الألغام في سوريا: خريطة الموت ومعركة النجاة
عودة الأمل تصطدم بحقول الموت:
مع سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وعودة الأمل بعودة النازحين إلى ديارهم، برزت قضية الألغام الأرضية ومخلفات الذخائر العنقودية كأحد أخطر التحديات التي تواجه المجتمع السوري.
لم تكن هذه المشكلة مجرد إرث من حرب استمرت لأكثر من عقد، بل أصبحت تهديداً يومياً يتربص بحياة المدنيين، ويعيق التنمية وإعادة الإعمار.
منذ نهاية نوفمبر 2024 وحتى اليوم، وثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 45 مدنياً، بينهم أطفال ونساء، في انفجارات الألغام. إنها قضية تتطلب تسليط الضوء وإيجاد حلول عاجلة.
انتشار الألغام: إرث الحرب الذي لا ينتهي:
تغطي الألغام الأرضية ومخلفات الذخائر العنقودية مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق التي شهدت صراعات عسكرية مكثفة، واستخدمت هذه الأسلحة الفتاكة بشكل مكثف خلال النزاع السوري بسبب سهولة تصنيعها وانخفاض تكلفتها، ولكن غياب الجهود المنظمة لتسييج المناطق أو إزالة الألغام زاد من حدة المشكلة، وترك آلاف المدنيين في مواجهة الخطر.
ضحايا الألغام: أرقام صادمة:
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 45 مدنياً، بينهم 6 أطفال و4 سيدات، منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 وحتى اليوم، نتيجة انفجار الألغام. كما أفادت الإحصاءات بمقتل 3521 مدنياً منذ عام 2011، بينهم 931 طفلاًو362 سيدة.
الإصابات الناجمة عن الألغام:
إلى جانب القتلى، سببت الألغام إصابات مروعة وتشوهات جسدية، تتطلب عمليات جراحية معقدة، وتركيب أطراف صناعية، وإعادة تأهيل طويلة الأمد. تقدّر الشبكة إصابة ما لا يقل عن 10,400 مدني بجروح متفاوتة الخطورة منذ عام 2011، إن هذه الأرقام تؤكد على التهديد المستمر الذي تفرضه الألغام، خاصة على الفئات الأكثر ضعفاً.
الأثر الاجتماعي والاقتصادي للألغام:
تشكل الألغام عائقاً كبيراً أمام عودة النازحين وإعادة إعمار المناطق المتضررة. كما تعرقل حركة فرق الإغاثة والدفاع المدني، مما يزيد من معاناة السكان.
خرائط الألغام: خطوة نحو الحل:
نشرت الشبكة خرائط دقيقة توضح المناطق الأكثر تلوثاً بالألغام ومخلفات الذخائر، مما يوفر أداة مهمة لتحديد المناطق الخطرة، وتوجيه جهود إزالة الألغام. هذه الخرائط تُمثل دليلاً عملياً للحكومات والمنظمات العاملة على الأرض.
طريق النجاة من الموت الصامت:
باعتبارها عضواً فاعلاً في التحالف الدولي للقضاء على الذخائر العنقودية، تسعى الشبكة السورية إلى توثيق استخدام الألغام، والمساهمة في جهود إزالتها، والدعوة إلى التزام سوريا الجديدة بالاتفاقيات الدولية التي تحظر استخدامها، وتقدم جملة من التوصيات:
إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي:
1. دعم إزالة الألغام: تعزيز الدعم المالي واللوجستي للمنظمات المحلية.
2. التوعية والتدريب: تدريب الكوادر المحلية وزيادة الوعي المجتمعي بمخاطر الألغام.
3. تمويل دائم: تخصيص موارد مالية مستدامة لتطهير المناطق المتضررة.
إلى الحكومة السورية الجديدة:
1. تنفيذ برامج وطنية لإزالة الألغام.
2. دعم الضحايا: تقديم الرعاية الطبية والنفسية.
3. تعزيز التوعية: توعية الأطفال والمزارعين بخطورة الألغام.
إلى المجتمع المحلي:
1. الابتعاد عن المناطق المشتبه بتلوثها.
2. الإبلاغ عن الأجسام المشبوهة.
3. توجيه الأطفال إلى مسارات آمنة
الأمل يحدو سوريا الجديدة:
الألغام ليست مجرد تهديد للحياة، بل عقبة أمام إعادة الإعمار والتنمية في سوريا الجديدة. تحتاج البلاد إلى دعم دولي ومحلي لإزالة هذه الكارثة. بوعي المجتمع وجهود المنظمات، يمكن أن تنتصر سوريا في معركة الحياة بعد الحرب.