fbpx

الاستدارة التركية نحو النظام السوري.. هل هي تكتيكية أم استراتيجية؟

0 702

حدث التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا في 30 أيلول 2015 عندما كان المشهد السوري كالتالي:

استخدم النظام السوري وحلفاؤه من الميليشيات الطائفية التابعة لفيلق القدس أقصى درجات العنف، بل حرب إبادة جماعية ضد معارضيه وخاصة الحاضنة الاجتماعية للثورة، وتم استعمال السلاح الكيماوي عدة مرات، وتخلى المجتمع الدولي عن كامل منظومته الأخلاقية والقيمية، كما تخلى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن خطوطه الحمر الشهيرة.. واستعمل النظام السوري أسلحة بدائية وغير دقيقة ويمكن اعتبارها عشوائية (البراميل المتفجرة)، ألقيت على المدن والبلدات ومختلف التجمعات السكنية لإرهاب وإبادة الحاصنة الشعبية للثورة.. ولم يقيد النظام السوري بكمية وشدة العنف التي تم التغاضي دولياً عن استخدامها ضد معارضيه.. ولم تفلح محاولات فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني المتفوق عدداً ونوعاً والمنظم جيداً في الحيلولة دون سقوط النظام في دمشق.. حيث كانت التقديرات تشير إلى أسبوعين أو أكثر ويسقط النظام كما صرح بذلك العديد من حلفاء النظام من الميليشيات ووزير الخارجية الروسي وغيره.

وبالمقابل كانت الصورة في الطرف الآخر، فصائل الثورة السورية والحركات الإسلامية الجهادية (بما فيها داعش والقاعدة) تسيطر على أكثر من ثلثي الجغرافيا السورية.. وما يهمني، القول بالنسبة للفصائل الثورية (الجيش الحر) كانت على خلاف (متفاوت الدرجات) مع الحركات الجهادية وأما هو نفسه فكان يعاني من امرين جوهريين:

  1. عدم وجود قيادة عسكرية واحدة تفرض قيادتها على الجميع وكانت تتشكل أثناء كل معركة غرفة عمليات صورية.. وكانت الفصائلية سائدة.
  2. عدم وجود قيادة سياسية تمثل الفصائل الثورية الموجودة على الأرض، بحيث تستطيع أن تملي إرادتها أو سياستها عليهم وهو أمر بديهي.

وخوفاً من انهيار دفاعات النظام الأخيرة وتحول دمشق إلى كابل أخرى (لا تبعد دمشق عن الحدود الإسرائيلية أكثر من 50 كم)، ولأسباب أخرى كانت التدخل العسكري الروسي المباشر مرضياً عليه دولياً (بل مطلوباً)، لتغيير المعادلة العسكرية على الأرض في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة قد أنشأت تحالفها المكون من أكثر من ستين دولة وتحارب الإرهاب الداعشي في الشمال السوري قبل التدخل الروسي بأكثر من سنة، وكان حليفها الأرضي مكون من الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) مع فصائل عربية من بقايا الجيش الحر والعشائر العربية وشكلت ما يعرف الآن بقوات سورية الديمقراطية (قسد)، التي كما يعلم الجميع تخضع قيادتها لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يعتبره الغالبية من السوريين الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي.

هنا كانت بداية الصدمة للسياسة التركية في سورية حيث – كما أعتقد – لم تتصور أنقرة أن يلجأ التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة بحربه ضد داعش إلى ميليشيا محلية كردية وعربية غير منضبطة ولا تتمتع بأية كفاءة عسكرية، وتتخلى عن الجيش التركي أحد أكبر جيوش الناتو ليكون الذراع الأرضي الذي يمسك بالأرض بعد طرد تنظيم داعش منها.

بالتدخل العسكري الروسي أصبح مستحيلاً بالنسبة للقيادة التركية سقوط أو إسقاط النظام في دمشق (وأظن أن القيادة التركية مع القيادة السعودية كانتا الوحيدتان اللتان تأملان سقوط النظام بعيداً عن الحجج الدولية بعدم توفر البديل)، ولذلك أعتقد أن أنقرة قد حددت أهدافها في سورية ما يلي:

  1. العمل على منع تشكل دويلة أو كانتون كردي على حدودها الجنوبية يشابه إقليم كردستان في العراق.
  2. الحد من تدفق اللاجئين السوريين إلى داخل أراضيها والعمل على تأمين منطقة آمنة لم يلتفت أحد سابقاً (وخاصة إدارة الرئيس أوباما) لمناشداتها داخل الأراضي السورية برعاية أممية تكون ملاذاً آمناً للسوريين الهاربين من جحيم العدوان الروسي وحلفائه، وذلك عبر ابتكار أسلوب لم يكن معروفاً سابقاً سمي بمناطق خفض التصعيد بالتعاون مع الدولتين الداعمتين للنظام، روسيا وإيران بما عرف فيما بعد بمحور أستانة لتنظيم وإدارة قواعد الاشتباك باعتبار أن الدول الثلاثة تدعم طرفي الصراع السوري. وقد قامت تركيا وبالتفاهم مع روسيا بشن أربع عمليات عسكرية ضد داعش وقوات ما يعرف بسورية الديمقراطية، ولا أظن أن العمليات العسكرية التركية الأربع قد حظيت بموافقة أمريكية، لكنها لم تعترض عليها بل استفادت منها بإجهاض الحلم الروسي بفرض حل على هواه. وللعملية العسكرية التركية الرابعة في إدلب، التي أطلق عليها عملية درع الربيع لها ظروف خاصة مهمة واستراتيجية سأتطرق لها لاحقاً.
  3. العمل على بناء بيئة سورية صديقة على كامل الحدود الجنوبية لها، ابتداءً من المناطق التي تتمكن من الدخول إليها عبر تقديم مختلف الخدمات وتمتعها بالحماية الأمنية التركية. وكما هو معلن من القيادة التركية نفسها أن العمل جار على بناء تلك البيئة وحمايتها على كامل الحدود الجنوبية لتركيا كهدف استراتيجي لها، بحيث تمتلك أنقرة أوراقاً قوية تطرحها على طاولة الحل السوري وفق القرار الدولي 2254، والأهم لها أن تستطيع استخدام تأثيرها المفترض على السياسة السورية المقبلة عبر الحلفاء، بعدم إقرار أي نوع من الفيدرالية على أساس قومي أو طائفي وبقاء الأرض السورية موحدة، مع حرصها المهم أيضاً على ألا يكون النظام المقبل في دمشق نظاماً غير صديق لها.

وسواء تفاجأ بعضهم أم لا، من التصريحات التركية الأخيرة، ابتداءً من تصريحات وزير الخارجية التركية الأخيرة الشهيرة، التي أدت لاندلاع مظاهرات عفوية في الشمال السوري عقب الإدلاء بها، وكلامه عن ضرورة إجراء مصالحة بين النظام والمعارضة، فان كل التوضيحات التي صدرت بعد ذلك التصريح من إساءة فهم المقاصد من كلام الوزير أو عدم الدقة بالترجمة بين مصالحة ما أو اتفاق ما. (حيث أن الفرق شاسع بين المصطلحين كما يراه الشعب السوري).

وما نتج عن ا للقاء الذي تم بين السيد الوزير ووفد من قيادة المعارضة الرسمية، أن التطرق تم لتأكيد الموقف التركي من الحل السوري المستند على القرار 2254.، ولم يتم التطرق إلى مسألة المصالحة بين تركيا والنظام وبالطبع هذا شأن سيادي تركي، لا علاقة للمعارضة به ولا للسوريين كلهم، تقدره الحكومة التركية التي انتخبها شعبها لتحقيق مصالحه وليس مصالح أي شعب آخر.

وليست الانعطافة التركية أتت بسبب الفيتو الغربي والأمريكي، خاصة على عمليتها العسكرية الخامسة (بمعنى سياسة رد فعل على الفعل الأمريكي) أو أتت بسبب التفهم الروسي والإيراني للهواجس الأمنية التركية واستبدالها للعمليات العسكرية بتفاهمات مع النظام يحقق بها الأتراك أهداف العملية العسكرية وربما أكثر دون القيام بها. طالما أن ما يقلق تركيا بالدرجة الأولى هو وجود تلك التنظيمات التي تصنفها أنقرة إرهابية وانفصالية وتهدد الأمن القومي التركي.

وبالطبع هذه التنظيمات ليست فواعل محلية مهمة بذاتها، بل إن زبائنيتها واستخدامها من قبل الفواعل الإقليمية والدولية وخدمة أجنداتهم، ومن هذا الدور تأتي أهميتها الآنية.

وبما أن الوساطة الروسية بين النظام وقسد، التي مضى عليها سنوات ولم تؤد لأي نتيجة، فلا النظام قبل بإعطاء تنازل مهم لقسد بل العودة لوضع ما قبل 2011 مع تغييرات طفيفة وغير جوهرية بما يخص الوضع الكردي في سورية، ولا قسد نزلت من على الشجرة بسقف مطالب عال جداً، بقي وضع التخادم المرحلي بتجلياته النفطية وشتى أشكال التنسيق تجنباً للصدام الكبير القادم حتماً.

ويبدو أن قناعة ترسخت لدى السياسيين الأتراك بأن التعاون مع النظام السوري سيكون مثمراً وطبيعياً، بل قد يكون ضرورياً في التنسيق والتعاون لمحاربة عدو مشترك بينهما، ويعلم النظام وتركيا أن الولايات المتحدة لن تخوض حرباً مع أحد كرمى لعيون قسد، حيث أن قسد كانت قد بنت كل مشروعها في سورية على أساس وجود أمريكي طويل الأمد، ولا سياسة أمريكية يمكننا أن نراها في سورية، وفي عهد الرئيس بايدن لم تعين أمريكا موفداً رئاسياً للملف السوري، مع أنها على عادة الإدارات الأمريكية، تعين مندوبين خاصين للملفات المهمة التي تنوي العمل عليها.

إن كل الرهانات على استراتيجية أمريكية جديدة في سورية ضد النفوذ الروسي بعد مرور سبعة أشهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا كانت خاسرة، فقواعد الاشتباك لا زالت كما هي ولم يحدث أي تغيير، رغم تراجع الدور الروسي في سورية عما كان عليه قبل غزو أوكرانيا، وقد يكون من المرجح استمرار تلك الحالة لمدة غير محددة، ومرتبطة بمسارات ومآلات الحرب في أوكرانيا.

وليس مستبعداً انقلاب النظام السوري على كل تفاهماته مع قسد، حيث كان الأسد الأب قد فعل ذلك مسبقاً، بطرد حزب العمال الكردستاني من سورية مع قائده أوجلان، ما أدى إلى اعتقاله من قبل الأمن التركي ولازال معتقلاً حتى الآن، وتم وقتها توقيع اتفاق أضنة 1998.

بمعنى أن الانقلاب وارد من النظام السوري على أدواته وحلفائه إذا كان قادراً ورأى مصلحة من وراء ذلك.

أما بخصوص القضية الأهم بالنسبة للحكومة التركية فهو موضوع اللجوء السوري في تركيا، حيث أصبح هذا الملف قضية رأي عام في تركيا وجرى ويجري استغلاله من أحزاب المعارضة التركية أبشع استغلال، وأصبح كبرنامج انتخابي يحظى بالأولوية في الصراع الانتخابي الذي بدأ مبكراً في تركيا، ويتم اتهام حزب العدالة والتنمية بسوء إدارة ملف اللجوء السوري والمقاربة التركية بشكل عام للحرب في سورية التي أدت لهذه النتيجة، وأنه لا مناص من أجل حلحلة تلك القضية من التفاهم والتواصل مع النظام السوري كي يتم التوصل إلى عودة القسم الأكبر من اللاجئين إلى بلدهم، الذين تم تحميلهم أسباب وتبعات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا الآن.

إن سحب هذه الورقة من يد المعارضة التركية يبدو فائق الأهمية لحكومة حزب العدالة والتنمية، بل والتفوق عليهم أحياناً بالحرص على استعادة العلاقة مع النظام السوري لإنهاء تلك المشكلة.

وهذا الفعل التركي تم التمهيد له بإعلان مشروع العودة الطوعية لمليون لاجئ سوري من تركيا في العام الأول، عبر بناء تجمعات سكنية في 13 موقع في الشمال السوري.

إن الوصول لوقف إطلاق نار دائم تسعى له تركيا مع النظام السوري برعاية روسية، سيجعل المنطقة الآمنة أمراً حتمياً، يسمح بعودة اللاجئين في تركيا للمجمعات السكنية المزمع إنشاؤها.

كما أن عشرات الآلاف من سكان القرى والبلدات الحالية الواقعة على خطوط التماس سيتمكنون من العودة لديارهم.

طبيعة الوجود العسكري التركي في سورية

لا أظن أن أي تغير جوهري سيطرأ على أوضاع المناطق التي تقع تحت الحماية التركية، من ناحية الخدمات أو الإدارة أو الوجود الأمني والعسكري.

حيث يوجد ما يقدر بحوالي ثلاثين ألف جندي تركي في الأراضي السورية، أكثر من نصفهم في إدلب وحدها.

والوجود التركي في المناطق التي تم تحريرها من داعش أو ما يسمى قسد عبارة عن قواعد تركية.

أما الوجود العسكري التركي بشكل جيش منظم، فهو في منطقة لم توجد بها قسد وهي خطوط القتال الحالية في إدلب وريف حلب الغربي، بشكل يجعلنا نستنتج أن الأمن القومي التركي لا يتهدد من وجود عصابات قسد فقط، بل من موجات لاجئين جديدة أو موقع جبل الزاوية الاستراتيجي المهم للعمق العسكري التركي، حيث كان لافتاً عدم سقوط تلال الكبينة وغيرها من المرتفعات الحاكمة امتداداً لجسر الشغور وطريق الـ M4 الذي يخترق الجبل، وكان الوجود القتالي التركي ونقاطه القتالية بقوس دفاعي فولاذي بحيث يكون الجنود الأتراك على الخط الأول وأي عملية اختراق أو جس نبض أو اقتحام فسيتم الاصطدام بالجنود الأتراك، وقد أدرك النظام وحلفاؤه الدرس السابق في شباط 2020 وطبيعة الانتشار التركي الحالي.

لذلك ليس من المرجح أن يتم سحب جندي تركي واحد قبل ضمانات حقيقية أو تطبيق مقررات جنيف، ومن المكن فتح معابر داخلية عبر خطوط القتال أو ترفيق قوافل تجارية تدخل من باب الهوى أو باب السلامة لتعبر الأراضي السورية وصولاً لدول لخليج العربي ما ينشط حركة التجارة التركية مع النظام والدول العربية.

أظن أن الاستراتيجية التركية لا تختلف مع غيرها من المقاربات، بأن نظام الأسد صغير، ولكن الجغرافيا السياسية والاقتصادية لسوريا كبيرة جداً.

هناك نظرة تركية مستقبلية، بعد تعثر مد أنابيب خط الغاز الإسرائيلي عبر قبرص واليونان ومن ثم لأوربة وتخلي الولايات المتحدة عن دعمه لأنه عميق وطويل ومكلف وقد لا يحقق الجدوى من إنشائه، بأن يستعاض عنه بخط أنابيب ينطلق من إسرائيل بمحاذاة اليابسة أقصر من السابق، ويمر من مناطق غير عميقة يصل إلى تركيا (التي مهدت لذلك بإصلاح علاقتها المتوترة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي)، ويمكن أن يحمل هذا الخط مستقبلاً الغاز الذي سيستخرج من سواحل سورية ولبنان أو إنشاء أنبوب مواز له، كما أنه من الممكن أن يتم إحياء خط الغاز الشهير الذي توقف الكلام عنه بعد اندلاع الثورة السورية، ليحمل الغاز القطري إلى سورية ثم تركيا التي تحلم أن تكون منصة لتصدير الغاز والنفط إلى أوربة.

يمكن أن تكون الاستراتيجية التركية بصلحها القريب مع النظام السوري، تحاول الاستفادة من العوامل السابقة، حيث بات واضحاً أن الحروب والمصالحات تتم حول أنابيب الطاقة ومواقع إنتاجها وطرق نقلها.

أثبتت الوقائع أن السياسة التركية براغماتية حتى في إدارة علاقاتها مع الأضداد.

فهي تملك علاقات مميزة مع حماس وفتح، وإسرائيل، ولها علاقات مع الرياض وطهران، كما أنها عضو في الناتو وتتمتع بعلاقة قوية مع روسيا.

ومؤخراً اجتمع الرئيس التركي خلال عشرين يوماً مع بوتين وزيلنسكي كل على حدة، واستطاع إنجاز اتفاق إخراج الحبوب العالقة في موانئ البحر الأسود.

الموقف الإيراني من التطبيع التركي مع النظام

لم توفر القيادة الإيرانية جهداً في عزل النظام السوري عن محيطه العربي والدولي، فكانت صاحبة الكلمة الفصل في النهج الأمني والعسكري العنيف بمواجهة الثورة السورية بحيث أحرقت مراكب النظام لإمكانية تعويمه مستقبلاً بفعل الكم الهائل من الجرائم التي ارتكبها، وقد عطلت أي محاولة عربية لاستمالة النظام سابقاً وستعمل على تقييد أو تعطيل العلاقة مع تركيا، بعكس الروس الذين جهدوا على مدار السنوات السابقة لإعادة تعويم النظام ومارست كثيراً من الضغوط على دول الخليج العربي خاصة.

والخلاف بين النظرة الروسية والإيرانية أن نظام الملالي لا يرى (ولا يريد أن يرى) في بشار الأسد أكثر من قائد ميليشيا تتبع لولاية الفقيه ويتلقى الأوامر من قم وطهران دون أي تأثيرات أو اعتبارات أخرى، فيما يرى الروس أن مشروعهم في سورية نقطة الانطلاق في بناء مجدهم الإمبراطوري الغابر.

إن نظاماً موال في دمشق يحكم بحد أدنى من التوافق مع معارضة شكلية (ديكورية)، مع علاقات طبيعية مع المحيط العربي والدولي بغض النظر عن وجود الأسد شخصياً هو ما يعملون إلى تحقيقه، وقد عبروا عن ذلك مراراً وتكراراً، إما بشكل مباشر أو موارب، لذلك لا يمكن إغفال العامل الإيراني المهم بالحد من انفتاح أنقرة على دمشق.

نقاط الخلاف الرئيسية بين أنقرة ودمشق

وهي نقاط معقدة ليس من السهل تذليلها ومنها:

  1. ترى أنقرة أن الوضع الحالي السائد في الشمال السوري يجب أن يستمر لحين الوصول للحل النهائي، فيما ترى دمشق أن إنهاء الوضع الحالي في الشمال السوري بإعادة بسط سيطرة النظام على الأرض والديمغرافية هي بوابة للحل النهائي.
  2. تعريف من هم الجماعات الإرهابية، حيث لا ترى أنقرة غير القوات الكردية من ينطبق عليها هذا الوصف وبالتالي بند محاربة الإرهاب.. وهيئة تحرير الشام أغلب قادتها وأعضاؤها من السوريين وإن كان الباب مفتوحاً بشأن بعض القيادات القاعدية ذات الرؤوس الأيديولوجية الحامية، للحوار بشأنها.

فيما ترى دمشق أن كل من حمل السلاح ضد النظام إرهابي، وممكن النظر بشكل أكثر إنصافاً للفئات العسكرية التي شاركت بجولات أستانة، وترى دمشق أن هيئة تحرير الشام كلها إرهابية مهما حاولت، إن كان بتغيير اسمها أو إعلان براءتها من تنظيم القاعدة، وإن حزب الاتحاد الديمقراطي ليس بمجمله الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني.. وبالتالي ليس حزباً إرهابياً.

  • تحاول أنقرة تضمين تفاهمات واتفاقات أستانة بصلب اتفاقية أضنة الجديدة التي تسمح للقوات التركية بالوجود الدائم داخل الأراضي السورية لمحاربة التهديدات الإرهابية للميليشيات الكردية، فيما تصر دمشق على اتفاقية أضنة القديمة.
  • التفاهمات على فتح المعابر الدولية والداخلية وفتح الطرق الدولية ليست أموراً شائكة لأنها تخدم الطرفين وتحقق منافع اقتصادية لهما ويتحقق الربط البري بين الأسواق التركية ودول الخليج العربي عبر الخط البري وتتقلص حركة نقل السلع بحرياً من ميناء مرسين وعبور قناة السويس وصولاً لموانئ المملكة العربية السعودية على البحر الأحمر، ويستفيد النظام من رسوم الترانزيت ومن تدفق البضاعة التركية إلى أسواقه.
  • قد يكون افتتاح السفارات بين البلدين مشكلة، فقد يرى الأتراك أن ذلك سيعقب التطبيع ولا يتقدم عليه فيما ترى دمشق العكس.

ما أود قوله، إن الاستدارة التركية تجاه النظام السوري استراتيجية ومتوقعة وليست تكتيكية، وقد تتمكن أنقرة من إدارة علاقاتها مع المعارضة وفصائل الثورة ومع النظام السوري للوصول للحل النهائي، وتسير بخطة محور أستانة (حيث طالبت في القمة الأخيرة بخروج القوات الأمريكية من سورية) وبين الرغبة الأمريكية والغربية بالسير بالحل الأممي، حيث كانت إحدى الدول الـ 12 التي شاركت بالاجتماع المصغر بجنيف للدول المهتمة بالشأن السوري ووافقت على كل مخرجاته.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني