fbpx

معالم دمشق الأثرية قربان النظام لإرضاء إيران

0 343

دمشق أقدم عاصمة مأهولة في العالم، ومهد الحضارات ففي كل شبر حكاية وتحت كل حجر حضارة، فمنها انطلقت النهضة العمرانية الأموية التي بدأت من دمشق ومرت إلى القدس ثم عرجت إلى الأندلس فرسمت وأنشأت معجزات مازالت تذهل علماء الآثار إلى يومنا هذا، فعندما تمشي في شوارعها تسافر في عبق التاريخ فمن قلعتها الرومانية وصولاً إلى مسجدها الأموي العتيق وحتى تكيتها العثمانية التي كانت حتى وقت قريب ملجأ لكل جائع وخانها (خان أسعد باشا) الذي كان مأوى لكل من تقطعت به السبل مسافراً أم مشرداً، فلطالما تباهت دمشق بعمقها الحضاري العتيق الذي يمتد لآلاف السنين. 

وفي عهد آل الأسد، كانت المدينة القديمة التي تعد قبلة للسياح من جميع أنحاء العالم مهملة لا تعيرها الحكومة أي اهتمام فبدءاً من رداءة الفنادق إلى ازدحامها بالمحال التجارية التي أدت إلى تضيق مساحاتها، بالإضافة إلى تركها دون أية حماية من العوامل الجوية التي بدأت تأكل من حجارتها، ولكن أكثر ما يشوه تلك المناطق هو نهر بردى الذي يمر من تحت قلعتها وصولاً إلى حي القيميرية، فناهيك بتراكم الأوساخ والقاذورات داخله، رائحته التي تنتشر في الجو تنسيك لوهلة أنك موجود في منطقة أثرية بل تشعر أنك في مكب نفايات مهمل. 

وقد قام النظام السوري منذ سنتين بإزالة الحجارة القديمة كافة التي كانت ترصف الطرقات القديمة التي تعود إلى الحقبة العثمانية واستبدالها بأحجار رديئة وذلك للاستفادة من غلاء أسعار الأحجار القديمة بحجة ترميمها.

ومع بدء الثورة ودخول إيران إلى سوريا دفاعاً عن النظام، خرجت المدينة القديمة والمناطق المحيطة بها عن سيطرة النظام وانتشرت فيها المليشيات الإيرانية وعناصر حزب الله بسبب وجود رأس سيدنا الحسين في إحدى قاعات المسجد الأموي ووجود مقام السيدة رقية بجواره وقد قاموا بإنشاء ما يشبه ثكنات بدءاً بالماسحات الضوئية وصولاً إلى التفتيش الذاتي إذا أردت الدخول إلى هناك، بالإضافة إلى رايات وأعلام الميلشيات التي تكسو تلك المناطق وشعاراتها الطائفية التي تملأ الجدران، وأثناء المناسبات الدينية يمنع دخول أي شخص من الجنسية السورية، بالإضافة إلى إجبار ايران للنظام بعدم قطع الكهرباء عن تلك المناطق بسبب الوجود الدائم لما يسمى بالحجاج، وقد حاولت إيران مراراً وتكراراً شراء المحلات القديمة المحيطة بمزاراتهم كمحلات العصرونية، البزورية، والحميدية ولكن رفض التجار الدمشقيين لذلك دفعهم إلى افتعال حرائق مستمرة في تلك المنطقة، التي كان آخرها منذ أسبوعبن في محلات خان أسعد باشا لإجبار التجار على البيع لكن باءت خطتها بالفشل.

وبعدها اتجهت لوضع يدها على محطة الحجاز التاريخية وساحتها الملاصقة للمدينة القديمة مستغلة الوضع الاقتصادي السيء للنظام وحاجته الماسة لدعمها، ما اضطر النظام لعرضها تحت مسمى استثمارها في ملتقى الاستثمار السياحي الذي أقيم بطرطوس حيث تقدر تكلفة المشروع بنحو 25 مليار ليرة، وقد قامت الأسبوع الفائت بهدم مقهى الحجاز التاريخي الذي أنشأ في خمسينيات القرن الماضي تحت ذريعة إنشاء مجمع نيرفانا الذي تحصلت عليه شركة خاصة تسمى شركة الحجاز للاستثمار السورية الخاصة، والمجمع المراد بنائه هو فندق 5 نجوم ومطاعم وناد رياضي ومراكز ترفيهية، وعند البحث عن اسم الشركة أو القائمين عليها تجد أن ملكيتها تعود لأشخاص غير معروفين في الأوساط الاقتصادية السورية، وهو ما يؤكد ما أخبرنا به تجار تلك المنطقة أن المالك الحقيقي للمجمع هم الإيرانيون ولكن للتمويه وضعوا شخصيات سورية في الواجهة، وقرب المشروع من مزاراتهم يؤكد تلك الفرضية، والآن تدور بعض الأقاويل عن شراء الإيرانيين لمشروع مجمع يلبغا التجاري الشهير الذي بدأ العمل على بنائه منذ سبعينيات القرن الماضي ولم ينته حتى الآن، والذي يطل على ساحة المرجة.

إذاً، هذا ما جنته دمشق والدمشقيون من إطلاق يد الإيرانيين، ففي البداية خسروا أرواحهم وأبناءهم والآن تطمس وتمحى معالم مدينتهم التاريخية أمام أعينهم، والنظام مازال يقدم قرابين بقائه تارة للروس وتارة للإيرانيين دون أي تفكير بمصير سوريا والسوريين.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني