أسماء الأسد ودورها السياسي.. هل يمكنها أن تكون بديل زوجها في الحكم؟
كتبت صحيفة الفايننشال تايمز أن أسماء الأسد زوجة رئيس النظام السوري تتحكم عبر مجلسٍ سريٍ باقتصاد سورية، وأنها بنت شبكة محسوبيات واسعة بالاعتماد على المنظمات الخيرية وغير الحكومية التابعة لها، تحت مسمى “الأمانة السورية للتنمية”.
فما دور أسماء الأسد السياسي؟ وهل حقاً يجري العمل على تهيئتها لتكون بديل زوجها في منصب رئاسة الجمهورية؟.
صار بيّناً أن أسماء الأسد تُشرف شخصياً على أموال المساعدات الإنسانية الدولية المقدمة إلى سورية، وهي بهذا الإشراف تعمل على تحويل هذه المساعدات من أجل تمكين سلطة آل الأسد في إحكام قبضتها على سورية.
وهي “أي أسماء الأسد”، وبعد أن خلا لها الأمر بعد رحيل أخطر امرأتين منافستين لها (وفاة أم الرئيس أنيسة مخلوف، وشقيقة الرئيس بشرى الأسد زوجة القتيل الضابط الكبير آصف شوكت)، خطّطت من أجل السيطرة على الاقتصاد السوري، عبر مؤسستها “الأمانة السورية للتنمية”.
حرب النظام الأسدي على الشعب السوري الثائر من أجل بناء دولته الديمقراطية، جعل أسماء الأسد تفكّر بالسيطرة على منافذ الاقتصاد السوري، ولكنّ هذا الأمر يحتاج إلى إبعاد منافسين اثنين يقفان في طريق مشروعها.
المنافس الأول هو شقيق بشار الأسد الضابط ماهر الأسد قائد ما يسمى الفرقة الرابعة في جيش النظام، الذي أجبرته الحرب التي يشنها نظامهم على السوريين إلى البحث عن مصادر سريعة لتمويل هذه الحرب، مصادر فكان خياره أن يذهب إلى المتاجرة بالمخدرات وتصنيع الكبتاغون وتهريبه، وقبض الإتاوات من ناقلي البضائع أو المخطوفين قسراً، وكذلك من خلال السيطرة على سوق المعادن والخردة، أي أنه اختار التربّح عن طريق الاقتصاد غير المشروع.
المنافس الثاني أمام أسماء الأسد كان ابن خال زوجها، رامي مخلوف، الذي كان يسيطر على أكثر من نصف الاقتصاد السوري الشرعي، من خلال شركات الاتصالات أو شركات النفط، وشركة الشام القابضة.. إلخ.
استطاعت أسماء الأسد تفكيك إمبراطورية رامي مخلوف الاقتصادية، فاستحوذت على هذه الشركات بطرق مختلفة، بحيث صنفتها الحكومة الأمريكية بأنها من بين أسوأ المتربحين من الحرب السورية. ولتثبيت نفوذها في البلاد عن طريق الاقتصاد، عملت أسماء الأسد على أن يشغُل أرفع المناصب المحيطة بالرئيس المقربون منها بصفة مستشارين.
والسؤال الرئيسي: هل لدى أسماء الأسد القدرة على الوصول إلى منصب رئاسة الجمهورية، من خلال قبول المجتمع الدولي بها بدلاً من زوجها الغارق بجرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية؟ وهل هي من يخطط لهذا الأمر؟ أم أن الحقيقة غير ذلك؟
إن من يعرف تاريخ حافظ الأسد وتاريخ أسرته منذ انقلابه على رفاقه عام 1970، سيقول إن هذه الأسرة التي استولت على حكم سورية بقوة السلاح، وعبر التخطيط الدموي لإزاحة معارضيها أو منافسيها، سيصل إلى قناعة، بأن أسماء الأسد تقوم بكل أدوارها في السيطرة الاقتصادية على سورية، من خلال منحها هذا الدور من قبل زوجها تحديداً. فرامي مخلوف الذي كان الذراع الاقتصادية لأسرة الأسد، وتحديداً أسرة الرئيس السابق أو اللاحق، لم يكن يستطيع السيطرة على أي قوة أمنية أو عسكرية، يستطيع من خلالها تثبيت وضعه.
كذلك الوضع مع أسماء زوجة بشار الأسد، فهذه المرأة تضع يدها على منافذ الاقتصاد السوري، وتستحوذ على الشركات والمؤسسات، وتدير حركة الاقتصاد بما يتوافق مع دعم بقاء زوجها في الحكم، أما أن تكون بديله السياسي بقدرتها الشخصية فهذا أمر مستبعد تماماً.
آل الأسد لا يثقون بأحد، وبشار الذي لا يزال يشغل منصب رئيس الجمهورية، يعرف أنه وصل إلى هذا المنصب بقوة السلاح، وبتغيير الدستور بالقوة، فهل بهذه البساطة يمنح سلطاته المطلقة إلى زوجته؟ وهل هو يثق حقاً بألا تنقلب عليه أسماء؟ سيما وأن إغراءات المال والسلطة موجودة في هذه الحالة.
دور أسماء الأسد السياسي غير فاعل البتة، فهي عاجزة عن رسم سياسة البلاد في خضم الصراعات على سورية، وهي غير قادرة على امتلاك الولاءات العسكرية والأمنية، التي تنحصر الهيمنة عليها من شخص الرئيس بمفرده.
كذلك، لا يمكنها أن تنسى أن قدرتها في القبض على اقتصاد سورية أتت من دورها كزوجة لرأس النظام، وبتسهيلات وحماية منه، وبالتالي يمكن ببساطة عزلها عن هذا الدور، لا بل تصفيتها، إذا شكّلت خطراً على هيمنة بشار وآل الأسد على الحكم بمساعدة من الخارج.
أسماء تلعب دور الذراع الوظيفية لا أكثر ولا أقل، وقبول بشار الأسد بهذا الدور رسالة إيهام للعالم الحر، على أنه رئيس يؤمن بدور المرأة في الشأن العام، وأن زوجته ولدت في بريطانيا، وتنحدر من أسرة عاشت في هذه الدولة المتقدمة، وبالتالي فهي وجه سورية الحضاري.
إن آل الأسد الذين رفعوا شعار “الأسد أو نحرق البلد”، لا يمكنهم أن يثقوا بغير ذاتهم، ولهذا، فأسماء التي يتردد اسمها في الشأن السياسي السوري، هي امرأة تؤدي دوراً مرسوماً لها لدعم وضع زوجها المتزعزع، بعد حربه الشنيعة على الشعب السوري وارتكابه جرائم كبرى بحقه، والنظام الأسدي برمته، لا يمكنه أن يثق بتسليم السلطة لأسماء بانتخابات صورية أو استفتاء كاذب، من منطلق عدم الثقة بالآخر خارج دائرة آل الأسد الضيّقة.
باختصار شديد، أسماء الأسد قناع يرتديه بشار الأسد لتمرير سياسات اقتصادية أو اجتماعية يريدها، لإيهام مناصريه أو المجتمع الدولي بأن واجهة بلاده امرأة ولدت وتربّت في بلد الديمقراطية الأولى بريطانيا. وهذا أمرٌ يعرف خفاياه العالم الديمقراطي الحر، ولن يقع في خطأ تقديره دور ووظيفة وحقيقة من تكون أسماء فواز الأخرس زوجة قاتل السوريين.
إنها زوجة رئيس قتل شعبه ودمّر بلاده وهي بقيت تتفرّج على هذه الفظائع والجرائم وكأنها تعيش في كوكب آخر. ولهذا فهي شريكته في جرائمه بطريقة أو أخرى، وأهمها استغلال وجود زوجها كرئيس لتنظيم نهبها للاقتصاد الوطني نصرةً لاستمرار المجازر.