fbpx

اليوم التالي في رئاسة بايدن

0 715

في سوريا وبغداد وبيروت، ثمة متغيرات تستعد لها العواصم الثلاث خلال العام الجديد، فثمة حالة من الترقب، تتخللها أوهام تثار هنا وهناك مفادها أن المنطقة مقبلة على رحيل طوعي للولايات المتحدة عنها، ما سيتركها وسط حالة الفوضى القائمة، وهو بلا شك حلم إيراني طويل، ما يعني استمرار التغلغل الإيراني في المنطقة واستنزافها حقبة طويلة، ويشاطرها نظام الأسد فيه، الذي يحاول تصدير وهم بقائه، ويستعد لإجراء مبايعة انتخابية على شاكلة ديموقراطية حزب البعث والأجهزة الأمنية المعهودة، التي كل ما عليها هو اختيار مرشح منافس، مجهول الماضي والحاضر والمصير.

لا هذا سيحدث ولا ذاك، فهي سنة عصيبة من المتغيرات على الإيرانيين والنظام السوري وحزب الله، الذين سيواجهون متغيرات مصيرية، سوف تدفع هذه الأطراف جميعاً إلى (الانزياح) نحو مغامرات لم تكن ضمن الحسبان، لذلك من المهم أن نرى المنطقة بعيون الآخرين.

الرؤية الإسرائيلية:

قدم ترامب للإسرائيليين كل ما يقدر عليه خلال سنوات حكمه الماضية، لكن المتغيرات السياسية وملفات الدبلوماسية الجديدة التي فتحتها دبلوماسية العلاقات العربية/الإسرائيلية لا توقف الهواجس الأمنية الإسرائيلية، فالإسرائيليون لديهم مشكلات عديدة، أبرزها النووي الإيراني والصواريخ الباليستية والتمدد الإيراني على حدود الجولان، إضافة إلى المشكلات الداخلية التي يعانيها حزب الليكود، فهو راحل نحو انتخابات جديدة، وهذه بحد ذاتها أزمة تعيد صعوبة مشهد الانتقال، أمام الانقسام السياسي الإسرائيلي الداخلي، الذي كان يتم ردمه تاريخياً أثناء المغامرات العسكرية، وإذا كانت سوريا هي الأقرب لفكرة المغامرة، فهذا وارد، لكن فكرة استمرار توجيه الضربات للقواعد الإيرانية في سوريا لن تكون ذات جدوى ما لم ينجز الليكود عملاً مهماً يستطيع من خلاله ترحيل عموم الأزمات بدلاً من الرحيل عن المشهد السياسي.

فوز الليكود بدورة انتخابية جديدة، يتطلب منه حدثاً مهماً، إما أن يكون بتوجيه ضربة مهمة في العمق الإيراني، أو القيام بما هو ملفت على الساحة السورية.

الرؤية الأمريكية:

الأمريكان لا يرون سوريا كملف منعزل عن العراق وإيران، وإن كانت رؤيتهم لليمن من الناحية الأمنية أقل أهمية، بسبب استحالة التواصل الإيراني السهل مع اليمن، لهذا كله، فالنووي الإيراني، والوجود الإيراني والتهديد الإيراني للمصالح الأمريكية في العراق وعموم المنطقة، هو ملف واحد، مرتبط بالملف السوري من جانب، وهو ما يجعل الأمريكان يضعون سوريا أمام مشهد التغيير المحتمل، فهم يمتلكون القلق الكافي من المخاطر الإيرانية على مصالحهم، ويمتلكون أيضاً الذكريات الخاصة بالرؤية الخاطئة للمشهد السوري في حقبة أوباما، فالكيماوي السوري الذي تمت مقايضته بعدم ضرب نظام الأسد، هو اليوم واجهة مكشوفة، ومسؤولية أمام الديموقراطيين، خصوصاً بعدما أكدت فرق الأمم المتحدة عن العودة لاستخدام الكيماوي في خان شيخون ما بعد موسم التسليم الشهير للكيماوي السوري، حيث ظهر النظام وقد ارتدى ثوب البراءة بعده، لينسب الكيماوي فيما بعد لمعارضيه، الذين حاول تسويق فكرة أنهم هم من ضربوا أنفسهم فيه.

الأمريكان لديهم قلق المليشيا في العراق، وهذا يتطلب حدثاً سياسياً هو أكبر من ضرب المليشيا، وقد يكون الذهاب إلى دعم قيام إقليم الأنبار، وفي حال تم قيام هذا الإقليم، فسوف يكون مستقبل الوجود الإيراني كاملاً وسط مأزق لا مفر منه، ولعل كثير من العراقيين يشككون بإمكان قيام هذه الخطوة، لكنها ممكنة من خلال غطاء عربي، وهو ما سيعني أيضاً أن نظام الأسد عائد إلى القفص.

الرؤية الإيرانية:

يعرف الإيرانيون أنهم لا يملكون سوى الانتظار، وأن الوقت ليس في صالحهم على المستوى الداخلي، لكنهم أمام سيناريو الأزمة الاقتصادية لا يملكون سوى لغة البطش، واللجوء إلى انتخابات شكلية على شاكلة مبايعات نظام الأسد، لكنها تحفل بكثير من التزوير، وقليل من ردود الأفعال التي قد تحدث تغييراً داخلياً مهماً.

إيران تمتلك شيئاً واحداً فقط وهو أن تغامر بحليفيها حزب الله وحماس، وهؤلاء هما الورقة الوحيدة التي إذا استخدمتها إيران فهي (تعتقد) أنها ورقة التسوية السياسية مع واشنطن، لأنها ستخرج بعد هزيمة حزب الله (كالعادة) بنظرية الانتصار العظيم الذي تحقق بدعم إيران، وبالتالي فسوف تظهر إيران وكأنها ستفاوض الأمريكان بشرف.

هذا هو الخيال الإيراني، لكن ما سيحدث على الأرض في المرات القادمة، سيكون مختلفاً، وأما النظام السوري فهو مجرد فرق حساب خلال الأشهر القليلة القادمة.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني