الكورونا في دمشق فتكت بالمواطنين والاقتصاد على حد سواء وسط عجز حكومي وتنصل الحلفاء
بعد انتهاء الموجة الأولى من الكورونا والتي حصدت أرواح أكثر من مليون شخص وأصابت حوالي 38 مليون شخصاً حول العالم ولم ينج من ذلك الفيروس اللعين لا الغني والفقير ولا المسؤول ولا المواطن وحتى الملوك والرؤساء طالهم المرض، وكان ترامب آخر المصابين من الرؤساء، العالم الآن بات مهدداً بموجة أخرى من الفيروس مع دخول فصل الشتاء وقد حذر الأطباء من أن الموجة الثانية من الكورونا مختلفة عن الأولى وقد تكون أشد خطراً خصوصاً على الشباب بعد أن كانت الموجة الأولى منه تشكل خطراً على كبار السن والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية سيئة، وقد بدأت بعض الدول بإعادة فرض الحجر الجزئي لبعض المناطق فيها والتي لوحظ فيها ارتفاع كبير في عدد الإصابات خلال فترة زمنية قليلة
حصاد الموجة الأولى من الكورونا في سوريا:
يبدو أن الحصار الذي ضرب على سوريا لم ينجح بأن يشمل فيروس الكورونا، فقد ضرب الفيروس كامل الأراضي ولم يميز بين مناطق النظام أو المعارضة أو قسد فطال مختلف الجغرافية السورية، ولكن كان النصيب الأكبر لدمشق وريفها نظراً للتجمع السكاني الكبير فيها من ناحية وبسبب وجود الروس والإيرانيين الذين كان لسكان كلا البلدين النصيب الأكبر من عدد المرضى، بالإضافة إلى أن سوريا لم توقف رحلاتها أو تعاملاتها مع الصين ما ساهم في نشر المرض بسوريا بشكل مبكر وكبير، وقد أخبرنا الطبيب ع.ص وهو أحد أطباء الأنف والأذن والحنجرة في دمشق بأنه منذ شهر تشرين ثاني لعام 2019 بدأ يلاحظ ارتفاع نسبة المرضى الذين يرتادون عيادته بأعراض تشبه إلى حد كبير أعراض الكورونا مع استمرار تلك الأعراض لفترة طويلة وازدياد الأعداد الملحوظ، وقد أكد شكوك الطبيب أنه منذ شهر تشرين وحتى آذار الذي سجلت فيه أول حالة إصابة رسمية كانت هناك الكثير من تقارير الوفاة تخرج من مختلف مشافي دمشق و كانت تحدد أسباب الوفاة نتيجة مرض ذات الرئة وليس كورونا، وقد أخبرتنا إحدى السيدات التي كانت تراجع المشفى الإيطالي في دمشق خلال شهر شباط الفائت أنها شهدت خروج أكثر من 20 جثة من المشفى خلال يوم واحد وعند سؤالها عن سبب الوفاة أخبروها بأنه ذات الرئة، وحتى الآن مازال النظام يخفي العدد الحقيقي للإصابات فحتى هذه اللحظة يدعي أن عدد المصابين وصل إلى 4718 شفي منها 1296 والوفيات 224.
ورغم ادعاء النظام قلة الحالات إلا أنه عمد إلى إغلاق بلدات بأكملها عن طريق وضع حواجز عسكرية والتي كانت أولها رأس المعرة في القلمون لانتشار الفيروس بين السكان وتبعها إغلاق مدينتي التل والسيدة زينب التي تعج بالإيرانيين والعراقيين الشيعة نظراً لوجود مراقد دينية.
لكن الحجر شمل السكان السوريين فقط بينما باقي الجنسيات كانت تتمتع بحرية الحركة والتنقل وفيما بعد تبعها إغلاق جديدة الفضل. وبحسب السكان فإن تلك البلدات كانت مليئة بالإصابات وتقدر نسبة الإصابة فيها بـ 70% من السكان وقد وضع الإغلاق سكان تلك المناطق تحت رحمة تجار الأزمات إذ قاموا باحتكار المواد الأساسية وبيعها للمواطنين بأسعار عالية جداً، أما بالنسبة لمدينة دمشق وبحسب استطلاع أجرته صحفية نينار برس شمل بعض أحياء دمشق علمنا أن أحياء كاملة قد أصيبت بل انتشر المرض فيها بطريقة مخيفة وكان أهالي تلك المناطق يحذرون أقاربهم من الدخول إليها كحي الميدان الدمشقي وحي كفر سوسة بالإضافة إلى حي أبو رمانة وصولاً إلى دمر وقدسيا لكن النظام لم يعلن عنها ولم يقم بأي إجراءات لتفادي انتشارها أكثر بل اكتفى بمحاولة التكتم وإخفاء الحقيقة ومعاقبة من يقوم بنشر أرقام أو إحصائيات، وأعلن عجزه وعدم قدرته على استيعاب حالات أكثر مع أن الرقم عندها كان 1000 حالة فقط، ما اضطر مجموعة من الشباب والشابات لتشكيل مجموعات هدفها تقديم الإسعافات وأسطوانات الأكسجين.
يذكر أن أسطوانة الأكسجين ارتفع سعرها من 75000 إلى 500000 ليرة سورية مع النقص الحاد في توفرها، وقد صرح العاملين في تلك المجموعة أنهم كانوا يومياً يتلقون أكثر من 500 اتصال من مناطق مختلفة طلباً للأكسجين أو للاستفسار عن كيفية التعامل مع المرضى وما الإجراءات الواجب اتخاذها، واستمرت الوتيرة بالارتفاع حتى نهاية الشهر الثامن، ومع بداية الشهر التاسع أخذ المرض بالانحسار وقل الطلب على أسطوانات الأكسجين، حتى أعلن الأطباء العاملين في المشافي الحكومية عن خلو الأسرة في غرف الحجر من أي مرضى، وقد ذكر معاون مدير صحة دمشق أن أعداد المصابين في دمشق يقدر بـ 125 ألف إصابة فيما ذكرت قناة روسيا اليوم أن العدد وصل إلى مليون إصابة.
خسائر سوريا الاقتصادية على صعيد الأفراد والدولة جراء الكورونا:
كما اعتادت الحكومة السورية على التصرف بدون أي دراسة أو تفكير استمرت بنفس العقلية مع جائحة الكورونا ففي منتصف الشهر الثالث أعلنت عن إغلاق المحلات والمراكز التجارية كافة إضافة إلى محلات الحلاقة وورشات الصيانة والإصلاح بالإضافة إلى المدارس والجامعات وجميع المراكز التعليمية وفرضت حظر تجول جزئي خلال أيام الأسبوع وحجر كلي يومي الجمعة والسبت، كل تلك الإجراءات أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي المنهار أساساً بسبب الحرب ووضعت المواطنين في دوامة لا تنتهي من الأزمات فأغلب المواطنين السوريين يعملون بالأعمال الحرة حتى الموظفين منهم نظراً لقلة الرواتب وارتفاع الأسعار، ففرضت على المواطنين الحجر دون أن اهتمام لما سيحل بهم أو سيأمنون موارد مالية دون تقديم أي مساعدات أو معونات من المواد الأساسية، وقد أخبرنا أبو عمر وهو يعمل في مجال الخياطة أنه في فترة الحجر لم يكن يحضر إلى منزله سوى الخبز والبيض وقد كان قوتهم اليومي منه، ولو أنه خير بين إغلاق دكانه و الإصابة بكورونا، لاختار الفيروس لأنه أخف وطأة من الجوع والفقر والعوز وقلة الحيلة، وكان للحجر والكورونا انعكاس كبير على الوضع الاقتصادي للدولة، إذ قدر باحثون في المجال الاقتصادي أن سوريا خسرت بسبب الكورونا تريليون ليرة سورياً ومن الممكن أن ترتفع الخسارة إلى 4 تريليونات، وذلك بسبب الشلل الاقتصادي الذي حدث بسبب إغلاق المحلات وتوقف عجلة الإنتاج وتوقف معظم المصانع الكبرى عن العمل بسبب منع التنقل بين المحافظات وعدم القدرة على تأمين المواد الأولية ونقل البضائع المصنعة بالإضافة إلى إغلاق الحدود مع الدول المجاورة وتوقف الحوالات المالية في تلك الفترة بسبب الإغلاق العام في معظم دول العالم، ما أسهم في إضعاف الاقتصاد أكثر، وقد تهكم أحد أعضاء مجلس الشعب السوري على إجراءات الحكومة قائلاً: يبدو أن الأمور قد اختلطت على حكومتنا، إذ يجب عليها محاربة الكورونا لا الشعب.
خطر الموجة الثانية يهدد دمشق:
مع ازدياد التحذير بشأن موجة أخرى تضرب العالم، تزداد مخاوف المواطنين السوريين، وخاصة أن حليف النظام الرئيسي إيران غارق تماماً في مستنقع الكورونا دون أي أمل في النجاة، وبسبب انتشار الإيرانيين الكبير في دمشق وزياراتهم المتكررة بحجة زيارة المراقد الدينية والحج، تزداد خشية المواطنين من انفجار الوضع، وخاصة مع الإصرار على افتتاح المدارس والجامعات دون أي إجراءات حماية أو وقاية وحتى دون أي أسلحة دفاع ضد الفيروس، فمن جهة فان حلفاء النظام يمتنعون عن تقديم أي دعم ولو كان في المجال الصحي، ومن جهة أخرى فالقطاع الطبي منهار تماماً والأدوية تكاد تكون معدومة، وقد طالبت نقابة أطباء سوريا بتأمين الأدوية الضرورية اللازمة للإسعافات بسبب النقص الحاد فيها بالإضافة إلى مناشدات لحماية الأطباء والممرضين الذين فتك الفيروس بهم ويذكر الطبيب م.ع أنهم يعانون من نقص حاد بوسائل الوقاية وتم رميهم في ساحة المعركة دون أي عتاد بالإضافة إلى خسارة أكثر من 50 طبيباً من كبار أطباء سوريا بسبب الكورونا.
ويبقى مطلب الأطباء والمواطنين على حد سواء هو قيام الحكومة بواجبها المطلوب منها وهو حماية المواطن صحياً واقتصادياً والقيام بإجراءات جادة لمنع تدهور الوضع أكثر.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”