fbpx

نهاية حلم إيران النووي: جدية الغرب في مواجهة طهران!

0 37

الجدية والحسم، مطلبان غربيان صارا يفرضان نفسيهما على أي حوار أو تفاوض مع النظام الإيراني بشأن برنامجه النووي، ذلك أن هذا الموضوع قد استغرق وقتاً أطول بكثير من ذلك الذي يستحقه ويتطلبه.

منذ أن بدأ الغرب بالتفاوض مع النظام الإيراني من أجل معالجة سلمية تضع حدّاً لظلال الشك المخيمة على برنامجه النووي، فإن الضبابية والغموض كانا معلمين واضحين في أسلوب وفد النظام الإيراني في إجراء التفاوض، وكان النهج السائد والطاغي على طريقة النظام في التفاوض هو جعل الأمر يستغرق أطول فترة زمنية ممكنة، وكأنه كان يريد إجهاد الطرف الآخر وجعله يتقبل طروحات النظام الذي كان يحاول التمويه على الغرب والعالم نواياه الحقيقية.

لئن كانت الولايات المتحدة، وخلال الولاية الأولى لترامب، المبادِرة إلى الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015، والذي كان أساساً غير مناسب للبرنامج النووي ويميل على الأرجح لصالح النظام الإيراني، وشرعت الولايات المتحدة بممارسة قدر أكبر من الضغط على النظام الإيراني بحيث وصل إلى سياسة “الضغط الأقصى” المطبقة حالياً، فإن البلدان الأوروبية، التي تميزت بنوع من سياستها المتساهلة والمسايرة للنظام الإيراني، بدأت هي الأخرى تصحو من وهم استرضاء ومسايرة هذا النظام وتدرك حقيقة فشل هذا الأسلوب من التعامل مع طهران.

النظام الإيراني وإن حاول السعي للعب على الحبال والاستفادة من خلافات وثغرات بين بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في سبيل تقوية موقفه وتحقيق أهدافه، لكنه في الوقت نفسه يعلم جيداً بأن هناك ما يمكن وصفه بالتطابق بين الموقفين الأميركي والأوروبي تجاه البرنامج النووي الإيراني، والرغبة المؤكدة بحسمه، وعدم السماح لطهران بالمزيد من اللعب والمراوغة وهدر الزمن.

الرغبة في أن تكون هناك جدية واضحة للنظام الإيراني في المفاوضات النووية، هو الأمر الذي شدد عليه كريستوف لوموان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، في تصريح له في مؤتمر صحفي عقده في 24 أبريل 2025، قال فيه إن الترويكا الأوروبية تفضل الحوار، لكنها تريد أن ترى مدى جدية إيران. وأضاف أن “الحل الوحيد هو الحل الدبلوماسي، وعلى إيران الانخراط بحزم في هذا المسار، وهو اقتراح طرحته الترويكا الأوروبية مراراً، لذا سنواصل الحوار مع الإيرانيين”.

لكن هذا التصريح المهم يتزامن مع تمسك الدول الأوروبية بآلية “العودة السريعة للعقوبات” التي أدرجت ضمن الاتفاق النووي لعام 2015. ولاسيما أنه، ووفقاً لمصادر دبلوماسية، يتطلع مسؤولو الترويكا الأوروبية الآن إلى تفعيل هذه الآلية بحلول أغسطس بدلاً من الموعد المحدد سابقاً في يونيو، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جوهري بحلول ذلك الوقت. علماً أن هذه الفرصة تنتهي في 18 أكتوبر مع انتهاء سريان اتفاق عام 2015، مع ملاحظة أن هناك تحسناً في التنسيق بين الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي بخصوص التفاوض مع طهران، ولاسيما بعد أن بادر كبير المفاوضين الأميركيين المعنيين بالنواحي الفنية، مايكل أنطون، إلى تقديم إحاطة إلى دبلوماسيين من الترويكا الأوروبية في باريس يوم 17 أبريل.

إذن، من الواضح أن النظام الإيراني لم يعد يمتلك المساحة اللازمة للقيام باللعب والمراوغة في سبيل المحافظة على حلمه بامتلاك السلاح النووي، ذلك أن المطلب الأساسي للغرب، أي للولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي، هو إنهاء الحلم النووي الإيراني.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني