الفيلسوف برتراند رسل وفلسطين.. روح الفيلسوف هي روح فلسطينية بالضرورة
إن روح الفيلسوف هي روح فلسطينية بالضرورة، لأن روح الفلسفة هي الحق، والحقيقة، والخير، والجمال. وقد عبر الفيلسوف رسل الذي أسس محكمة رسل عن هذه الروح في بيانه الآتي الذي تلاه وأصدره 1970.
بيان الفيلسوف الشهير برتراند رسل:
«إن المرحلة الأخيرة من الحرب غير المعلنة في الشرق الأوسط مبنية على حسابات خاطئة للغاية، إن الغارات الجوية في عمق الأراضي المصرية لن يجبر المواطنون المدنيين على الاستسلام، ولكن سيقوي عزيمتهم للمقاومة، وهذا هو الدرس المستفاد من كل الضربات الجوية السابقة (القصف الجوي السابق). الفيتناميين اللذين عانو واحتملوا سنوات من القصف الأمريكي العنيف لم يستجيبوا لشروط الاستسلام ولكن استجابوا بضرب وإسقاط المزيد من طائرات العدو؛ وفي عام 1940 قاوم أبناء وطني غارات هتلر الجوية بوحدة وتصميم لم يسبق لهما مثيل؛ ولهذا السبب فإن الهجمات الإسرائيلية الحالية ستفشل في تحقيق هدفها الأساسي، ولكن في الوقت نفسه يجب إدانتها بقوة في جميع أنحاء العالم. إن تطور الأزمة في الشرق الأوسط أمر خطير ومفيد في نفس الوقت، وعلى مدى أكثر من 20 عاماً، توسعت اس أ ئ ي ل بقوة السلاح، وبعد كل مرحلة من هذا التوسع كانت إسرائيل تلجأ إلى “العقل” وتقترح “المفاوضات”، هذا هو الحكم التقليدي للقوة الإمبراطورية، لأنها ترغب في توطيد ما هي بالفعل قد أخذته بالقوة بأقل المصاعب، وكل احتلال جديد يصبح الأساس الجديد للمفاوضات المقترحة من مركز قوة، والذي يتجاهل ظلم العدوان السابق الغير عادل؛ إن الاعتداءات التي ترتكب من قبل إسرائيل يجب أن تتم إدانتها، ليس فقط لأنه لا يحق لأي دولة أن تضم أراضي دولة أخرى أجنبية لها وتحتلها، بل لأن كل توسع هو اختبار ليكشف مدى العدوان الذي يمكن أن يتحمله العالم. اللاجئين الذين يحيطون بفلسطين بمئات الآلاف تم وصفهم مؤخرا بواسطة (أي. إف. ستون) الصحفي في جريدة واشنطن بوست بـ “حجر الرحى الأخلاقي حول عنق يهود العالم”؛ وقد دخل العديد من اللاجئين الآن العقد الثالث من حياتهم غير المستقرة في مستوطنات مؤقتة، إن مأساة شعب فلسطين هي أن بلده قد تم “إعطاءه” بواسطة قوة أجنبية لشعب آخر من أجل إنشاء دولة جديدة، وكانت النتيجة أن مئات الآلاف من الأبرياء أصبحوا بلا مأوى بشكل دائم، ومع كل صراع جديد يتزايد عددهم، فإلى متى يظل العالم على استعداد لتحمل هذه المشاهد من هذه القسوة الوحشية؟ من الواضح تمامًا أن اللاجئين لديهم كل الحق في الوطن الذي طردوا منه، وإنكار هذا الحق في قلب هذا الصراع المستمر، لن يقبل أي شخص في أي مكان في العالم أن يتم طرده بشكل جماعي من بلده؛ فكيف يمكن لأي أحد أن يطلب من أهل فلسطين القبول بعقوبة لن يتحملها أحد؟ إن التوطين العادل الدائم للاجئين في وطنهم يشكل عنصراً أساسياً في أي تسوية حقيقية في الشرق الأوسط. كثيراً ما يقال لنا إنه يجب علينا أن نتعاطف مع إسرائيل بسبب معاناة اليهود في أوروبا على أيدي النازيين، ولا أرى في هذا الاقتراح أي سبب لاستمرار أي معاناة، إن ما تفعله إسرائيل اليوم لا يمكن التغاضي عنه، كما ان استحضار فظائع الماضي لتبرير فظائع الحاضر هو نفاق فاضح؛ إن إسرائيل لا تحكم على عدد كبير من اللاجئين بالبؤس فحسب، وليس فقط العديد من العرب تحت الاحتلال محكوم عليهم بالحكم العسكري، ولكن إسرائيل أيضاً تحكم على الدول العربية التي خرجت حديثاً من الوضع الاستعماري، بالفقر المستمر حيث أن المطالب العسكرية لها الأسبقية على التنمية الوطنية. يتعين على كل من يريد أن يرى نهاية لسفك الدماء في الشرق الأوسط أن يتأكد من أن أي تسوية لا تحتوي على بذور هذا الصراع في المستقبل، وإن العدالة تتطلب أن تكون الخطوة الأولى نحو التسوية هي انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في يونيو/حزيران 1967 كافة. والأمر يتطلب حملة عالمية جديدة للمساعدة في تحقيق العدالة لشعوب الشرق الأوسط التي طالت معاناتها». برتراند رسل