
الشجرة الأيوبية
تنتمي الأسرة الأيوبية إلى الأسرة الروادية أي أنهم من نسل القائد رواد بن المثنى الأزدي والي أذربيجان في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وعاشت الأسرة الروادية بين العجم لمئات السنين وذلك بسبب أن العباسيين جعلوها مسؤولة عن حماية وحكم تبريز ومراغة وأردبيل، فأدى طول مدة بقاء الرواديين بين العجم لاختلاطهم بالأكراد فسكنوا بينهم وتزوجوا منهم، وهذا ما ذكره ياقوت الحموي والذي كان في زمانهم، وكذلك نقل ابن واصل قول الأمراء الأيوبيين: «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم».
وبقي الرواديون في تلك المناطق إلى أن أتى السلاجقة والذين أنهوا نفوذهم، فعاد جزء كبير منهم إلى البلاد العربية ومنهم نجم الدين أيوب المولود في مدينة دوين في أذربيجان والذي استقر في تكريت في العراق.
ومن المستغرب تمسك المناهج الدراسية برواية ابن الأثير بأنه أصلهم كردي وهي الرواية المرجعية الوحيدة حول هذا الأصل، وفي نفس الوقت يتم تجاهل رواية السيوطي والذهبي والبلاذري وياقوت الحموي وابن العماد وحتى ابن واصل والذي كان قاضي قضاة عند السلاطين الأيوبيين وقد ألف كتابه تحت إشرافهم وفي كتابه ذكروا له بشكل واضح بأنهم عرب، والأمراء الأيوبيون أعلم بنسبهم.
وكما أن راية الدولة الأيوبية التي اتخذها صلاح الدين الأيوبي كانت الراية الصفراء ومن المعروف أن الراية الصفراء هي راية قبيلة أزد وجعلها تحت الراية السوداء والتي تمثل الدولة العباسية.
تأسيس الدولة:
أصبح نجم الدين أيوب وشقيقه أسد الدين شيركوه من الحاشية المقربة لعماد الدين زنكي سلطان الموصل وحلب ثم انتقلت تبعيتهم إلى ابنه نور الدين زنكي، وقد قام نور الدين زنكي بإرسال جيش إلى مصر لإنقاذها من الجيوش الفرنجية والبيزنطية التي تسعى لاحتلالها، وكان قائد الجيش أسد الدين شيركوه، والذي استطاع أن ينقذها ويصبح وزيراً لحاكم مصر آنذاك وهو العاضد العبيدي، وبعد وفاة شيركوه عام 1169 م، أصبح ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي وزيرا، وقد استطاع إنهاء الدولة العبيدية عام 1171م وإعادة تبعية مصر للخلافة العباسية، وفي عام 1174م توفي نور الدين زنكي، وانفرط عقد بلاد الشام إلى دول متفرقة، حيث تولى حكم الزنكيين السلطان إسماعيل الذي كان طفلا، فأعلن صلاح الدين الأيوبي استقلاله في مصر وتأسيسه للدولة الأيوبية وعاصمتها القاهرة، وزحف بجيوشه إلى بلاد الشام واستطاع السيطرة عليها، وتوحيدها مع مصر، وقلده الخليفة العباسي سيفين بولايتي مصر والشام.
تحرير القدس:
استطاع صلاح الدين الأيوبي تحرير القدس في 27 رجب 583 هـ الموافق 2 أكتوبر 1187م، وذلك بعد ثلاثة أشهر من انتصاره في معركة حطين، وعقب ذلك سقطت في يده كل موانئ الشام، ما عدا مينائي إمارة طرابلس وأنطاكية، ثم اتت حملة صليبية ثالثة من إنجلترا وفرنسا وألمانيا فسقطت عكا بيد الفرنجة ومناطق ساحلية، وتم توقيع صلح الرملة عام 1192م بين صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد، وحافظ صلاح الدين على مدينة القدس الشريف، وغالبية أراضي فلسطين.
تقسيم الدولة:
توفي صلاح الدين عام 589 هـ الموافق 1193م بعد أن قسم دولته بين أولاده وأخيه العادل، على أن يكون سلطان مصر هو الحاكم الأعلى عليهم، ولكنهم تناحروا فيما بينهم، وظل بعضهم يقاتل بعضاً في ظروف كانت الدولة تحتاج فيها إلى تجميع القوى ضد الفرنجة، واستطاع العادل أخ صلاح الدين الأيوبي توحيد أغلب البلاد ولكن بعد وفاته عام 1218م عادت وتفرقت المملكة بين أبنائه الثلاثة الكامل محمد يحكم مصر، والمعظم عيسى يحكم دمشق وما حولها، والأشرف موسى يحكم باقي الشام.
إعادة توحيد الدولة:
بعد وفاة الكامل محمد عام 1238 م تولى الحكم ابنه الصالح نجم الدين أيوب والذي استطاع توحيد البلاد واسترداد مناطق احتلها الفرنجة نتيجة استغلالهم للصراع الأيوبي الداخلي، وأعاد للدولة الأيوبية قوتها، وذلك باستخدام المماليك والذي أكثر من شرائهم.
وفي آخر حياة الصالح أيوب هاجمت الحملة الصليبية السابعة مدينة دمياط بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا سنة 647 هـ الموافق 1249م، فرابط الصالح أيوب بالمنصورة، وهناك أصيب بمرض شديد تفاقم عليه حتى مات، فأخفت جاريته أم خليل الملقبة شجر الدر خبر موته وأرسلت لولده الأمير توران شاه وكان بالشام، فأتى للحكم وقاد الجيوش في معركة فارسكور وإستطاع الإنتصار وأسر الملك لويس التاسع.
نهاية الدولة الأيوبية:
أدرك السلطان توران شاه مدى النفوذ الواسع والقوة الكبيرة التي يملكها المماليك، فبدأ بمحاولة التقليل من عددهم بعدم شراء مماليك جدد وقام باستدعاء جنوده من بلاد الشام، فاستشعر المماليك الخطر، فقرروا التخلص منه.
وفي صباح يوم 27 من المحرم سنة 648هـ الموافق 1250/05/02 م كان السلطان توران شاه يتناول طعام الإفطار في خيمته السلطانية فهجم عليه مجموعة من المماليك، ومنهم بيبرس البندقداري وقلاوون الصالحي وأقطاي الجمدار وضربوه بالسيوف فهرب منهم لكشك خشبي فأحرقوه عليه فهرب منه ورمى نفسه بالنيل، فضربوه بالسهام والنبال فقتل جريحاً غريقاً حريقاً.
ويعتبر مقلته نهاية الدولة الأيوبية وقد حاول عدد من الأمراء الأيوبيين إعادتها مثل الناصر يوسف في دمشق والمغيث عمر في الكرك ولكن فشلوا في هذا الأمر فقد كانوا بمستوى حكام مدن وليسوا حكام بلاد شاسعة، فبمقتل توران شاه سقطت الدولة الأيوبية وقامت دولة المماليك.
مركز الفرات العربي والجزيرة العربية لحقوق الإنسان والدراسات والأبحاث/لاهاي