fbpx

نحن لسنا عرباً

2 513

(نحن لسنا عرباً) شعارٌ من ثلاث كلمات صغيرة اختصر المحتجون في الولايات المتحدة الأميركية عن قصد أو غير قصد حجم الانحدار الذي وصلنا له كأمة كانت تشع النور والعدل والسلام لكل أرجاء المعمورة.

فقد أصبح الدم العربي السوري رخيص إلى درجة أنه أصبح مضرب للمثل في الساحة الدولية، فمقتل الرجل الأميركي ذو البشرة السمراء وعن طريق الخطأ على يد الشرطي ذو البشرة البيضاء الذي كان يطارده أقام الدنيا ولم يقعدها في الولايات المتحدة الأميركية في وقت يتفنن فيه نظام الإجرام وأجهزته القمعية ليس بقتل من يطاردونهم فقط بل من هم في قبضتهم ومحتجزون في أقبيته وزنازين إجرامهم أيضاً.

ويخرج علينا إعلام النظام ليدين (الممارسات اللاإنسانية لإدارة ترامب) بحق المتظاهرين.

لم يكتف نظام الإجرام في دمشق بقتل مليون سوري وتشريد أكثر من نصف عدد السكان بل باع ما تبقى من مقدرات البلد لروسيا وإيران، اللتان تتنافسان على الغنائم في البازار السوري الذي أصبح نهباً لكل من هب ودب.

قاعدة حميميم في اللاذقية والمرفأ في طرطوس لم يُرضيا غرور بوتين وطموحه، فأصدر مرسوم بتعيين سفيره في دمشق (ألكسندر يفيموف) مندوباً سامياً وحاكماً فعلياً للشأن السوري يدير الدُمية بشار الأسد كيفما يشاء ووقتما يشاء، وكانت بواكير إنجازات الرجل هو تعزيز التواجد العسكري الروسي في سوريا والحصول على ترخيص رسمي بذلك، وبشكل خاص في المنطقة الشرقية من البلاد أي على تماس مباشر مع الثروات الطبيعية والمحاصيل الزراعية، وإن كان النفط جُله لايزال في العهدة الأميركية، فكان مطار القامشلي على موعد مع استقبال الجنود الروس المدججين بالعتاد المدرع والسيار بعد استئجار المطار من أنفسهم لمدة ٤٩ عاماً.

الساحة السورية تغص بالتدخل الإقليمي والدولي ويحدثك النظام عن السيادة.

يرتكب المجازر المروعة بحق الشعب ويُحاضر في الحرية وحقوق الانسان.

المتابع للحالة السورية يدرك أن الروس والإيرانيون استنزفوا كل ما يمكن استنزافه من المقدرات والخيرات السورية، وأنه لم يعد لدى بشار الأسد ما يقدمه لهم وبالتالي فإن صلاحيته على الأقل بالنسبة للروس انتهت، بل أصبح بقاؤه اليوم يشكل حجر عثرة وعائق يمنع الروس من الحصول على أموال إعادة الاعمار ويمنع عنهم التعاون الأميركي والأوربي في الملف السوري.

وعلى الصعيد الداخلي فإن بقاء بشار الأسد في الحكم سيبقِ البلاد في حالة من عدم الاستقرار ومن غياب للأمن والمثال واضح للعيان فيما يجري من أحداث في درعا.

وقد أدرك الروس هذه الحقيقة، وبالتالي فإن ثمن الاحتفاظ بالدمية (بشار) أصبح مكلف أكثر بكثير من ثمن التخلص منه، عكس الإيرانيين الذين يعتبرون أن نهاية بشار الأسد هي نهاية تواجدهم في المسرح السوري، إذ أن الإيرانيون منذ البداية ربطوا مصير بقائهم في سوريا بمصير عميلهم المخلص بشار، كما أن خسارة المسرح السوري بالنسبة لإيران تعني كسر الهلال الممتد من الضاحية الجنوبية في بيروت إلى قم في إيران مروراً بالعراق.

لذلك فإن إيران ستتمسك ببشار الأسد حتى النهاية.

وبذات الوقت فإن الولايات المتحدة الأميركية حصنت مناطق نفوذها بالقرب من منابع النفط ودعمت مليشيا قسد هناك.

تركيا التي قرأت هذا المشهد السوري الشديد التعقيد والذي أصبح يهدد أمنها القومي لما يحتويه من أوبئة قابلة للانتشار في كل الاتجاهات، وبشكل خاص ازدياد نفوذ القوى الانفصالية التي وجدت في شعار محاربة إرهاب داعش فرصة لكسب الود الاميركي والدعم الأميركي وراحت تعمل على تحقيق حلهما في إنشاء كيان روج آفا، هذا التحدي دفع بتركيا لبناء منطقة عازلة اقتربت من أخذ شكلها النهائي بعد عمليات (غصن الزيتون، و درع الفرات ، و نبع السلام).

كل هذه التداعيات الخطيرة على المستقبل السوري تسبب بها بشار الأسد ونظامه الذي استدعى كل شُذَّاذ الآفاق من مليشيات طائفية ثم إيران ثم روسيا لقمع الشعب و حماية  كرسي حكمه على حساب ضياع البلد والسيادة وهذا ما كان ترجمةً للشعارات التي أطلقها شبيحته منذ البداية مثل (الأسد أو نحرق البلد – الأسد أو لا أحد ……الخ )، وهناك من يعتقد أن مناطق النفوذ هذه و حالة التقسيم الغير مثبت في الدوائر الدولية مستمرة طالما أن الأفق السياسي مغلق، وطالما أن طريق الحل السياسي لايزال مغلق وكل حديث عن اجتياح إدلب وعن معارك إدلب لايعدو أن يكون حرب نفسية لن ترَ النور مع وجود قوة الردع التركية والتي لاتزال تتعزز يومياً هناك.

فبالرغم من قانون قيصر والعقوبات الاقتصادية التي ستترتب عليه فإن النظام الذي قتل الشعب بكل وسائل وأدوات الإجرام لن يأبه لزيادة معاناة الناس ولن يأبه لعقوبات اقتصادية، ويخطئ من يظن أن الأنظمة الدكتاتورية تسقط بالعقوبات الاقتصادية ومثال عراق صدام حسين لايزال ماثلاً أمامنا.

وحتى تجريم بشار الأسد ونظامه بجرائم استخدام الكيماوي ضد الشعب وجرائم قصف المشافي والأسواق الشعبية والمدارس لن تسقط النظام وستزيده تمسكاً بالسلطة التي يعتبرها وسيلة حماية له.

السبيل الوحيد لإسقاط الأنظمة الدكتاتورية هو القوة، وفي حالة بشار الأسد فإن نهايته مرتبطة بالدرجة الأولى بتخلي الروس عنه بعد أن تأكدوا بأن بقاء بشار الأسد سيضر بمصالحهم وبشكل خاص مع قانون قيصر الذي سيطال المصالح الروسية في حال دعمت الأسد وبالتالي لن يكون مستغرباً أن نسمع نبأ اغتياله من قبل طرف مجهول قريباً، أو قد نسمع نبأ هروبه خارج سوريا تحت ضغط روسي حتى الآن لم تتضح معالمه.

أما تمثيليات محاربة الفساد من قبل بشار الأسد وملاحقة رجال الأعمال وضمناً ابن خاله رامي مخلوف وفرض الإتاوات عليهم ومصادرة أملاكهم فهي في الحقيقة ناجمة عن شعور بشار الأسد وزوجته أسماء بقرب النهاية التي يجب أن يُعِدُّوا لها ما استطاعوا من أموال هي بالأساس منهوبة من خزينة الدولة ومن خيرات البلد، وضمناً ما قامت به أجهزة النظام الأمنية من حرق وإتلاف الوثائق، وآخرها حرق قسم الوثائق في فرع فلسطين، إذاً كلنا يعلم أن ما هو سري لا يتلف إلا في حال تهديد المقر بالسقوط بأيدي العدو، والنظام هنا عدوه الأول هو الشعب الثائر عليه ثم المجتمع الدولي الذي أخذ يلاحقه على ما ارتكب مِن جرائم لذلك عمد إلى التخلص من كل ما يستطيع من أدلة تدينه.

فالكل يتنبأ بنهاية قريبة لحقبة آل الإجرام الأسدي الذين نكلوا بالشعب وجعلوه مضرب مثل على الساحة الدولية إذ أصبح شلال الدم السوري الذي يراق يومياً أمراً اعتيادياً لدى المجتمع الدولي الذي يقف عاجزاً حتى الآن عن وضع حد للمجرمين والقتلة.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

2 التعليقات
  1. Ramez says

    بوركت جهودكم

  2. شكري شيخاني says

    صدقت استاذ مصطفى.. بسبب قيادة فاشلة فاسدة أصبح الدم السوري يضرب به المثل…. بوركت كلمات من ذهب

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني