fbpx

الاستثمار في سوريا الجديدة… لماذا نحتاج إلى تشريعات واضحة وبرلمان انتقالي

0 30

مع دخول سوريا مرحلة جديدة تتطلع فيها إلى التعافي وإعادة البناء بعد سنوات من الحرب، تبرز قضية الاستثمار كأحد المفاتيح الأساسية للنهوض الاقتصادي، إلّا أن هذا المسار لا يمكن أن يحقق أهدافه المرجوة دون وجود منظومة قانونية متماسكة تحمي المستثمرين من جهة، وتصون حقوق الدولة السورية من جهة أخرى.

ووسط التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد، تزداد الحاجة إلى وجود برلمان انتقالي يتمتع بشرعية تمثيلية، يكون مسؤولاً عن صياغة تشريعات دقيقة وواضحة تُنظّم الحياة الاقتصادية وتوفر بيئة استثمارية جاذبة وآمنة.

مناخ الاستثمار لا يقوم على النوايا فقط

في دول ما بعد النزاعات لا يكفي الإعلان عن مشاريع استثمارية كبرى، أو إطلاق دعوات مفتوحة للمستثمرين، إذ إن ما يحدّد قرار المستثمر الحقيقي هو البيئة القانونية والقضائية، التي تكفل حقوقه وتوفر له الأمان المالي والاقتصادي.

وتعاني سوريا اليوم من فراغ تشريعي في كثير من القطاعات، وتعدّد في المرجعيات القانونية، إلى جانب غياب الثقة في الآليات القضائية، وهو ما يشكّل عائقًا حقيقيًا أمام أي عملية استثمارية جادة سواء كانت داخلية أو خارجية.

حماية المستثمر لا تعني التفريط في السيادة

الحديث عن حماية المستثمرين لا يجب أن يُفهم على أنه تفريط في مقدرات الدولة، أو فتح الباب أمام استغلال ثرواتها، بل يعني بالضرورة صياغة قوانين تضمن العدالة والشفافية، وتمنع الفساد والمحسوبيات، وتُخضع الجميع لمبدأ المحاسبة.

إن وجود قوانين تضمن حرية رأس المال في التحرك مع مراعاة المصلحة الوطنية، وتضع معايير واضحة للملكية، والضرائب، وحماية البيئة، وتشغيل اليد العاملة المحلية، هو ما يحقق التوازن بين حاجات المستثمر وحقوق الدولة

البرلمان الانتقالي… مؤسسة لا بد منها

في هذا السياق لا يمكن الحديث عن إصلاح اقتصادي حقيقي دون وجود مؤسسة تشريعية قادرة على إنتاج قوانين جديدة تواكب تطلعات السوريين، وتراعي خصوصية المرحلة، ويُعدّ البرلمان الانتقالي ضرورة وطنية ليس فقط لإقرار قوانين الاستثمار، بل لضمان عملية الانتقال السياسي والاقتصادي بشكل شرعي وشفاف.

ومن خلال هذا البرلمان يمكن إعادة الثقة بين المواطن والدولة وبين الدولة والمجتمع الدولي حيث

سيكون منوطًا به مراقبة أداء السلطة التنفيذية وتحديد أولويات التنمية وضمان عدم تحول الاقتصاد إلى

 أداة بيد قوى الأمر الواقع أو النفوذ الخارجي.

الحاجة إلى إرادة سياسية وشفافية

ما تحتاجه سوريا اليوم ليس مجرد تشريعات جديدة بل إرادة سياسية حقيقية، لوضع قواعد نزيهة وواضحة للعبة الاقتصادية، فالقوانين مهما كانت متطورة تفقد قيمتها إذا لم تُطبّق بعدالة، وإذا لم تحكمها مؤسسات شرعية تمثل مصالح السوريين جميعًا، لا مصالح فئة دون أخرى.

خلاصة

إعادة إعمار سوريا تتطلب أكثر من المال، إنها تحتاج إلى منظومة تشريعية متوازنة، وبرلمان انتقالي يضع الأسس لدولة قانون تحترم المستثمر وتحمي الوطن، فلا يمكن بناء اقتصاد قوي في ظل فراغ سياسي وتشريعي، ولا يمكن حماية الحقوق دون مؤسسات شرعية تمارس دورها بفعالية وشفافية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني