fbpx

المشهد السوري.. معطيات ومآلات

0 221

اليوم: “قمة مصرية – أردنية – عراقية – إماراتية/العقبة.

الأحد القادم: “لقاء خماسي وزاري أميركي – إماراتي – إسرائيلي – بحريني – مغربي/تل أبيب!!

الجمعة الماضية: “قمة مصرية – إماراتية – إسرائيلية/شرم الشيخ”.

ما هي أهم مآلات الصراع، في ضوء معطيات المشهد السياسي السوري، في إطار حراك إقليمي كبير، تقوده الولايات المتحدة الأمريكية؟

أعتقد أن ما يحصل اليوم هي خطوات في سياق تحقيق صيرورة أطلقتها الإمارات، بضوء أخضر أمريكي، لوضع ترتيبات وتفاهمات إعادة حالة “الأخوة” في “الجامعة العربية” إلى الحالة التي كانت عليها قبل 12 تشرين الثاني 2011 حين اتخذ مجلس وزراء خارجية العرب قراراً “بتجميد” عضوية سوريا، وما نتج عنه من سحب السفراء من دمشق، وتعليق مشاركة وفود سوريا في اجتماعات مجلس الجامعة وجميع المنظمات التابعة لها، بذريعة عدم التزام الحكومة بتعهدات حول وقف إطلاق النار، وسحب السلاح الثقيل من المدن، ومجموعة نقاط أخرى، ضمنتها خطة السلام العربية، المدعومة من تركيا وقطر ومصر!!.

العودة عن قرار تجميد العضوية اليوم لا يرتبط بالطبع بالتزام الحكومة بتلك التعهدات، فقد أصبح جميع السوريين في سياق آخر، مختلف جذرياً.

سورية اليوم، لا تشبه سورية الأمس، رغم بقاء النظام، أو ربما بسببه!.

إعادة التأهيل إقليمياً مسار منطقي، وصيرورة طبيعة، ومحطة موضوعية، في نهاية صيرورة الحرب، والوصول إلى حل سياسي وطني، شامل!.

في سوريا اليوم، لا يوجد حل سياسي وطني، وليس وارد في المدى القريب والمتوسط.

الوارد اليوم هو شرعنة ما حدث من “صفقة سياسية”، وضعت حداً لحروب اقتسام الكعكة السورية، وفقاً لما رسمته موازين قوى الصراع العسكري ما بين 2016-2020، التي أقرتها اتفاقيات الدول الضامنة، وخاصة خاتمتها، اتفاقات الرئيسين الروسي والتركي في 5/3/2020 برعاية أمريكية!.

سوريا اليوم مقسمة حصصاً ومناطق نفوذ بين القوى الخارجية التي تورطت في خيار الحرب، على الصعيدين الإقليمي والدولي (الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، تركيا، إيران)، وشركائهم السوريين، الذي شكلوا أذرع الثورة المضادة الميليشياوية، ويحكمون اليوم مناطق “الأمر الواقع”، وبحضرة شهود الزور من قوى ومنصات وهيئات “المعارضات”؛ أربع مناطق، شبه منفصلة:

” شمال غرب سوريا” (ميليشيا الجيش الوطني)، “شمال شرق سوريا” (ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية) “غرب سوريا – إدلب” (ميليشيا النصرة، و”سوريا المفيدة”، حيث تُسيطر حكومة الجمهورية العربية السورية.

أين تكمن خطورة إعادة التأهيل الإقليمي، في ظل غياب حل سياسي وطني شامل؟

في 2016، أعلنت روسيا أنها ستسحب قواتها من سوريا، بعد إنجاز هدفها الرئيسي، وهي غير مستعدة لتحمل أعباء “إعادة سيطرة” القوات الحكومية على كامل مساحة سوريا.

لم يُنفذ الروس تهديداتهم حينئذ، وتابعوا مشاركة فعالة لتحقيق هدف الحكومة المُعلن باستمرار القتال حتى استعادة السيطرة على جميع المناطق المتمردة.

بعد اتفاق آذار 2020، لم يحدث تغيير مهم على الأرض، رغم محاولات عديدة، ومعارك كر وفر بين القوى المتصارعة.

مفاوضات الحكومة وسلطة الإدارة الذاتية، للوصول إلى تفاهمات حول شروط علاقات جديدة، تأخذ بعين الاعتبار الواقع القائم في منطقة “الحكم الذاتي” هي بدورها، لم تصل إلى أية نتيجة!.

اليوم، إذا كانت روسيا مترددة قبل اتفاق 2020، وبعده، بخصوص استمرار جهدها العسكري، الداعم لجهد الحكومة (بغض النظر عن الثمن!)، الساعي لإعادة السيطرة على جميع مناطق “الجمهورية العربية السورية”، فقد أصبحت، نتيجة لغزوها أوكرانيا، وما تواجهه من عواقب اقتصادية وسياسية وعسكرية، في حالة تجعل استمرار مساهمتهما بحروب استعادة السيطرة،

مسألة غير واردة إطلاقاً.

هنا تتجسد أخطر انعكاسات الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا:

ثبات خطوط، وحدود، حصص تقاسم سوريا، واقتناع الجميع أن الوضع القائم هو مصلحة مشتركة، ويجب الحفاظ عليها، إلى أن يخلق الله ما يشاء!!.

ضمن هذا السياق التقسيمي، ربما، تأتي جهود توحيد الجامعة العربية، ويكمن الخطر المحدق بسوريا، الدولة الواحدة.

ضمن نفس السياق أيضاً، من الطبيعي أن يُشكل مؤتمر قمة الجزائر، المُزمع عقده في تشرين الثاني القادم، بمثابة الإعلان الرسمي عن انتهاء حروب الثورة المضادة في كامل سيطرة الأنظمة العربية، وما أنجزته من هزيمة تاريخية لثورات الربيع العربي (أهداف وقوى وجمهور ومؤسسات دول)، ونهاية مأساوية لتضحيات ملايين البشر، على طرق الانتقال السياسي والتحول الديمقراطي!!

نقطة مهمة يجب الإشارة إليها:

نتيجة لدورها الأساسي في توفير أسباب نجاح جهود “الخيار العسكري – الطائفي”، (الذي ما تزال نخب المعارضة تنكره عليها! (في مواجهة استحقاقات ديمقراطية وطنية في ربيع 2011، (كان لتحقيق الحد الادنى منها، عبر صيرورة سياسية تقودها الحكومة السورية، أن يوقف مسار الحرب! ويجنب سوريا، والسوريين عواقبها)، ومكافأة لها، تحصل الولايات المتحدة (وأذرعها غير السورية) على حصة الأسد، رغم مشاركتها، وهيمنتها غير المنظورة، وتحتل اليوم قلب سوريا، وموطن أعظم ثرواتها، البشرية والجغرافية والاقتصادية، والجيوسياسية (تخوم الجغرافيا السورية مع تركيا والعراق والأردن)، وتتحكم بمفاتيح قيام حل سياسي – وطني!.

السلام والعدالة لجميع السوريين، في إطار دولة موحدة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني