قضايا الساعة التي تخصّ القضية السورية، والمؤثرات الخارجية عليها، كانت محور حوار صحفي أجرته نينار برس مع الإعلامية هناء درويش، التي كانت تنتمي إلى اتحاد تنسيقيات الثورة السورية، وتعمل الآن مع مؤتمر القوى الوطنية.
س1- مؤتمر القوى الوطنية ينهض بمهام ثورية رسمها لنفسه. هل يمكنكم إضاءة هذه المهام؟ وأدوات مؤتمر القوى الوطنية في العمل من أجلها؟ ومصدر الدعم الذي يحصل عليه؟
مؤتمرنا وقف بوجه التفريط
تقول الإعلامية هناء درويش: “إن تفريط من تصدر المشهد الإعلامي والسياسي والتفاوضي في الهياكل الرّسمية لقوى الثورة والمعارضة، بما حققته التضحيات الكبيرة للشعب السوري من إيجابيات، ودخول الائتلاف في سلسلة تنازلات متلاحقة، وطرق التفافيّة على “جنيف 1 “والقرار 2254″، وكذلك في سوتشي وأستانا، وسواها، مما خلق حالة بلبلة ويأس وقنوط في الساحة الوطنية السورية”.
وبرأي الإعلامية درويش: “كانت النقطة الأدهى في سلسلة التنازلات، إقدام الائتلاف على محاولة تأسيس (مفوضية عليا للانتخابات)، في الوقت الذي كان فيه النظام يعلن رسمياً عن نيته إجراء الانتخابات الوشيكة في موعدها المحدد، فكانت الشرارة التي أشعلت الحقل كله كما يُقال”.
وتضيف درويش: هنا تنادى وطنيون سوريون من كل الأطراف والأطياف للوقوف بوجه التفريط إلى المبادرة الوطنية، التي انطلقت في نوفمبر تشرين الثاني عام 2020، والتي تبلورت في مؤتمرنا هذا، (مؤتمر القوى الوطنية السورية)، كان هذا هو السياق العام الذي ولدت في خضمّه مبادرتنا الحالية”.
وترى درويش أن تحرك مؤتمر القوى الوطنية في الساحة سيبقى مرتكزاً على الخطوط الرئيسية التالية:
- استمرار الكفاح بكل الوسائل المشروعة حتى اسقاط الدكتاتورية الأسدية بكل رموزها ومرتكزاتها المعروفة.
- في موقفنا من الائتلاف: تتلخص نظرتنا إليه على أن أداءه الإعلامي والسياسي والتفاوضي كان طوال السنوات الماضية دون المستوى المطلوب بكثير، كما سُجّل فيه غياب الشفافية، واعتماد نظام المحاصصة السلبي، والاستعداد للتخلي عن القرارات الدولية بقبول الذهاب إلى “سوتشي وأستانا” مشكلة الائتلاف بنيوية وغيرها، وتنفيذ أوامر بعض الدول على حساب القضية الأساسية”
وتعتقد الإعلامية هناء درويش أنه “من الضروري استعادة القرار الوطني السوري المستقل، والتمسك بالقرارات الأممية وبشكل خاص القرار 2254 وفق التراتبية الزمنية الواردة فيه”. مؤكدة على أن عدونا الوحيد خصمنا وخصيمنا هو الديكتاتورية الأسدية، مضيفةً: أما بالنسبة للتمويل فإن مؤتمر القوى الوطنية السورية انطلق من مبدأ استقلالية القرار، لذلك فهو غير ممّول من أي جهة خارجية أو دولية، وإنما تمويله من أعضاء المؤتمر ومن شخصياته الثورية والوطنية”.
س2- تشهد مؤسسات المعارضة (الائتلاف) تغييرات في أعضائها. هل هذه التغييرات ستصبّ في تطوير بنية هذه المؤسسات؟ وهل يمكنكم رسم أفقٍ مغايرٍ لتطوير بنيتها وأدائها؟
مشكلة الائتلاف بنيوية
وحول التغييرات في الائتلاف، ترى هناء درويش الإعلامية في مؤتمر القوى الوطنية السورية، “أن المشكلة ليست بشخوص المؤسسة (الائتلاف)، وليست بالأعضاء المفصولين أو المتبقين بصورة شخصية، هناك مشكلة بنيوية في هذا الجسم، هناك عدم وضوح حقيقي في آلية عمله، إضافة لكونه إطاراً يجمع كثير من المتناقضات، ما أدى لحصول صراع بين الكتل المشكلة له، بدل من أن تعمل على تكامل المشهد السياسي”.
وتضيف درويش قائلة: “على العكس، تسبّبت بترهل الائتلاف كجسم وتحجيم فاعليته، كذلك سيطرة كتلة على حساب كتل أخرى، كان أحد أسباب فشل العمل المؤسساتي داخله، لذلك فإن عمليات التغيير ما هي إلا علاج موضعي لمرض مستدام”.
وتؤكد درويش “نحن بحاجة لإعادة هيكلية كاملة، تعتمد على تغيير الاستراتيجيات، والاستقلالية بالقرار، وعدم الارتهان، وكذلك حقيقة التمثيل وفق مصالح الشعب السوري، وفق آلية محددة يتم من خلالها إيصال من هم قادرون على تمثيل السوريين، لتحقيق أهدافهم التي خرجوا من أجلها”.
وتوضح درويش لـ نينار برس: “أما حول إمكانيتنا برسم أفق مغاير لسياسات المعارضة الرسمية، نعم نستطيع رسم أفق مغاير في حال اعتمدنا معايير محددة، تأخذ بحسبانها رغبة الشعب السوري وأهدافه، وكذلك القرارات الدولية، من خلال العمل على تحقيق هذه الأهداف، عبر التعاون مع القوى الاقليمية والدولية، لتحقيق القرارات الدولية، بما يخدم القضية السورية بصورة خاصة، وعدم الارتهان للمصالح الدولية على حساب المصلحة الاساسية للشعب السوري”.
س3- التقارب بين تركيا مع مصر والسعودية له قواعد سياسية تحكمه. هل سينعكس هذا التقارب على كيفية إدارة الصراع مع النظام من قبل قوى الثورة والمعارضة؟ كيف ترسمون سيناريو لذلك؟
التقارب التركي العربي ضرورة
وعن سؤالنا حول التقارب التركي مع مصر والسعودية تقول الإعلامية هناء درويش:
“من المؤكد أن أي تقارب بين الدول الإقليمية الداعمة للشعب السوري سينعكس بصورة أو بأخرى على الثورة السورية، وبالتالي إدارة الصراع مع نظام الأسد، وقد لاحظنا الأثر السلبي للخلافات البينية العربية – العربية، أو الخلافات التركية – العربية على الوضع السوري، لذلك فإن أي تقارب سيصبّ بشكل إيجابي في مصلحة السوريين، فيما لو تم توظيفه من قبل هذه القوى لدعم القضية السورية، ومع ذلك، فهناك خشية من ان يكون هذا التقارب من أجل تطبيق بعض الأفكار، التي تدعو لتعويم النظام السوري، مقابل تخليه عن إيران، وبالتالي سيكون الانعكاس بصورة سلبية على الشارع السوري”.
وتتابع درويش كلامها: “إذن نستطيع القول، بأن التأثير ليس بالتقارب، وإنما بشكل هذا التقارب ومخرجاته وأهدافه، والتي نخشى في مؤتمر القوى أن تكون بعيدة عن مصلحة السوريين، نحن نعلم أن أحد أهم أسباب تراجع الثورة السورية هو تشتت الدعم الإقليمي وغياب العمق العربي مما سمح بالتمدد الإيراني والروسي على حسابه”.
مضيفةً: ” لذلك فإن تحسين العلاقات سيخلق مناخاً إيجابياً، ينعكس على الأداء السياسي للمعارضة السورية، فيما لو تم توجيهه في اتجاه تحقيق تطلعات السوريين وتطبيق القرار 2254 واتفاقات جنيف”.
وتوضح درويش موقفهم أكثر فتقول: “أما عن نظرتنا لكيفية الاستفادة من هذا التقارب، فنحن نرى بأن قوى الثورة يجب أن تستفيد من الدعم المقدم لها، وأن تكون على مسافة واحدة من الجميع، وبالتالي يكون لها حضور واضح في سياسات هذه الدول، ويتم ذلك من خلال التواصل مع هذه الدول من جهة، والابتعاد عن الخوض بالأمور الداخلية والسياسات الخاصة بها، والابتعاد عن المحاور والاستقطاب الذي قد يحصل بينها، من هنا نستطيع أن نضمن دعم جميع هذه القوى من جهة، وانتزاع الاعتراف بنا كقوة سياسية قادرة على إدارة الملف السوري دون تبعية أو ارتباطات إقليمية أو دولية”.