fbpx

هل فعلاً فشلت واشنطن في قيادة العالم؟

0 1٬325

نشأة أمريكا

 

من المعلوم أن الإسبان هم أوّل من وصل إلى أمريكا مع (كريستوفر كولومبوس)، فاستطاعوا الوصول إلى أجزاء كبيرة من الولايات الأمريكية كـ (بورتوريكو، وولاية فلوريدا، وجبال الأبلاش، ونهر المسيسيبي، وجراند كانيون، والسهول الكبرى) واستطاع (هيرناندو دي سوتو) الوصول إلى مناطق واسعة من الأجزاء الجنوبيّة الشرقيّة للبلاد، فيما بعد تعرف العالم على وجود قطعة جغرافية جديدة على كوكب الارض، وكان للفرنسيين والهولنديين دورٌ كبير في انتشار ثقافة هذا البلد من خلال بناء الكنائس فيها، وكانت مُحتلّة من قبل بريطانيا، ونتيجة لوجود الخلافات الدائمة بينهما، أدّى إلى قيام شعبها بحرب استقلال ضد الجيش البريطاني في أواخر القرن الثامن عشر، واستمرّت الحرب بينهما من عام 1775م-1781م، وعقد المؤتمر القاريّ الثاني في الرابع عشر من يونيو 1775م في ولاية فيلادلفيا، و عُيّن جورج بوش قائداً عاماً للجيش القاري الذي أسّسته أمريكا.. وتدخل جيشها في بلدان أخرى لفترة طويلة. ففي عام 1898، استولى (عسكرياً) على الفلبين وكوبا وبورتوريكو التي كانت تحت الحكم الإسباني، وتورط في 1917-1918 في الحرب العالمية الأولى بأوروبا، وفي النصف الأول من القرن العشرين، أُرسلت قوات المشاة البحرية مراراً إلى “محميات” مثل (نيكاراغوا وهندوراس وبنما وهايتي وجمهورية الدومينيكان)، كل هذه التدخلات خدمت بشكل مباشر مصالح الشركات، ومن هنا تبدأ قصتنا مع هذه الإمبراطورية..

 

 

بداية هيمنة واشنطن (عسكرياً) على العالم 

 

تمكن الأمريكان في بداية تصاعدهم العسكري من الهيمنة على العالم من خلال أذرعها (العسكرية – الاقتصادية – الأمنية – الفكرية – الإعلامية)..

عسكرياً: فرضت قواعد اللعبة على الدول التي خسرت في الحرب العالمية الثانية التي بدأت في عام (1939) وامتدت حتى (1945)، وألقت الطائرة الأمريكية “بي 29” قنبلة نووية في (9 أغسطس 1945) على مدينة ناجازاكي اليابانية فكانت ضربة قاضية لهذه الإمبراطورية، واستسلمت على الفور رافعة يديها طالبة السلام والرضوخ، وأنهت من خلالها الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء، فكانت الخطوة الأولى لنشر الرعب في أصقاع الارض، ورسالة حاسمة للجميع مفادها إياكم أن تقفوا في وجهنا من الآن فصاعداً..!؟ 

 

الأذرع العسكرية لواشنطن في العالم: 

 

تمتلك واشنطن 38 قاعدة عسكرية حول العالم، وفرضت من خلالها هيمنتها عسكرياً على القارات السبع، و أكبر القواعد العسكرية الأمريكية في العالم من حيث عدد الأفراد في مدينة (رامشتين إيه بي) الألمانية، و تضم 9200 شخص، وأنشئت جميع قواعدها بعد الحرب العالمية الثانية ومنها في (تركيا، استراليا، الصين، ألمانيا، اليونان، فرنسا، الهند، إيطاليا، اليابان، باكستان، روسيا) 

 

– التدخلات الخارجية – (عسكرياً) :

 

بعد أحداث 11 سبتمبر (2001) بدأت واشنطن بتغيير قواعد اللعبة.. فكانت بداية لإعلان الحرب على الإرهاب في أعقاب الهجمات مباشرةً، وكانت إدارة بوش قد وضعت نصب عينيها أسامة بن لادن كهدف مباشر، وإحضار جميع قيادات القاعدة إلى العدالة ومنع ظهور شبكات إرهابية أخرى، وكان الهدف الآخر صدام حسين الذي انتهت مهمته في المنطقة على ما يبدو، وأصبح الهدف الثاني بعد القضاء على القاعدة.

التدخل العسكري في العراق:

قامت إدارة (بوش) بتوريط صدام حسين في الكويت، وأمر (بوش) مساعديه بوضع خطط لضرب النظام العراقي، وغزو هذا البلد عام 2003. فكانت بمثابة ثاني أكبر عملية عسكرية بعد الحرب العالمية الثانية خارج الولايات المتحدة، وأكبر العمليات المرتبطة مباشرةً بالإرهاب، للإطاحة بحكم طالبان في أفغانستان.. 

 

التدخل الأمريكي في سوريا

 

أعلنت الولايات المتحدة الحرب على داعش من خلال تحالف دولي شكلته لمحاربة هذا التنظيم بعد أن وضعته ضمن خانة التنظيمات الإرهابية، وشنت أولى ضرباتها الجوية في سوريا في 23 أيلول/سبتمبر 2014 انطلاقاً من مدينة كوباني الكوردية بمساعدة حلفائها، لتكون أول خطوة لواشنطن على الأرض في النزاع الذي انفجر في 2011، ثم نشرت واشنطن 2000 جندي في سوريا، بأمر من الرئيس السابق باراك أوباما مع مطالبته الدائمة بفرض عقوبات اقتصادية على العديد من المسؤولين التابعين للنظام السوري دون إيجاد حل جذري وشامل في سوريا، ومع وصول دونالد ترمب الى سدة الحكم في (2017) تحوّل إلى حصان طروادة “للمتدينين الإنجيليين” محاولاً سحب قوات بلاده من سوريا، ولقي ذلك ردود أفعال غاضبة من أعضاء الكونغرس والبيت الأبيض فتراجع نسبياً، وتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية لطرد تنظيم داعش من شمال شرق سوريا، بما في ذلك الرقة وغالبية محافظة دير الزور. وتمكن هذا (التحالف) في آذار/مارس 2019 من إعلان الانتصار على داعش في آخر معاقله في الباغوز السورية، بينما ترك سوريا بؤرة للصراعات المتداخلة عبر إنشاء مراكز توازن القوة على الأرض لإدارة الأزمة، وتجنب البحث عن حلول سياسية لوقف النزيف وقصف المدنيين وإعادة الملايين إلى قراهم وبلداتهم، ومن هنا بدأ استياء شعوب العالم من سياسة واشنطن الخارجية الفاشلة، وتحديداً في سوريا، فاستغلها رجل الاستخبارات الذي يتمتع بذكاء واستغلال الفرص (بوتين) الروسي، حيث تدخل عسكرياً في سوريا، وبدأ سلاحه الجوي بقصف مواقع المعارضة السورية المسلحة بتاريخ 30 سبتمبر 2015 فكانت بداية لتعاظم الدور الروسي في الشرق الأوسط على حساب تراجع الدور الأمريكي، حيث وقفت روسيا بمقاتلاتها ووحداتها من القوات الخاصة، وجنود مرتزقة إلى جانب النظام، ليستعيد السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي السورية.

 

استمر الفشل الأمريكي الخارجي في العراق وأفغانستان، والعديد من دول العالم من خلال إثارة الأزمات فيها لفرض أجنداتها، وعدم مراعاة مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، بالإضافة إلى التهرب من فرض الأمن والاستقرار في الدول التي تدخلت في شؤونها الداخلية (عسكرياً واقتصادياً)، وتأكيداً على ذلك نشر (دانيال ديفيس) وهو ضابط أمريكي متقاعد متخصص في قضايا الأمن القومي الأمريكي في مقال نشرته مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، يوم الجمعة 12 يناير/كانون الثاني، “إن الولايات المتحدة الأمريكية تواجه فشلاً استراتيجياً في الشرق الأوسط، وتسير بعض الأمور في الاتجاه الخاطئ بطريقة غير محسوسة، مؤكداً أن قرارات واشنطن العسكرية في أفغانستان والعراق وسوريا تهدد بالوصول إلى مرحلة الفشل الاستراتيجي في المستقبل.. 

 

 

فشل أمريكي (ذريع) في حماية العالم من وباء كورونا.

 

مع بدء انتشار هذا الوباء على وجه الأرض بقيت واشنطن متفرجةً حتى وصلتها لعنة كورونا لتتحول بين ليلة وضحاها إلى أكبر دولة متضررة من انتشار هذا الوباء، حيث أعلن ترمب على الفور تخصيص 2 تريليون دولار، لمواجهة العواقب الاقتصادية للفايروس، وارتفع عدد الأمريكيين، الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانة بطالة، بعد انتشار هذا الوباء إلى مستوى قياسي بلغ 3.3 مليون شخص، ونتيجة لسياستها الفاشلة في أصقاع الارض، وعدم التعامل بجدية وبشكل حاسم لحل الأزمات التي تواجه دول العالم الثالث، سرعان ما وجدت نفسها ضحية لانتشار كورونا، وتصدرت جميع دول العالم من حيث عدد الإصابات المؤكدة بفايروس كورونا، وحتى مساء الجمعة 27 مارس بالتوقيت المحلي ارتفع عدد الإصابات إلى أكثر من 100 ألف إصابة، وبحسب (CNN) فإن عدد الوفيات تجاوز 402، وقرابة 20 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا في عموم البلاد.

 

من هنا.. من حق أي مواطن على هذا الكوكب أن يتساءل.. هل بدأت أمريكا تدفع فاتورة فشلها في قيادة العالم؟؟ 

 

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني