخميس 13 تشرين الأول 2022، تقريراً بعنوان “انتخابات الإدارة المحلية التي أجراها النظام السوري عديمة الشرعية ولا تمثل إرادة وحقوق الشعب السوري”، أكدت فيه عدم شرعية وقانونية انتخابات مجالس الإدارة المحلية التي أجراها النظام السوري في المناطق الخاضعة لسيطرته يوم الأحد 18 أيلول 2022.
منهجية التقرير:
اعتمد التقرير على منهجية جمعت بين تحليل دستور النظام السوري لعام 2012، وفق مقتضيات القانون الدستوري والمعاهدات والمواثيق الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، وذلك من أجل تلمسِ مدى دستورية القوانين السورية، وكذلك مدى مطابقة الدستور والقوانين السورية بالمبادئ الأساسية لأية عملية انتخابية حرة وديمقراطية.
كما قام التقرير بدراسة القوانين الناظمة للمحكمة الدستورية العليا باعتبارها جهاز رقابة قضائي يمارسُ الرقابة القبلية والبعدية على القوانين، وهو ما مهد لدراسة القوانين الانتخابية في سوريا مثل قانون الانتخابات العامة رقم /5/ لعام 2014، باعتباره القانون المؤطر لكل العمليات الانتخابية.
انتخابات غير شرعية ومعدومة الاستقلالية:
اعتبر السيد “فضل عبد الغني” مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن انتخابات “الإدارة المحلية” التي أجراها النظام السوري هي انتخابات معدومة الاستقلالية، وتنتهك أبسط مبادئ حقوق الإنسان في الترشح والاختيار الحر، وتفرض قوائم المرشحين بقوة الأجهزة الأمنية.
وأوضح السيد عبد الغني بأن الغالبية العظمى من قوائم المرشحين كانت من أعضاء “حزب البعث”، الحزب الذي حكم سوريا على مدى أكثر من خمسين عاماً لصالح حكم استبدادي، واصفاً الانتخابات بأنها عديمة الشرعية على غرار الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ومعتبراً بأنها لا تمثل إرادة وحقوق الشعب السوري.
اهتمام النظام السوري بإعطاء واجهة شكلية عن الانتخابات:
أوضح التقرير أن النظام السوري يولي أهمية لهذه الانتخابات في محاولته تأكيد فكرة استمرارية وجوده بممارسة المهام الدستورية وإجراء الانتخابات بمواعيدها، محاولاً تكريس مفاهيم انتصاراته أمام أنصاره.
وأكد القرار أن النظام السوري أحدث 26 وحدة إدارية جديدة ستدخل إداراتها في الانتخابات، ما يتيح له تقديم مزيد من المناصب للموالين له دون أن يكون لهذه الوحدات الإدارية الجديدة أية فائدة للمواطنين.
وأضاف التقرير بأن النظام السوري يستخدم الأعضاء المنتخبين في الإدارة المحلية في إدارة مشاريع التطوير المحلية ومشاريع إعادة الإعمار، حيث ستكون الصلاحيات التي منحتها لهم القوانين مثل مرسوم الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011 والقانون 10 لعام 2018 كبيرة للحد الذي يسمحُ لهم بصياغة مشاريع إعادة الإعمار التي ينوي النظام السوري القيام بها.
وأوضح التقرير بأن تطبيق تلك المشاريع ستمنح أعضاء الإدارة المحلية المنتخبين سلطات كثيرة، كتحديد مالكي العقارات الذين ستنزع ملكيتهم، ودراسة الاعتراضات واستلام وثائق تثبيت الملكية من أصحاب المساكن والعقارات، كما أنهم يشكلون اللجان التي تحدد قيمة الأراضي وتحدد منح السكن البديل.
العوامل التي تجعل “انتخابات الإدارة المحلية” غير شرعية:
استعرض التقرير ستة عوامل رئيسة تجعل من انتخابات الإدارة المحلية في مناطق النظام السوري غير شرعية:
أولها أن هذه الانتخابات تستند إلى دستور وضع بطريقة غير شرعية حيث وضع النظام السوري دستور عام 2012 على غرار كافة الأنظمة الدكتاتورية بطريقة صورية لا تمت إلى مبادئ القانون الدستوري بصلة.
وثانيها تحكم النظام السوري التام بالمحكمة الدستورية العليا وبالتالي غياب الرقابة القبلية والبعدية للمحكمة الدستورية العليا على انتخابات الإدارة المحلية.
أما ثالثها فكان استحالة استقلالية أو موضوعية اللجنة العليا للانتخابات -المشرف الأول على كل أنواع الانتخابات في سوريا -لأنها تابعة للسلطة التنفيذية نظراً للآلية المتبعة في تعيينها، فرأسُ النظام السوري يهيمنُ عليها من خلال التحكم في تعيين أعضائها.
وذكر التقرير أن السبب الرابع هو تلاعب النظام السوري بعدد السكان، فقد قتل النظام السوري منذ آذار 2011 حتى الآن ما لا يقل عن 200478 مدنياً، كما أن هناك ما لا يقل عن 96000 مواطن سوري مختفٍ قسرياً، ولا يقوم النظام السوري بتحديث بيانات الذين قتلهم أو أخفاهم قسرياً.
والسبب الخامس أن سطوة الأجهزة الأمنية تحول دون أية ممارسة انتخابية حرة، فجوهر العملية الانتخابية قائم على حرية الاختيار، وهذا شبه معدوم مع وجود أجهزة أمنية اشتهرت بممارساتها البربرية بحق المواطنين السوريين من عمليات خطف وتعذيب حتى الموت، وإخفاء قسري لسنوات طويلة.
أما السبب الأخير لعدم شرعية انتخابات الإدارة المحلية فهو عدم استقلالية ولامركزية الإدارات المحلية التي يغلب عليها الطابع المركزي الذي يعبرُ عن مركزية السلطة في النظام السوري، وهو ما يعيق أي ممارسة سليمة داخل وحدات الإدارة المحلية في سوريا.
الاستنتاجات والتوصيات:
أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي باتخاذ خطوات جدية لتطبيق قرار مجلس الأمن 2245 القاضي بإنشاء هيئة حكم انتقالي، وتحقيق انتقال سياسي يضمن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية حرة وديمقراطية.
كما أوصى المجتمع الدولي برفض هذه الانتخابات واعتبارها غير شرعية وبذل جهود حقيقية لتحقيق عملية الانتقال السياسي الديمقراطي. إلى غير ذلك من توصيات إضافية.