fbpx

إجراءات الحظر في ظل فقدان الخدمات الصحية والاحتياجات اليومية شمال شرق سوريا

0 150

جائحة كورونا التي لم تستثن أية رقعة جغرافية، اخترقت الحدود والحواجز، بدأت طبولها الآن تقرع شمال شرق سورية بعد الإعلان عن أربع إصابات في مدينة القامشلي بداية الشهر الجاري. رغم أن الإدارة الذاتية التي تتولى إدارة المنطقة، اتخذت إجراءات وتدابير وقائية لمنع انتقال الفيروس وانتشاره في المنطقة، مع بدء الإعلان العالمي عن ظهوره وانتشاره. حيث قامت بفرض حظر للتجول عدة مرات كان أولها في 23 آذار، ووضع القادمين إلى المنطقة في الحجر الصحي لمدة أربعة عشر يوماً، وإغلاق المعابر مع العراق وإقليم كردستان العراق. تلاها حظر تام بتاريخ 29 تموز لمدة أسبوعين، ثم حظر آخر من تاريخ 6 آب ولغاية 20 آب الجاري، استثني منه محلات بيع الخضار والأغذية، والعيادات الطبية، والصيدليات، والخروج لا يكون إلا للضرورة القصوى.

كما أصدرت قراراً بفرض غرامة مالية تقدر ب 1000 ليرة سورية على كل من يخرج دون ارتداء الكمامة. ورغم كل ذلك أخذ الوباء بالانتشار بشكل سريع، وبأعداد متزايدة.

فقد بلغت حالات الإصابة المصرح عنها حتى تاريخ 18 آب الجاري 220 حالة و11 حالة وفاة مع شفاء 26 حالة. لكن وبحسب الأهالي والناشطين في المنطقة فأعداد الإصابات المصابة والوفيات تفوق ذلك بكثير. لا يعلن عنها من قبل المصابين حيث يعتبره الكثيرون أمراً معيباً، وعدم الإفصاح عن الإصابات أو ذكر أسباب الوفاة زاد عدد الإصابات كل يوم. ويعود سبب الانتشار الكبير للفايروس إلى عدم الجدية في فرض الحظر من قبل الإدارة على الأهالي ومخالفة المستهترين بصحتهم وصحة من حولهم. وعدم تقيد والتزام الأهالي بإجراءات الحظر وشروطه. ويرجح انتقال العدوى للمنطقة عن طريق العائدين إليها من دمشق عبر الطرق البرية والجوية وتهرب الكثيرين من الفحص والحجر الصحي برشوة العاملين في المطار. حيث هناك رحلات يومية للطيران السوري وشركة أجنحة الشام وطائرة الشحن العسكرية (اليوشن) والتي تقل أكثر من 250 شخصاً يومياً قادمين من دمشق حيث الانتشار الكبير للفيروس. 

فقر الخدمات والإمكانات الطبية:

يعتبر واقع القطاع الصحي في عموم سورية بشكل عام، وفي شمال شرق سورية بشكل خاص ضعيفاً. ويفتقر إلى المنشآت الصحية، والأجهزة والكوادر الطبية، والأدوية الضرورية اللازمة لمواجهة الوباء المنتشر. وبحسب إحصائيات مركز آسو للاستشارات والدراسات الاستراتيجية. يبلغ عدد المشافي والمستوصفات والمراكز الطبية شمال شرق سورية 127 مشفى ومركز طبي. ويبلغ عدد منافس الأوكسجين الضرورية للحالات من الدرجة الثالثة نحو 100 منفسة، 30 منها في مدينة القامشلي. 10 منها في مشفى القامشلي الوطني، والباقي موزعة على المستوصفات والمراكز الطبية التابعة لهيئة الصحة في الإدارة الذاتية. وطبيبين مدربين على استخدامها. ووجود 55 سيارة إسعاف عائدة للهلال الأحمر الكردي. أما عدد غرف العناية المشددة /12/ غرفة في المشفى الوطني في كل منها عدة أسّرة. وقد تم إنشاء مشفى (كوفيد 19) من قبل الهلال الأحمر الكردي. بدعم من المنظمات الدولية. بـ 60 سرير. ومركزين للعزل. أحدهما في مركز اللؤلؤة والآخر في مشفى القامشلي الوطني. إضافة لمركز الحجر الصحي في فندق السنابل بمدينة الحسكة.

وقد تم وصول عدة طبية وخمسة أجهزة ٌRCP من منظمة الهلال الأحمر الكردستاني/أوروبا إلى مشفى (كوفيد 19) في مدينة الحسكة. وكان رئيس إقليم كردستان العراق (السيد نيجرفان بارزاني) قد أرسل في وقت سابق أربع أجهزة مخبرية للكشف عن الإصابات مع طاقم تدريبي لتدريب الكوادر الطبية في المنطقة على كيفية استخدامها، في ظل فقدان الكثير من الأدوية وغلاء أسعار الباقي وتفاوت أسعارها من صيدلية لأخرى. وقد فرضت الإدارة غرامة مالية تقدر بـ 1000 ل.س على كل من يخرج من بيته دون ارتداء الكمامة وبلغ سعر الكمامة الواحدة 500 ل.س مع عدم توفرها.

كما سجلت حالات إصابة عدة بين الأطباء والطواقم الطبية، لعدم توفر وسائل الوقاية الكافية والمناسبة لهم كأكثر المحتكين مع المصابين، ويتم استخدام مواد الكلور في تعقيم المشافي والفورمول لتعقيم غرف العمليات وأشعة الأوزون للأجهزة. 

فقدان الحاجات اليومية الضرورية:

تأتي قرارات الحظر، وإجراءاته في ظل ظروف معيشية صعبة، حيث يضطر الكثيرون وخاصة العمال المياومون لكسر الحظر والخروج للعمل، لتأمين لقمة عيشهم وتلبية احتياجات أسرهم اليومية.

(أ.ح. أب لأربعة أطفال عامل مياوم) “رغم فرض الحظر التام، لا أستطيع التقيد به فكيف ألبي حاجات أطفالي اليومية الضرورية دون عمل ولا يوجد بديل كتقديم المساعدات مثلاً”

مع انقطاع الكهرباء، والغاز، والماء، والخبز، التي ما إن تتوفر حتى تشهد الشوارع والساحات ازدحاماً من الأهالي للحصول عليها، ضاربين بعرض الحائط قرارات الحظر. وبالرغم من إقامة براكيات لتوزيع الخبز في أحياء القامشلي وحاراتها، لتخفيف الضغط على منافذ البيع في الأفران، وتوفيره، إلا أنها تشهد ازدحاماً قد يخلق بيئة نشطة لنقل المرض. بالإضافة لغلاء أسعار المواد الغذائية والطبية التي ينصح بها الأطباء للوقاية أو للعلاج من المرض، في الوقت الذي تعاني فيه مدينة الحسكة من انقطاع الماء لأكثر من خمسة عشر يوماً بعد قطع المياه عنها من محطة علوكة من قبل القوات التركية والفصائل التابعة لها.

(أ.ع. ربة أسرة من مدينة الحسكة) “تحتاج الوقاية للنظافة، والنظافة بحاجة لماء، ونحن نعاني من فقدان الماء منذ أشهر فكل فترة يتم قطع المياه من محطة المياه ونضطر لشراء خزان 1000 لتر بـ 5000 ل.س بالإضافة لأسعار أدوية العلاج والوقاية،  سعر كيلو غرام الليمون 3000 ل.س وعلبة أقراص فيتامين لتعويض نقص الفيتامين (C) بـ 4000 ل.س، ويصعب الحصول عليها وسعر الكمامة التي يجب تغييرها بعد كل استعمال 500 ل.س فكيف سيستطيع المواطن تأمين معيشته ووقاية نفسه”

ظروف معيشية صعبة، وضعف في الإمكانيات الطبية، وعدم توفير بدائل معيشية، وعدم توزيع مساعدات غذائية ومالية، وفايروس جائر يحصد الأرواح، هذا ما يواجهه أهالي شمال شرق سورية.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني