fbpx

استمرار ظاهرة الاعتقال التعسفي في سوريا الجديدة

0 34

سوريا بعد الأسد: واقع الاحتجاز التعسفي في ظل الحكومة الانتقالية

في التقرير الشهري الصادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، نرصد التحديات المستمرة فيما يخص حقوق الإنسان في سوريا، لاسيما ما يتعلق بحالات الاعتقال التعسفي. ورغم التغييرات السياسية التي شهدتها البلاد إثر سقوط نظام الأسد في كانون الأول 2024، فإنَّ الوضع الحقوقي في سوريا لا يزال يعاني من انتهاكات جسيمة.

التقرير يكشف عن استمرار حملات الاعتقال والاحتجاز التعسفي التي استهدفت مدنيين في مختلف مناطق البلاد، ويعرض الأرقام التي ترصد تلك الانتهاكات في شهر آذار 2025، ويستعرض حالة الإفراجات والممارسات التي تستمر من قبل جميع الأطراف المسيطرة على الأراضي السورية.

الاعتقال التعسفي في مناطق الحكومة الانتقالية: استمرار الانتهاكات

وفقاً للتقرير، تم توثيق ما لا يقل عن 117 حالة اعتقال تعسفي في آذار 2025. من بين هذه الحالات، تم احتجاز 7 أطفال، بينما كانت 11 حالة على يد الحكومة الانتقالية، و13 على يد فصائل المعارضة المسلحة والجيش الوطني، أما الحصة الأكبر فكانت 93 حالة اعتقال على يد قوات سوريا الديمقراطية (قسد). وتصدرت محافظتي حلب ودير الزور قائمة المناطق الأكثر تسجيلاً لحالات الاحتجاز التعسفي، تليها الرقة ثم الحسكة ودمشق.

الإفراجات والممارسات المتناقضة: تحديات المرحلة الانتقالية

تطرق التقرير إلى عمليات الإفراج التي قامت بها الأطراف المختلفة، حيث تم الإفراج عن 9 أشخاص من مراكز احتجاز الحكومة الانتقالية و14 شخصاً من مراكز احتجاز قوات سوريا الديمقراطية.

وعلى الرغم من عمليات الإفراج، إلا أنَّ بعض المحتجزين ظلوا لفترات طويلة دون وجود مذكرات قضائية، ما يعكس غياب الإجراءات القانونية وضمانات المحاكمة العادلة.

الاختفاء القسري: استمرار معاناة الأسر السورية

لا يزال ملف الاختفاء القسري يثير القلق، حيث تم توثيق العديد من حالات الإخفاء القسري في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، بالتزامن مع حملات دهم مستمرة.

ولا تقتصر هذه الممارسات على هذه القوات فقط، بل تشمل أيضاً مناطق سيطرة المعارضة المسلحة التي نفذت عمليات اعتقال استهدفت قادمين من مناطق سيطرة قسد.

المطالب بالعدالة: ضرورة التدخل الدولي لضمان حقوق المعتقلين

إنَّ ما يشهده المعتقلون في سوريا من معاناة، سواء كانوا في مراكز الاحتجاز التابعة للحكومة الانتقالية أو قوات سوريا الديمقراطية أو فصائل المعارضة المسلحة، يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً.

 فالممارسات التي تُوثق شهراً بعد شهر تشير إلى استمرارية الانتهاكات رغم التغيرات السياسية. ولذا، ينبغي على المجتمع الدولي ممارسة ضغوط أكبر على الأطراف الفاعلة في سوريا لضمان الإفراج عن جميع المعتقلين بشكل غير مشروط وضمان حقوقهم الأساسية.

إنَّ التصدي للاحتجاز التعسفي يتطلب وضع إطار قانوني صارم يعتمد على الشفافية والمحاسبة، ويضمن في الوقت نفسه عدم تكرار هذه الانتهاكات في سوريا المستقبلية.

التوصيات:

1. إحالة الوضع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق مع المسؤولين عن الجرائم المرتكبة، بما في ذلك بشار الأسد وأفراد نظامه.

2. تجميد الأصول المالية لمسؤولي نظام الأسد واستخدام هذه الأموال لدعم برامج العدالة الانتقالية.

3. التعاون مع منظمات حقوق الإنسان الدولية لضمان حرية الوصول إلى أماكن الاحتجاز وتوثيق الانتهاكات.

4. تحسين نظام العدالة الانتقالية في سوريا لضمان محاسبة المسؤولين وتعويض الضحايا.

في هذه المرحلة الحاسمة التي تمر بها سوريا، فإنَّ العودة إلى المسار الصحيح يتطلب التزاماً حقيقياً من جميع الأطراف المعنية بحقوق الإنسان. لا يمكن لسوريا الجديدة أن تُبنى على أساس الظلم والانتهاكات، بل يجب أن تكون هناك خطوات جادة نحو العدالة والمصالحة، عبر تعزيز آليات المساءلة والمحاسبة لضمان الحقوق الأساسية للجميع.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني