fbpx

المرأة وتقييم احتياجاتها ضرورة ملحة

2 473


ابتسام المحمود

بالرغم من كل ما قدمته المرأة السورية خلال السنوات العشر من عمر الثورة السورية، إلا أنها لم تحقق أي شيء لنفسها وبالتالي لم تحقق أي شيء فعلي أو ملموس، ولم تنجز أي خطوة نحو الأمام فيما يخص عمل المرأة سواء سياسياً أو في مراكز صنع القرار.

هذا ما تقوله السيدة ابتسام المحمود عند سؤالها إن كانت المرأة السورية قد استطاعت تحقيق ذاتها والوصول إلى مكان يمكّنها من اتخاذ القرار.

تقول ابتسام: كان هناك حرية في اتخاذ القرارات إلى حد ما وكنا نمثل دورنا وإذا صادفتنا مشكلة نتوجه إلى الجهات الحزبية، كنساء استطعنا تحقيق الكثير، أتذكر مشروع محو الأمية في الرستن الذي استطعنا خلاله في الفترة بين عامي 2000 و2005 إعلان الرستن خالية تماماً من الأمية. عن طريق الاتحاد النسائي تمتعنا بشيء من الحرية، وخاصة في اتخاذ القرارات ولو بشكل جزئي.

تشكيل الاتحاد النسائي الحر

في فترة حصار حمص أثناء سيطرة الجيش الحر والفصائل، أعلنت عن تشكيل الاتحاد النسائي في ريف حمص المحرر، كان هناك تعاون كبير جداً، وتمت دعوة المنظمات والتشكيلات والفصائل العاملة في ريف حمص الشمالي كافة، وأبدى الجميع رغبة بالتعاون وتسهيل الإجراءات، ولم نشعر بمصادرة لقراراتنا أو ضغط على عملنا، والرأي كان مستقلاً بشكل كامل، واستطعنا العمل وتقديم خدمات كبيرة ومهمة رغم أننا كنا في منطقة محاصرة، ورغم قلة الإمكانات وصعوبة وصولها تمكنا من تقديم خدمات مهمة في عام 2017.

عند تشكيل اتحاد مجلس حمص الحر، كنا نتواصل مع مجلس حمص المحلي وكنت رئيسة مكتب المرأة في المجلس، وكانت المرأة ممثلة في المجالات الإغاثية كافة، والمنظمات وفرق الدفاع المدني، وتتمتع بتمثيل قوي وأخذت دوراً مهماً في تلك الفترة رغم أننا كنا نسعى للحصول على تمثيل يشمل شريحة أكبر، لكن بعض النساء أقصين أنفسهن عن العمل، وابتعدن عن أغلب النشاطات.

أثبتت المرأة نفسها 

وتضيف السيدة ابتسام أن المرأة استطاعت إثبات نفسها في الثورة في المجال السياسي مقارنة بالسنوات السابقة، ولكنها لم تصل إلى الحد المطلوب حتى الآن ولم تأخذ الدور الحقيقي سواء في المنظمات أو جهات معنية، لم تأخذ التمثيل الذي يجب أن تحصل عليه، ولم تعط الأهمية لعملها الذي قدمته في تلك الفترة.

كثرة المنظمات 

بالنسبة للمنظمات، فإن كثرة الأسماء التي طرحت على ساحة العمل أعطت انطباعاً سلبياً عن المرأة السورية، وبالتالي غطت على عمل المرأة بشكل عام ومن ناحية أخرى فإن المنظمات التي كانت تحمل شعارات حماية المرأة حملت الاسم فقط، ولم تمثل المرأة بالشكل المطلوب، ولم تعمل على تقديم الاحتياجات المطلوبة، يجب أن يكون هناك تقييم للاحتياجات وفرز للمتطلبات وتخصيص منظمات تعنى بالمطلقات وأخرى تعنى بحرمان الفتيات من التعليم، وأخرى تعنى بموضوع زواج القاصرات وغير ذلك.

تضحيات المرأة السورية 

التضحيات التي قدمتها المرأة السورية كانت بحجم وطن كامل، لا يستطيع أي انسان تجاهلها لأن حجمها كان كبيراً، فالمرأة في الثورة فقدت الابن والأخ، والزوج والأب، أي أنها فقدت المعيل وتحملت عبئاً كبيراً من المسؤوليات التي أثقلت كاهلها وتحولت إلى زوجة شهيد، وأم لأيتام وأخرى أصبحت زوجة معتقل، وأخرى ثكلى تتجرع حزن فقد ابنها، وأثقلت المرأة بظروف اقتصادية صعبة جداً ما دفع بعضهن لتحمل مصاريف عائلة كاملة ناهيك بتعرض المرأة الوحيدة لظروف اجتماعية قاسية جداً نتيجة نظرة المجتمع الذكوري تجاه المعتقلة أو من فقدت من يعيلها لأي ظرف كان، ما شكل عائقاً كبيراً أمام المرأة، وبالتالي منع بعضهن من مزاولة أي عمل وهذا الأمر تم لمسه من خلال عملنا في المخيمات، وبالتالي كانت المنظمات بعيدة تماماً عن دعم هذا الجانب، وكان دورها ينحصر في الجانب الإغاثي ولم يكن هناك أية جهات أو منظمات تعنى بالجانب المعنوي، والتوعوي لدعم هؤلاء النسوة. 

دعم نفسي وتثقيف للمرأة

تمت مناقشة هذا الأمر كثيراً، وفي كثير من الورشات طالبنا بتخصيص منظمات تعنى بمثل هذه الشؤون التثقيفية، وكنت ممن شجعوا مثل هؤلاء كثيراً لأنهن بحاجة إلى الدعم أكثر من الباقين، وخاصة الناجيات اللواتي أقصاهن المجتمع بالتعاون مع الرجل ومارس بحقهن مختلف أنواع التعذيب النفسي والاجتماعي، وكأن الناجية خرجت من معتقل إلى آخر وأنا أتساءل أين المنظمات وماذا قدمت لمثل هؤلاء.

أقول: إن المرأة لم تنصف ولم تأخذ الدور الذي تستحقه رغم أنها ضحت كثيراً في سنوات الثورة.

قدمت المرأة السورية قصصاً رائعة في البذل والعطاء وأضحت أيقونة لثورات الربيع العربي.

إعادة تهيئة النساء

من أهم المسائل الملحة التي تحتاج لبذل كل الجهود بالنسبة لعمل المرأة، إعادة تهيئة النساء بشكل كامل وإعادة تمكين وخاصة في المناطق المحررة، وزيادة نشر الوعي وإعادة تشكيل منظمات تعنى بشؤون المرأة متخصصة في مجالات عدة، ولا ننسى الجانب القانوني، فكثير من النساء فقدن حضانة أطفالهن وذلك لعدم قدرتهن على دفع تكاليف وكالة محام، بالإضافة إلى الجهل الكبير، نتيجة الحرب التي فرزت طبقة أمية كبيرة وجاهلة وخاصة من النساء لدرجة أن بعضهن يعجزن عن معرفة سنة ميلادهن وأعمارهن.

لا أستطيع النهوض بعمل المرأة مع وجود فئة من هؤلاء السيدات الأميات فنحن بحاجة فرز وتقييم احتياجات المرأة وخاصة في المناطق المحررة. 

ابتسام المحمود، من مدينة الرستن، في حمص، حاصلة على إجازة في كلية التربية/علم النفس، شغلت منصب رئيس رابطة الاتحاد النسائي في الرستن من عام 2004 حتى تم الفصل عام 2012، وعملت بالمجال الإغاثي مع منظمات في الريف الشمالي المحرر في حمص أثناء الثورة، كما عينت مسؤولة عن مكتب المرأة في المجلس المحلي في مدينة الرستن، حتى التهجير2018، ثم عينت رئيس اتحاد نساء حمص الحر الذي تم تشكيله في أيلول/2017.

قامت بنشاطات عديدة تخص تمكين المرأة في كل المجالات، الثقافية والصحية والقانونية والسياسية وذلك من خلال سلسلة من الندوات والمحاضرات والدورات، حالياً تعمل مديرة مدرسة في ناحية راجو التابعة لمدينة عفرين.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

2 التعليقات
  1. محمد غياث مارتيني says

    لا أستطيع النهوض بعمل المرأة مع وجود فئة من هؤلاء السيدات الأميات فنحن بحاجة فرز وتقييم احتياجات المرأة وخاصة في المناطق المحررة.

  2. حنان جنيد says

    نحن في الشمال المحرر بحاجة فعلا إلى جهود كبيرة للنهوض بالمرأة وتعزيز دورها بشكل كبير في المجتمع والناحية السياسية لان خلال العشر سنوات الماضية تراجع دورها بشكل كبير بسبب الحرب والتهجير وظروف الحياة الصعبة

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني