المبعوث الروسي الخاص إلى سورية يشوه ملف المعتقلين والمختفين قسرياً لدى حليفه النظام السوري
صرَّح المبعوث الروسي الخاص إلى سورية “ألكسندر لافرنتييف” مؤخراً ضمن لقاء صحفي على هامش الجولة الـ 17 من محادثات مؤتمر أستانا بأن عدد المعتقلين في سورية، وهو 980 ألف لا يمكن أن يكون معقولاً نظراً لعدد السجون الموجودة فيها.
وبناء عليه فقد أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً خاصا قالت فيه إنَّ هناك ما لا يقل عن 131469 ما بين معتقل ومختفٍ قسرياً لدى النظام السوري منذ آذار 2011 وفقاً لقاعدة بياناتها، وإنَّ تصريحات المبعوث الروسي الخاص إلى سورية تهدف إلى تشويه ملف المعتقلين والمختفين قسرياً لدى حليفه النظام السوري.
وأضاف التقرير أن التصريح يهدف إلى ضرب مصداقية ملف المعتقلين والمختفين قسرياً لدى النظام السوري، مشيراً إلى ما مارسته روسيا على مدى عشر سنوات من دور محامي الشيطان في الدفاع عن النظام السوري وتبرير جميع انتهاكاته أو نفيها.
وفي هذا السياق أكَّد التقرير أن على المبعوث الروسي وغيره الاستناد إلى البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة أو المنظمات الحقوقية التي تمتلك قواعد بيانات مبنية وفقاً لمنهجية واضحة تم العمل عليها على مدى قرابة إحدى عشرة سنة.
وطبقاً للتقرير فإن توثيق عمليات الاعتقال عملية معقدة وشاقة بسبب ممارسات النظام السوري البربرية، ولفتَ التقرير إلى أنَّ عمليات الاعتقال التي يقوم بها النظام السوري والميليشيات التابعة له إنما هي أقرب إلى عمليات خطف، حيث تتمُّ من دون مذكرة قضائية، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عنها بعيداً عن السلطة القضائية، كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحول معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
وأكد التقرير أن الأجدر بالمبعوث الروسي أن يطالب النظام السوري ووزارة الداخلية التابعة له بنشر قوائم بأسماء المواطنين السوريين المعتقلين لديها، حيث لا توجد أية بيانات أو قوائم منشورة صادرة عن النظام السوري ومؤسساته.
حصيلة حالات الاعتقال التعسفي
ووفقاً لقاعدة البيانات فقد سجل التقرير ما لا يقل عن 149862 شخصاً بينهم 4931 طفلاً، و9271 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية منذ آذار 2011 حتى آب 2021.
وحسب التقرير فإن النظام السوري وحده اعتقل 131469 بينهم 3621 طفلاً و8037 سيدة (أنثى بالغة)، أي ما نسبته قرابة 87%.
وأضاف التقرير أنه لا يزال 2287 بينهم 37 طفلاً و44 سيدة قيد الاحتجاز أو الاختفاء القسري لدى هيئة تحرير الشام.
وبحسب التقرير فإنه لا يزال 3641 شخصاً بينهم 296 طفلاً و759 سيدة معتقل لدى جميع فصائل المعارضة المسلحة.
وذكر التقرير أن قرابة 3817 شخصاً بينهم 658 طفلاً و176 سيدة لا يزالون قيد الاحتجاز أو الاختفاء القسري لدى قوات سورية الديمقراطية.
حصيلة حالات الاختفاء القسري
طبقاً للتقرير فقد بلغت حصيلة المختفين قسرياً ما لا يقل عن 102287 شخصاً بينهم 2405 طفلاً و5801 سيدة، منهم 86792 لدى قوات النظام السوري بينهم 1738 طفلاً، و4986 سيدة، و8648 شخصاً أُخفوا على يد تنظيم داعش بينهم 319 طفلاً و255 سيدة.
فيما أسندَ التقرير مسؤولية إخفاء 2064 بينهم 13 طفلاً و28 سيدة إلى هيئة تحرير الشام.
وأضاف التقرير أنَّ 2567 شخصاً بينهم 237 طفلاً و446 سيدة لا يزالون قيد الاختفاء القسري لدى مختلف فصائل المعارضة المسلحة منذ عام 2011 حتى الآن في جميع المناطق التي سيطرت عليها، و2216 شخصاً بينهم 98 طفلاً و86 سيدة لا يزالون قيد الاختفاء القسري لدى قوات سورية الديمقراطية.
وأكد التقرير أنَّ هذه الحصيلة لا تمثل سوى الحد الأدنى من حوادث الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري التي تمكن فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان من تسجيلها، وأن الواقع ينضوي على آلاف الحالات والحوادث التي لم يتمكن من توثيقها.
وذكر التقرير أبرز الصعوبات والتعقيدات التي تواجه عمليات التوثيق، وأهمها خوف كثير من الأهالي من توثيق خبر اعتقال أبنائهم، وذلك لاعتقاد سائد في المجتمع السوري أن ذلك سوف يُعرِّضهم لمزيد من الخطر والتَّعذيب.
ومن الصعوبات فقدان ثقة المجتمع السوري من جدوى التعاون في عمليات التوثيق، والسبب الرئيس وراء ذلك فشل المجتمع الدولي والأمم المتحدة بمؤسساتها كافة في الضغط على السلطات السورية للإفراج عن حالة واحدة فقط، (بمن فيهم من انتهت محكومياتهم).
إضافة إلى أنَّ أحداً من أطراف النزاع والقوى المسيطرة لا يتيح أي سجل عام للمجتمع يُظهر أماكن وجود المعتقلين وأسباب اعتقالهم، ولا ما هي الأحكام القضائية التي صدرت بحقهم، بما في ذلك عقوبة الإعدام، ولا تعلم الغالبية العظمى من الأهالي مصير أبنائها.
أوضح التقرير أنه بالرغم من أن قضية المعتقلين والمختفين قسراً تعتبر من أهم القضايا الحقوقية في العالم، إلا أنها في الأزمة السورية لم يحدث فيها أيُّ تقدم يُذكَر على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي خطة السيد كوفي عنان.
وكذلك تم تضمينها في بيان وقف الأعمال العدائية في شباط 2016، وفي قرار مجلس الأمن رقم 2254/2015، الذي نصَّ على ضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين وخصوصاً النساء والأطفال بشكل فوري.
ومع ذلك كله لم يطرأ أيُّ تقدم في ملف المعتقلين في جميع المفاوضات التي رعتها الأطراف الدولية بما يخص النزاع في سورية.
كما أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تتمكن من زيارة كافة مراكز الاحتجاز بشكل دوري وهذا يُشكل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
أكَّد التقرير أنَّ النظام السوري لم يفِ بأيٍّ من التزاماته في أيٍّ من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وبشكل خاص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيَّة والسياسية.
وأضاف التقرير أن النظام السوري قد أخلَّ بعدة مواد في الدستور السوري نفسه، فقد استمرَّ في توقيف مئات آلاف المعتقلين دونَ مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تُهم، وحظر عليهم توكيل محامٍ والزيارات العائلية، وتحوَّل قرابة 68% من إجمالي المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
أوصى التقرير النظام الروسي بمطالبة حليفه النظام السوري بالكشف عن مصير قرابة 87 ألف مختفٍ قسرياً، والإفراج الفوري عن عشرات آلاف المعتقلين تعسفياً والموقوفين والذين انتهت محكومياتهم والتوقف عن عمليات التعذيب المتوحشة.
وختم التقرير بمطالبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والأطراف الضامنة لمحادثات أستانا بتشكيل لجنة خاصة حيادية لمراقبة حالات الإخفاء القسري، والتَّقدم في عملية الكشف عن مصير قرابة 102 ألف مختفٍ في سوريا، 85% منهم لدى النظام السوري والبدء الفوري بالضَّغط على الأطراف جميعاً من أجل الكشف الفوري عن سجلات المعتقلين لديها، إلى غير ذلك من توصيات إضافية.