fbpx

الدكتورة عبير سلمان عضو ملتقى سوريا الجديدة لـ نينار برس: ملتقى سوريا الجديدة سيكون الخطوة الأساس لقيام الدولة السورية من جديد

0 36

عبير سلمان، دكتوراه علاقات دولية، باحثة في الشأن السياسي الأمريكي، إعلامية، معدة ومقدمة برامج.

يبدو أن هناك إرادة حقيقية على الانتقال نحو دولة سورية جديدة، هذا الانتقال يحتاج إلى قوى تحمله كبرنامج عملٍ شامل، وهذا ما دفع قوى ديمقراطية إلى إطلاق “ملتقى سوريا الجديدة” والذي سيكون له دور في ولادة دولة سوريا ما بعد الاستبداد.

صحيفة نينار برس التقت بالدكتورة عبير سلمان وأجرت معها حواراً صحفيّاً باعتبارها عضواً في اللجنة التحضيرية لملتقى سوريا الجديدة، وهي تحمل شهادة دكتوراه في العلاقات الدولية، وكانت تعمل معدّة ومقدمة للبرامج، وباحثة في الشأن السياسي الأمريكي، وناشطة سياسية.

السؤال الأول

ملتقى سوريا الجديدة هو ملتقى للقوى الديمقراطية السورية. هل يمكنكم الحديث عن الملتقى على صعيد الأهداف والضرورة؟

هدف الملتقى وحدة سورية وحمايتها

تجيب الدكتورة عبير سلمان على سؤالنا الأول فتقول:

بنظرة سريعة للأحداث التي ألمّت بالمنطقة وخاصة الدولة السورية منذ “الربيع العربي” وصولاً إلى سقوط النظام الحاكم في 8/12/2004 نرى أن ما جرى في سورية يختلف بالمضمون عما وقع على البلاد العربية الأخرى، التي قامت فيها ثورات للتحرر من حكم الاستبداد والدكتاتورية، فكانت النتيجة ما نراه اليوم من واقع الحال أننا نحن كسوريين في حالة من التفكك والضياع على المستوى الديموغرافي والاجتماعي والسياسي، إضافة إلى متلازمة الخوف والانصياع، وهذا لا ينفي أن هناك أصوات وطنية واعية لأبعاد وتداعيات لكل ما يجري على الأرض السورية، حيث أخذت هذه الأصوات على عاتقها بأن تقف جادة لمنع اتساع وشرذمة المجتمع السوري، فكان لابدّ من اتحادها لتكون اللبنة الأساسية للسير على الطريق الوطني.

وتضيف الدكتورة عبير:

مشكلة قوى وطنية متنوعة هدفها الأول والأخير هو الحماية والمحافظة على وحدة الأرض السورية.

نعتمد على العقل النقدي والتحليل والتركيب

وتوضح الدكتورة عبير الطبيعة البنيوية للملتقى فتقول:

أستطيع القول بأن هذا الملتقى سيكون الخطوة الأساس لقيام الدولة السورية من جديد، خاصة إذا اعتمد على الموضوعية، وإلغاء العامل الذاتي، سيكون فاعلاً على أرض الواقع. حيث يضمّ هذا الملتقى قوى وطنية واعية تعلم وتدرك حجم المسؤولية والتحديات التي تحيط بها، والتي تستلزم اعتماد العقل النقدي ومبدأ التحليل والتركيب للأسباب المباشرة وغير المباشرة بمنطق العقل المنفتح على أسس علمية دون إقصاء أحد، معتمدة على وحدة مكونات وأطياف المجتمع السوري، للعيش الكريم بمنطق المواطنة تحت دستور يكون الحامي والراعي للإنسان والجغرافيا. كل ما سبق يحتاج إلى استراتيجية شاملة تعتمد على الجهد الفكري والعملي وتستخدم كل ما يساعد وعلى المستويات كافة من علم الاجتماع إلى الإعلام إلى القانون إلى الاقتصاد وثقافة، لإبداء في عملية البناء والنهوض.

السؤال الثاني

لا تزال القوى الديمقراطية السورية في حالة تمزّق، ما يعيق قدرتها على المساهمة في إنجاز مهام المرحلة الانتقالية، إذ يتمّ تغليب الذاتي على الموضوعي.

هل يمكن خلق إطار الملتقى على قاعدة العمل الديمقراطي دون تقديم تنازلات تتعلق بتضخيم الذات السياسية؟ أليس الأمر يحتاج إلى عتبة فعلٍ سياسي مختلف عن ذهنية الأنا؟

وعي المواطنة أولاً

تجيب الدكتورة عبير سلمان على سؤالنا الثاني فتقول:

بقراءة سريعة للتاريخ القريب للمنطقة وتفحص العقلية الجمعية، سنرى أن شعوبها كانت وما تزال تحت تأثير القوى المانعة للخروج من الصندوق (صندوق العمى والجهل والتبعية)، الذي تتمسك به كل سلطة كانت ولم تزل، مستخدمة أدواتها من التخويف والترهيب والقمع وصولاً إلى السجن وحد القتل.

وتتابع الدكتورة عبير حديثها:

 إذاً السؤال، كيف لهذه الشعوب أن تتخلى عن هذا الموروث المتغلغل بين جنباتها والمتجدّد بشكل مستمر.. إن غياب العامل الذاتي للوعي الجمعي وبروز “الأنا” المتجذرة لدى شعوب هذه المنطقة بأنهم دائماً هم الأفضل بين الشعوب كافة، إضافة إلى غياب الركيزة الأهم لقيام مجتمع حقيقي ينعم أفراده بأمن والأمان والرفاه ألا وهي “وعي المواطنة” التي لم تعرف عنها شيئاً ولم تعشها يوماً.

من الواضح من البيانات لكل طيف من أطياف القوى الوطنية الديمقراطية، إنهم لم يغفلوا عن تفعيل دور الفرد وحثّه على الخروج من صندوق الموروث، ليتبنى هو الأفكار الوطنية ويشعر بروح المواطنة، التي تعزّز السلوك والاندماج بين أفراد المجتمع على جميع الأصعدة.

نحتاج إرادة حقيقية لبناء سورية

وتجيب الدكتورة عبير عن الشق الثاني للسؤال، فتقول:

 يمكن أن تنجح هذه القوى إذا توافرت فيها أولاً وقبل أي كلام أو فعل إرادة حقيقة لبناء الوطن وأنا أرى تجلّي هذه الإرادة واضحاً بين تلك القوى الوطنية، التي تتبنى الديمقراطية أساساً لمشروعها، إذا أخذنا بعين الاعتبار ما مرّ على الشعب السوري منذ عام 2000 بتقطيع مكوناته ونسف بنيته الاجتماعية عبر الفساد والظلم والمحسوبيات إلى ما حدث عام 2011، وصولاً إلى ما نحن عليه من قتلٍ على الانتماء وفرض سلوكيات ما انزل الله بها من سلطان. أما إذا غُلّب العامل الذاتي والفوقية وهذا يمكن أن يوجد.. وأنتم تعرفون النتائج.

السؤال الثالث

المرأة طاقة مهدورة في مجتمعاتنا، كيف يمكن للملتقى توظيف طاقة المرأة من أجل إنجاز مهام المرحلة الانتقالية؟ هل لدي الملتقى برنامج بهذا الخصوص؟

قضايا المرأة أولوية

تقول الدكتورة عبير سلمان في إجابتها على سؤالنا:

تعبّر جميع القوى الوطنية الديمقراطية في رؤيتها حول قضايا المرأة التي تعيق وجودها وممارسة إنسانيتها، ترى أنه حان الوقت لخلع كل رواسب وتعقيدات الموروث المتعاقبة، لتعود لها مكانتها الطبيعة في بناء المجتمع، سيّما وأن بناء المجتمعات لا يتمّ إلا من خلال تكامل واتحاد العنصرين الاجتماعيين المرأة والرجل، وعليه ستكون القضايا الحقوقية للمرأة على سلم الأولويات وستتم مناقشتها بشكل حازم.

السؤال الرابع

لا تزال القوى المجتمعية في سورية بعيدة عن المشاركة السياسية، وحين نقول مجتمعاً فنحن نقصد مكوناته الوطنية جميعها.

هل يذهب ملتقى سوريا الجديدة إلى تفعيل وتنشيط المجتمع على عتبة توظيفه له عبر إيجاد آليات عمل محددة؟ هل تسلطون الضوء على هذه القضية الهامة من أجل أن تصل رسالتكم لقوى المجتمع السوري؟

أهمية مشاركة المجتمع السياسية

ترى الدكتورة عبير سلمان في إجابتها على سؤالنا:

 إن المعادلات السياسية تختلف بطرحها ومطالبها من مجتمع إلى آخر، والملاحظ إن مجتمعاتنا غارقة بالنقاش السياسي، شئنا ذلك أم لا، وهي بنفس الوقت مغيبة عن القرار السياسي.. ويعود ذلك لعدة عوامل لسنا بصدد ذكرها هنا.

وتضيف الدكتورة عبير:

إن العمل السياسي غير الممنهج للشارع العربي عموماً (لأن واقع الحال واحد)، يؤدي إلى حالة عدم الانضباط في محيطه أو على الأرض. وهنا من المهم التأكيد على دور هذا المجتمع في رسم المشهد السياسي، ومشاركة ملامح المرحلة المراد أن تكون هي الرائدة في سير عملية البناء.

وتجيب الدكتورة عبير على الشق الأخير من السؤال فتقول:

 ظنّت العهود التي سبقت إنها قادرة على ملء هذا الفراغ، وهذا ينطبق على معظم الأنظمة السياسية في المنطقة، والادعاء بأن العهد الجديد سيملأ الفراغ، ليس سوى عملية تدوير العقلية التي سبقتها، من أجل أحكام السيطرة على العملية السياسية، التي تضمن بالتالي الحفاظ على بقائها.

وإن أي عملية إقصاء هذا يعني تثبيت الفرقة في بنية المجتمع، كل حزب له حاضنة وبالتالي إقصاء أي حزب أو طرف يعني إقصاء حاضنته الأمر الذي يؤدي بالضرورة على ترسيخ صورة المجتمع الممزق.

تشاركية مجتمعية فاعلة

وتنهي الدكتورة عبير إجابتها على سؤالنا الأخير بالقول:

أخيراً لا تقتصر مخرجات المؤتمر على المبادئ وطرح الرؤى، وإنما تحقيق وتثبيت برنامج عمل وطني واضح.. يعني ذلك أننا نحتاج إلى مشروع متكامل، ولا يمكن الحديث عن قوانين في ظل غياب دستور وطني يكون جامعاً، الذي من خلاله يتم إنتاج مجلس شعب أو برلمان يشرّع القوانين، ويقرّ بنظام حوكمة وطني، عندئذ فقط، نستطيع الحديث عن القوانين، أما في الوقت الراهن أي قانون هو أحادي الجانب وهذا يعبّر عن استبدادية السلطة، في حين أن بناء الدولة يحتاج إلى مبدأ أساسي وهو التشاركية الفاعلة.

ختاماً:

ما تحتاجه مجتمعاتنا وبشكل صارم وجازم هو أن نضع الموروث وكل تفرعاته في سياقها التاريخي والفلكلوري فقط…والولوج في المستقبل على قاعدة العلم والعقلية النقدية والتفكير المنطقي العقلاني، والتحرر من قيود المعلومات والأساطير، إن غياب التعقل والعقل النقدي هو من أهم أسباب تأخرنا وعجزنا عن اختراع شيء حقيقي ذو قيمة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني