السويد تحكم بالسجن مدى الحياة على “حميد النوري” بتهمة إعدام وتعذيب سجناء إيرانيين في ثمانينيات القرن الماضي
أصدرت محكمة استكهولم السويدية يوم الخميس 14 تموز 2022، قرار حكم بالسجن المؤبد، بحق القاضي الإيراني حميد نوري، المتهم بالتواطؤ في الإعدامات الجماعية بحق آلاف المعارضين السياسيين الإيرانيين في مجازر عام 1988، والتي راح ضحيتها سجناء معظمهم ينتمون لمنظمة مجاهدي خلق، وأحزاب يسارية، لتفتح الباب أمام المزيد من المحاكمات والإدانات.
وحوكم حميد نوري، المعروف باسم “حميد عباسي”، الذي سبق وأن شغل منصب مساعد المدعي العام في سجن “غوهاردشت” في إيران، في السويد، منذ 9 أشهر، وكان المدعي العام السويدي قد اتهم نوري بارتكاب “جرائم حرب” و”القتل العمد” وطالب بعقوبة “السجن المؤبد” ضده.
وخلال الجلسة، ذكر القاضي السويدي أن المحكمة ترفض دفاع نوري بأنه لم يكن في سجن “غوهاردشت” أثناء الإعدامات التي يتهم بها، مؤكداً حكمه بالسجن المؤبد لإدانته بقتل عدد كبير من الأشخاص، وطالبته المحكمة بدفع تعويضات عن الأضرار النفسية لعائلات الضحايا.
وبدأت الجلسة الأولى للمحكمة في 10 آب 2021، وانتهت في 4 أيار 2022، وعقدت المحكمة 93 جلسة لسماع أقوال المدعين ودفاع المتهم، وخلال هذه الفترة، تحدث ما لا يقل عن 60 مدعياً وشاهداً و12 خبيراً في مجال الفقه الإسلامي والقانون الدولي عن هذه القضية.
والجدير بالذكر، أن هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها محاكمة وإدانة أحد المتهمين في هذه القضية بعد أكثر من ثلاثة عقود من الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين في السجون الإيرانية في صيف عام 1988.
وبحسب تقديرات منظمة العفو الدولية، فإن عدد الذين تم إعدامهم بناء على أوامر حكومية بنحو 5000 شخص، حيث قالت في تقرير عام 2018 إن “العدد الحقيقي يمكن أن يكون أعلى”، ولم تعترف إيران بجرائم القتل.
وشدد القاضي لدى إعلان العقوبة الأشد على إصدار خميني الأمر بإعدام السجناء المتمسكين بمواقفهم، الأمر الذي يعد انتصاراً لحركة المقاضاة التي قامت بها المقاومة الإيرانية على مدى الـ 33 شهراً الماضية، وهزيمة لمحاولات وزارة المخابرات الإيرانية ومرتزقتها مصادرة الدعوى القضائية.
هذا وسارعت طهران بالتنديد بقوة بحكم المحكمة السويدية بسجن المسؤول الإيراني السابق مدى الحياة، وبثت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية خبراً أشارت فيه إلى تأثر حكم المحكمة السويدية باتهامات أطلقها المجاهدون.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان “لا نتفاجأ بعمق خبث المجاهدين ضد النظام، لكننا نأسف بشدة لأن السويد استسلمت للأهداف الشريرة لآلتهم الدعائية ووضعت نظامها القضائي في خدمة أهدافهم “.
فيما أعربت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية في وقت سابق عن أسفها، لإتاحة الفرصة أمام أكثر من 80 شاهدًا، معظمهم من المجاهدين، للشهادة ضد حميد نوري، مشيرةً إلى أثر شهادة الشهود والمدعين من المجاهدين على إجراءات المحكمة.
وأثار نقل المحاكمة الى ألبانيا للاستماع لشهادة المجاهدين على مدى أسبوعين امتعاضاً حاداً لدى أركان النظام الإيراني الذي يرى في الحكم الصادر بحق نوري اعترافاً بمذبحة 1988 باعتبارها جريمة كبرى.
من جهته، دعا أمين لجنة حقوق الإنسان الإيرانية، كاظم غريب آبادي، القضاء في بلاده، للاقتصاص ممن يرتكبون أعمالاً وصفها بالإرهابية ضد الأمن القومي الإيراني، من الرعايا السويديين، ووصف جميع الأحداث التي أحاطت بإعدام السجناء السياسيين عام 1988، فضلاً عن الاتهامات الموجهة إليه، بأنها “مسرحية”، و” قصة مليئة بالخيال والوهم، ومزيفة وغير موثقة”.
وقوبل حكم المحكمة بترحيب واسع من أنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة وأقارب ضحايا المجزرة، ومن قوى اليسار المعارض، حيث نظمت فعاليات وتظاهرات طافت شوارع العاصمة ستوكهولم منددة بالإعدامات في إيران ومطالبات للمجتمع الدولي بدعم المعارضة.
وجاءت إدانة نوري في الوقت الذي تخوض المقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق حملة واسعة في المدن الاوروبية والأمريكية لإفشال صفقة توصل إليها نظام الملالي مع الحكومة البلجيكية تقضي بإعفاء الدبلوماسي الإرهابي أسد الله أسدي من قضاء عقوبة السجن في بلجيكا إثر إدانته بمحاولة تفجير تجمع لمجاهدي خلق في فرنسا.
وتلقى الحملة التي تشنها المقاومة الإيرانية ترحيباً واسعاً من الأوساط البرلمانية والحزبية الغربية ما يهدد بإفشال محاولة الحكومة البلجيكية تمرير الصفقة وتحويلها إلى قانون.