أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الخميس 24 كانون الأول 2020، تقريراً تدين فيه اعتقال النظام السوري أقرباء الناشط السياسي عبد الرحمن الصالح – هو عضو في الكتلة الوطنية السورية، ولاجئ في ألمانيا منذ عام 2014 – لمجرد إبداء رأيه ضمن برنامج الاتجاه المعاكس الذي عرض على قناة الجزيرة في 8 كانون الأول الجاري.
حيث انتقد عبد الرحمن في مشاركته تدهور الأوضاع المعيشية في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري وحمَّله مسؤولية هذا التدهور، واتهمه بالفساد وإنفاق مقدرات الدولة السورية للحفاظ على حكم عائلة الأسد ما سبَّب معاناة كبيرة للمواطنين السوريين.
وأشار التقرير إلى أن عملية الاعتقال لم تتم وفقاً لمذكرة قضائية، موضحاً أن هذه قاعدة عامة في الغالبية العظمى من حالات الاعتقال التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ونقاط التفتيش التابعة لجيش النظام السوري، والتي تعد لديه أهم من القضاء وأعلى سلطة من الوزارات كافة بما فيها وزارتي العدل والداخلية.
وفقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 20842 شخصاً بينهم 13 طفلاً و27 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات النظام السوري على خلفية صلات القربى التي تربطهم بمساهمين في الحراك الشعبي ضد النظام السوري، منذ آذار/2011 حتى 21 كانون الأول 2020. ويشكلون قرابة 15% من حصيلة المعتقلين أو المختفين قسرياً لدى قوات النظام السوري. بينما بلغت حصيلة من تعرضوا للاعتقال وأفرج عنهم لاحقاً ما لا يقل عن 7926 شخصاً بينهم 147 طفلاً و179 سيدة. وبحسب التقرير لم تستثن قوات النظام السوري من هذه العمليات الأطفال واليافعين والمسنين والكهول، بل تعمَّدت اعتقالهم لتحقيق أكبر ضرر ممكن لذوي الأشخاص المطلوبين.
وحسب التقرير فإنَّ قرابة 50% من حصيلة حالات الاعتقال على خلفية وجود صلات قربى مع المطلوب لقوات النظام السوري، استهدفت أقرباء وذوي النشطاء المدنيين حيث بلغ عددهم 10417 شخصاً، بينما قرابة 44% استهدفت أقرباء وذوي الأشخاص الذين انشقوا عن قوات النظام السوري وبلغ عددهم 9257 شخصاً.
وطبقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 13 شخصاً منهم قد توفوا بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري منذ آذار/ 2011 حتى 21 كانون الأول 2020. لم تسلم جثامين الضحايا لذويهم ووفقاً لذلك فإنهم يبقون في عداد المختفين قسرياً بحسب التقرير.
تحدث التقرير عن انعدام حرية الرأي والتعبير في ظلِّ تغوُّل مطلق للأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري على تفاصيل حياة المجتمع، مشيراً إلى وضعِ النظام السوري قوانين بنى استناداً عليها محاكم استثنائية أمنية سياسية تهدف إلى تصفية الخصوم السياسيين، واعتبر أن تلك القوانين أقرب ما تكون إلى نصوص أمنية لأنها تخالف روح القانون، وتُعارض بشكل صريح القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأشار التقرير إلى أنَّ النظام السوري أخل بعدة مواد في الدستور السوري نفسه، عبر استمراره في توقيف مئات آلاف المعتقلين دونَ مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تُهم، وحظر عليهم الزيارات العائلية وتوكيل محامين، وتحوَّل 65.08% من إجمالي المعتقلين إلى مختفين قسرياً، ولم يتم إبلاغ عائلاتهم بأماكن وجودهم. وأكد التقرير أنَّ الاختفاء القسري هو النَّمط السائد في سوريا، وأنَّ أقل من ثلث المعتقلين تتم إحالتهم إلى المحاكم الاستثنائية بعد سنوات من الاعتقال دون توجيه أية تهمة.
توصَّل التقرير إلى أن النظام السوري ينتهك العديد من حقوق المواطنين السوريين المبدئية والأساسية، ومن أبرزها الحق في حرية الرأي والتعبير المنصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي بمتابعة تنفيذ القرارات الدولية التي تقضي بوضع حدٍّ للاختفاء القسري. والمطالبة بالإفراج الفوري عن قرابة 21 ألف مواطن سوري معتقل أو مختف قسرياً بسبب مشاركة أقرباء لهم في الحراك الشعبي ضد النظام السوري. والإسراع في تطبيق الانتقال السياسي نحو حكم ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان في سوريا، لأن كل تأخير يعني مزيداً من تغول وتوحش الأجهزة الأمنية والنظام السوري على أبسط حقوق المواطن السوري.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”