الحراك السلمي في السويداء.. تحديات وخيارات
التطبيق العملي لشعارات القيادات المُعلنة – لا للتقسيم، لا للاحتلال، لا لسلطة النظام- يعني دخول الحراك السلمي في السويداء في صيرورة الثورة الوطنية الديمقراطية التي يحتاج نجاحها إلى توفر عناصر مركزية، يشكل غيابها أخطاراً، تُنذر بعواقب وخيمة؛ وهي، كصيرورة وعناصر، قد لا يدركها أصحاب اللاءات الثلاث:
- القدرة على المحافظة على طبيعة الحراك السلمية، والتطوير المستمر لآليات صيرورته ثورة ديمقراطية، في ضوء شبكة واسعة من التحديات. تلك القدرة، ترتبط بتوفر عاملين على الأقل:
- صناعة قيادة ثورية، في سياق جدلية العلاقة بين الوعي والممارسة السياسية الثورية، قادرة على تقديم قراءة موضوعية لواقع وآفاق الحراك في ظل موازين قوى الصراع القائمة، المرتبطة بأصدقاء وشركاء الحراك من السوريين محلياً وعلى امتداد الجغرافيا السورية، حيث تسيطر سلطات أمر واقع وقوى احتلال خارجي، أولا، وبالسلطة السورية، وجميع أعداء قوى التغيير، محلياً وعلى الصعيد السوري العام، ثانيا، و إدارة فن التحالفات والتقاطعات الممكنة في مواجهة يومية مع جميع تعبيرات المثاليين والانتهازيين وأصحاب الأجندات الخاصة المرتبطة بقوى مضادة، ثالثا؛ وهذا لا يمكن أن يتحقق دون إدراك دقيق وموضوعي لعوامل السياق السياسي والعسكري التي صنعتها حروب وسياسات قوى الخَيار/الأمني – ا لعسكري في مراحله المتعاقبة منذ ربيع 2011.
- الحصول على دعم ومشاركة فاعلة من جميع السوريين، على امتداد الجغرافيا السورية.. بعيداً عن لغة الإنشاء الثورية، شخصياً أعتقد أن عوامل السياق السوري العام الذي يأتي فيه الحراك تبين طبيعة العقبات التي تواجه حراك السويداء لامتلاك العنصرين الثاني والثالث على المدى المنظور، وتكشف طبيعة التحديات التي يواجهها النضال اليومي الدؤوب للحفاظ على سلمية الحراك، وتطويره عل مسارات الثورة الديمقراطية، كما توضح طبيعة الخيارات المتاحة بعد أقل من شهر على انطلاقته. كيف؟.
لا يمكن لقوى ثورية أن تقدم رؤية موضوعية للواقع، وتضع خطط مستقبلية، في جهلها أو تجاهلها لعوامل السياق السياسي/العسكري السوري، التي تبين، في التحليل الموضوعي، طبيعة الحلفاء، وكيفية العمل معا لبناء شراكة نضال ومصير مشترك، أو الأعداء والخصوم، وما يعملون عليه، سواء في توافق سياساتهم أو تصارعها حول قضايا خاصة، من أجل إعاقة جهود قوى الحراك، ومواجهتها بخطط متناقضة، تعمل على عسكرته، وهزيمة قواه وجمهوره!.[1]
إضافة إلى ذلك، من أجل تعزيز مصداقية الحراك وقيادته، من الضروري ربط الأهداف التي يطرحها مع آليات تنفيذ فعالة وواقعية.
حتى تاريخه، من المؤسف القول أن تجاهل عوامل السياق هي السمة المشتركة لمعظم الداعمين للحراك صوتيا، معنويا وأخلاقيا، أو الذين تنطحوا لقيادته في الداخل (خاصة نخب معارضات اليسار!) وفي هذا الجهل مقتل الوعي القيادي الثوري.
أولاً: ما هي أبرز سمات عوامل السياق التاريخي والراهن التي يتجاهلون، وما هي طبيعة الحقائق التي صنعتها، وباتت تحدد طبيعة سلوك السوريين، وَتحكم مصائرهم، غير عابئة بأوهامنا الثورية؟!.
- بين منتصف 2012 و2014 انتصرت قوى الخَيار العسكري الطائفي – بأذرعها المحلية وأنظمتها الإقليمية والدولية – قاطعة بذلك صيرورة تحول الانتفاضات السورية إلى ثورة وطنية ديمقراطية، متكاملة الأركان، وموقعة هزيمة تاريخية بقوى الثورة، ونشطائها وجمهورها، و أدت إلى سيطرة قوى الثورة المضادة على كامل مساحة الجغرافيا السورية!.
- بين 2015-2020، قادت الولايات المتحدة وروسيا – الدولتين الأقوى في مجموعة الفريق الدولي لدعم سورية – وتحت يافطة الشرعية الدولية لمكافحة الإرهاب، التي وفرها القرار 2254 (خاصة البند الثامن!)، حروب إعادة تقاسم الجغرافيا السورية، بأذرع بعض قوى الثورة المضادة، وبمواجهة مع بعضها الآخر، وفي سياق صراع ساخن مع تركيا وتوافق مع إيران وعلاقة تنسيق ملتبسة مع إسرائيل، لإعادة تقاسم الجغرافيا السورية،،وقد انتهت في ربيع 2020 بتحاصص قوى الاحتلال وأذرعها للجغرافيا السورية، وتبلور سلطات أمر واقع، تتشابه في طبيعتها الاستبدادية وآليات سيطرتها ونهبها وارتهانها، وباتت تشكل مرتكزات النظام السوري الجديد ووكلاء جيوش الاحتلال؛ واضعة السوريين بين مَن يخضع لسلطات احتلال مزدوج في الداخل في ظروف معقدة، وبين ملايين المشردين والمهجرين، الذين يخضعون لآليات سيطرة مختلفة!.[2]
- طبيعة المرحلة الراهنة التي تمثلها التسوية السياسية الأمريكية!
النتائج الواقعية التي صنعتها موازين قوى الحرب في نهاية 2019 ومطلع 2020، وما فرضته من تفاهمات سياسية في سلسلة من اللقاءات شكل أبرزها قمة الرئيسيين التركي والروسي في 5 آذار، تؤكد موضوعية القراءة السياسية التي تقول بوجود مصلحة استراتيجية مشتركة بين جميع قوى الحرب، الخارجية والأذرع السورية في إطلاق مشروع تسوية سياسية يرتكز على أرضية الحقائق الجديدة في الواقع الجيوسياسي – عسكري، يعمل على تثبيت الحصص ويشرعن وجودها سوريا في إطار علاقات بينية، ولا يغير من طبيعية ما يتخلل مساراته من صراعات من أجل تحسين الحصص، وشروط التسوية – وهو ما حصل عملياً.
مع نهاية 2019 ومطلع 2020، أطلقت الولايات المتحدة وروسيا مشروع التسوية السياسية، عبر سلسلة من الإجراءات والخطوات تجاه الأطراف المعنية.
وهنا، يصل بنا التحليل إلى استنتاجين رئيسيين:
أ-الاستنتاج الرئيسي لأول يدور حول طبيعة أهداف التسوية السياسية التي من الطبيعي في منطق المصالح أن تعمل عليها قوى الحرب، بقيادة الولايات المتحدة( وفقا لواقع موازين القوى القائمة)، وتسعى لشرعنة الوقائع، وتثبيت الحصص، عبر الوصول إلى حالة تهدئة مستدامة بين سلطات الأمرالواقع، ومع سلطة دمشق الشرعية؛ وهذا الهدف الاستراتيجي المشترك في مرحلة التسوية السياسية لا يمنع أيضا من ظهور صراعات بينية، على جميع المستويات، لتحسين الشروط؛ ويستخدم فيها الجميع أوراق الضغط التي يملكها، التي قد تصل إلى مستوى معارك حربية مباشرة…أو عبر الوكلاء!.[3]
ب- الاستنتاج الثاني يرتبط بالأول مباشرة، ويوضح أنه في سياق العمل لتحقيق هدف قواها الاستراتيجي المشترك، من الطبيعي أن تتناقض مصالح جميع قوى التسوية السياسية الأمريكية – قوى الحرب – مع مصالح السوريين المشتركة، التي تتمحور حول إطلاق مشروع حل سياسي، يبدأ بخطوة الانتقال السياسي مركزي، ودخول مرحلة انتقالية، يشارك فيها جميع السوريين، لبناء مقومات مشروع وطني سوري ديمقراطي؛ وهو ما بين عدم واقعية المطالبة بتطبيق القرار 2254، الذي تجاوزت أهدافه وآليات عمله الوقائع، وما فرضته من مصالح؛ حتى لو افترضنا انها كانت ممكنة التحقق في نهاية 2015!.
- خلال مراحل الخَيار الأمني – العسكري، تقاطعت مصالح قواه وجهودها في العمل على تفشيل جهود بناء جسم سياسي وطني معارض عبر وسائل مختلفة، سعت لتعويم هياكل وتيارات غير وطنية، مرتبطة بأجنداتها العسكرية و السياسية، ولم تقتصر على أدوات النظام التركي[4].
ثانياً: في واقعية، وإمكانية تحقق الأهداف المُعلنة لحراك السويداء.
بناء على عوامل السياق، نتبين عجز حراك السويداء حتى الآن عن امتلاك عناصر التحول إلى ثورة وطنية؛ وقد تجسد على صعيد القيادة في:
- الفشل في تجاوز وعي المعارضات ونخبها، وفرز قيادة ثورية؛ ومَن تصدروا القيادة لم يكونوا أكثر من كتبة يافطات وشعارات، وإدارة مهرجانات، وقد أظهروا جهلاً يسارياً متوقعا لأهم عناصر الحفاظ على سلمية الحراك وإمكانات تحوله إلى ثورة، كما اكدوا عجزهم عن إدراك عوامل السياق السياسي، وما تضعه من تحديات، وتشكله من مخاطر!.
- هذا الفشل المزدوج جعل رهانهم على إمكانية استجرار تدخل أجنبي (أمريكي) تحت يافطة تطبيق القرار 2254، أولاً، وعلى تعويلهم على إمكانية مشاركة باقي السوريين، الذين يرزحون تحت سيطرة احتلال مزدوج، غير واقعي. يؤكد حقيقة هذا الاستنتاج حالتين، على الاقل:
أ- إذا كانت المنطقة الأقرب إلى إمكانية إطلاق حراك سلمي، على غرار ما حصل في السويداء، هي دير الزور، لظروف وأسباب عديدة، خاصة خضوعها لسلطات احتلال متعددة، وما تملكه من إرث ثوري، وقد كانت سباقة في ربيع 2011، وأهمية اقتصادية وجيو سياسية، فقد عمل تقاطع مصالح وجهود (في إطار التوافق، أو الصدام حول شروط التسوية، ولا فرق يُذكر، من حيث النتائج!) بين سلطات الاحتلال القائمة، الأمريكية والايرانية، وأذرعهم المحلية المسيطرة في ميليشيات قسد والعشائر وغيرها، على تفجير حروب بينية في التوقيت المناسب، أعادت تعزيز وسائل السيطرة التشاركية القائمة على الديريين، وأخرجت دير الزور من إمكانية الالتحاق بركب حراك السويداء، وتعزيز طابعه السلمي، وهويته الوطنية!.
ب- قضية حراك اهل الساحل وقد أثير حولها الكثير من اللغط، وحاول متسلقو الموجة من بعض شخصيات المعارضة في الخارج الاستثمار الخاص، عبر إعطاء انطباع غير موضوعي بوجود حراك وحركات ثورية، تحت قيادتهم؛ ولم يتجاوز تأثيرها تلك البيانات الممجوجة التي أطلقوها على صفحات التواصل الاجتماعي – وما أنتجته من ترويج إعلامي كاذب، وتوريط بضعة واهمين – وقد أدت دعوات وأصوات الحراك الكاذب إلى خلق المزيد من الأوهام وخيبات الأمل؛ وكان من الطبيعي أن يفشل أهل الساحل( وأهل دير الزور)وفقا لشروطهم الذاتية والموضوعية الخاصة، في تقديم دعم ومشاركة حقيقية لحراك السويداء!.
ثالثاً: في الخيارات المتاحة
في ضوء تلك العوامل السابقة، وفي ظل أخبار تتحدث عن تعرض نشطاء وجمهور الحراك في السويداء إلى إطلاق نار (قد يستجر ردّات فعل مشابهة، ويشكل ذرائع لأصحاب العقول الحامية!)؛ وتسريبات، تؤكد بدايات تدخلات أمريكية إسرائيلية روسية، يبدو وصول الحراك إلى مرحلة الخيارات الصعبة:
- صعوبة المحافظة على سلميته، ناهيكم باستحالة تطويره إلى ثورة وطنية ديمقراطية..
- كارثية انجراره إلى متاهات أجندات القوى المتصارعة حول شروط التسوية السياسية[5]. إذا كانت قد عجزت القيادة الميدانية عن ابتكار آليات حماية الحراك السلمي وتطويره، (وتطوير نفسها إلى قيادة ثورية، وهو عجز طبيعي، قد يجد تفسيره في تعقيدات عوامل السياق الموضوعية والذاتية)، فهل تتمكن من توفير شروط انسحاب آمن، يحمي السويداء وأهلها الكرام؟ هل في هذا المسار الانهزامي تكمن عبقرية القيادة السياسية؟!
السلام والعدالة لجميع السوريين!.
[1]– في البيان الأخير لقيادة الانتفاضة، تدلل العلاقة بين الأهداف وآليات تنفيذها على سذاجة سياسية، لا تليق بقيادة ثورية:
1- استمرار مظاهراتنا السلمية والمدنية في ساحات الكرامة حتى رحيل هذا النظام! أليس من السذاجة، وبعد كل ما واجهة النظام من تحديات وجودية منذ 2011، أن نعتقد أن استمرار المظاهرات سيؤدي إلى رحيل النظام؟.
2- التغيير السياسي ضرورة حيوية، وتحقيق الانتقال السياسي بمرجعية القرار الأممي 2254. أليس من السذاجة والغباء السياسي الاعتقاد أنه يمكن تحقيق الانتقال السياسي عبر تفعيل القرار 2254، وآلياته، التي تقول بمشاركة سلطة لنظام، وموافقتها على مخرجات محتملة للمفاوضات مع المعارضة!.
[2]– مما جاء في رسالته الصوتية إلى السوريين، في جهد كبير، يستحق كل التقدير، لتقديم كشف حساب لحراك السويداء، يقول الأستاذ وسيم حسان القيادي في تيار مواطنة، والناشط السياسي المعروف، وصاحب المواقف المحترمة:
دعونا نسلط الضوء على هذا الحراك العظيم، وآفاقه على المدى القريب، دون أن نغرق في التفاؤل والوهم، وفي محاولة للفهم، وليس لثني الناشطين عن حراكهم – لا سمح الله – بل لعقلنة ما يجري، والتبصر بما علينا استدراكه وإدراكه في المدى القريب.. ما أمكن ذلك.
لقد كشفت هذه الأسابيع الأربعة عارنا كسوريين بوضوح، ويأتي هذا من عدة زوايا:
1- كل المظاهرات الموازية للحراك في بقية المحافظات بقيت خجولة، وما زالت من حيث العدد والتواتر لا تتعدى سياق رفع العتب التي يمارسها النخب عادة. أين بقية المحافظات، إدلب، حلب، الرقة، الجزيرة.. هذا الأمر، أظهر كم كانت، وما زالت، جموع العرب السنة غير متعاطفة كفاية مع حراك السويداء. انتهى الاقتباس، هل يسمح لنا صديقنا العزيز بملاحظة أن هذه الربط بين الظاهرة (مظاهرات رفع العتب)، وبين الرابط الديني، يُبين طبيعة لا موضوعية الوعي الذي يقدمه المثقف اليساري عندما يتجاهل وجود وحاكمية عوامل السياق، المرتبطة بوقوع السورين تحت سلطات احتلال مزدوج وعبء أثمان هزيمة تاريخية، وما تصنعه من وسائل ضبط، تمنع قيام حراك ثوري فعلي، في جميع مناطق سيطرة سلطات الأمر الواقع؛ ليبقى أي تفسير آخر – جموع سنة، لم تتعاطف مع حراك درزي – غير موضوعي!).
[3]– في هذا السياق، نقطتين رئيسيتين قد تساعدان في توضيح أهم جوانب المشهد:
أ- واجه تقدم قطار التسوية الأمريكية/الروسية عقبات كبيرة، في تلاث محطات؛ العلاقات مع النظام التركي، العلاقات بين النظام السوري وقسد، والعلاقات الإيرانية الإسرائيلية. التحدي الأكبر على صعيد العلاقات بين النظام وقسد هو اصرار قيادة قسد في قنديل على تحقيق مكاسب لا تقل عن مكاسب القيادات الكردية في أربيل العراق؛ وهو ما يرفضه النظام بقوة، وقد حاولت روسيا التوسط، عبر طرح مسودة دستور جديد، يأخذ بعين الاعتبار مصالح قسد، لكن الجهود الروسية لم تفلح، كما فشلت بعض وسائل الضغط الأمريكية!.
ب- توصل الولايات المتحدة والنظام التركي – أحد أكبر خصوم أهداف وإجراءات مشروع التسوية السياسية الأمريكية)، إلى صفقة بعد الانتخابات التركية، أو ربما خلالها، يكشف بعض عوامل تصاعد حدة الصراع بعد قمة جدة على مسار التسوية القسدية – السورية، في ظل استمرار رفض النظام لشروط التسوية القسدية، التي طرحتها مبادرة الإدارة الذاتية.
[4]– مما جاء أيضاً في توصيف الأستاذ وسيم حسان لواقع المعارضات الرسمية:
ثانياً، لن نتحدث عن بؤس المعارضة الرسمية، التي يشرح واقعها عن نفسه في مهزلة الانتخابات الأخيرة، (انتخابات الائتلاف) وهي لا تستحق حتى مجرد الإشارة إليها، وهنا، مرة ثانية، عندما يغيب المثقف اليساري عوامل السياق التي صنعتها صيرورة الخَيار العسكري على صعيد تعويم معارضات رسمية ترتبط مباشرة بأجندات قوى الثورة المضادة و بسلطات الأمر الواقع يقع في فخ النظرة الأحادية، في تجاهله لوقائع أن التعويم لم يقتصر على نخب المعارضة اليمينية المرتبطة بسلطة الأمر الواقع التركية (الائتلاف)، التي يحملها فقط المسؤولية، بل يشمل أيضا طيف واسع من المعارضات اليسارية اصطفت لصالح سلطات أمر واقع أخرى، ولا يغير من طبيعته ما ترفعه سلطة الأمر الواقع من يافطات العلمانية والديمقراطية أو الشرعية الدولية والثورية.
[5]– من أكبر الأخطار التي تواجه حراك السويداء السلمي هو سعي الولايات المتحدة لاستخدامه كورقة ضغط على النظام في معركتها المستمرة معه منذ 2019، والتي تصاعدت بعد فشل جزرة قمة جدة، والمبادرة الأردنية، من أجل فرض شروط تأهيل سلطة قسد وانتزاع شرعية سلطتها السورية بشروط قيادة قنديل، التي لا تقبل بأقل مما حصل عليه’ القيادات الكردية في شمال العراق؛ ليصبح مستقبل الحراك، ومصير جمهوره ونشطائه، وأرواح أهل السويداء وممتلكاتهم، رهناً ليس فقط بطبيعة الوسائل التي قد يستخدمها الطرفان – النظام لتفشيل الجهود الأمريكية، وقد حصل على مبررات التدخل الأمريكي، وطبيعة ردّات فعل واشنطن، بل، وعلاوة على ذلك، بطبيعة وسائل وأدوات تدخل القوى الأخرى، التي تتعارض مصالحها مع سياسات الولايات المتحدة أو تتوافق معها، أنظمة ايران وروسيا وإسرائيل، ووكلائهم في لبنان؛ بما يجعل من السويداء ساحات حروب مدمرة، لن تعود المحافظة بعدها كما هي عليه اليوم، ولنا بالمدن السورية نماذج عن طبيعة المأساة القادمة!.