fbpx

مخيم اليرموك بين مطرقة التنظيم والإزالة، وسندان إعادة الإعمار.. عودة خجولة وتعفيش مستمر

0 188

بعد عدة أيام يكمل أهالي مخيم اليرموك عامهم الثامن في النزوح فمنذ كانون الأول 2012 غادر أكثر من 500 ألف نسمة بيوتهم ومحلاتهم وممتلكاتهم تاركين كل ما يملكون خلفهم هاربين من بطش النظام، ففي ظهر يوم 12/16 قامت طائرات النظام وبدون سابق إنذار بقصف مسجد عبد القادر الحسيني الواقع وسط مخيم اليرموك المليء بالنازحين، الذين نزحوا نتيجة الأعمال العسكرية في المناطق المحيطة بالمخيم مخلفاً أكثر من خمسين شهيداً من أهالي المخيم والنازحين إليه ما أثار ذعر الأهالي ودفعهم إلى الهروب، تلك كانت أكبر موجة نزوح شهدتها دمشق، والذين رفضوا المغادرة، اضطروا للفرار صباح اليوم التالي بسبب القصف الشديد والعنيف الذي شهده المخيم تلك الليلة. 

في شهر حزيران الفائت قررت محافظة دمشق إدخال مخيم اليرموك بمخطط تنظيمي جديد يهدف إلى إزالة المخيم بأكمله وبناء أبراج عوضاً عنه وبالتالي شطب أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في الخارج أو كما اعتبره الأهالي هو رسالة توجهها الحكومة السورية إلى اللاجئين بأنه لا يرموك يعني لا حق عودة تمهيداً للتوطين وإلغاء الحق الفلسطيني، وهنا قام مئات من الفلسطينيين بتقديم اعتراضات لمحافظة دمشق، وبلغ عدد الاعتراضات حوالي 3000 اعتراض لإلغاء مشروع التنظيم والإزالة وتحت ضغوط من الفصائل ومن الأمم المتحدة اضطرت الحكومة للتراجع عن قرار الإزالة أو كما أعلنت التوقف الحالي وأوضحت أن المشروع هندسي بحت ولا علاقة له بأي قرار سياسي ويرجح متابعين أن السبب ليس الضغوطات بل عدك وجود ممول لهذا المشروع الضخم، ومثل هذا المشروع يحتاج لملايين الدولارات ولكل تلك الظروف أعلنت محافظة دمشق السماح للأهالي بالعودة واشترطت لذلك براءة ملكية وموافقات الأمنية من فرع فلسطين وفرع المنطقة وإثبات صلاحية البناء للسكن وهذا ما عجز عنه معظم أهالي المخيم نظراً للدمار الكبير الحاصل في الأبنية وعدم صلاحية معظمها للسكن خاصة أن الشبيحة كانوا يقومون بحرق المنازل بعد تعفيش كل ما بداخلها بل إن عمليات “التعفيش” استمرت حتى وقت قريب نظراً لتميز مخيم اليرموك بكونه سوقاً تجارياً كبيراً يوجد فيه مئات المحلات، والغريب أنهم قاموا بخلع وسرقة سيراميك وبلاط المنازل، وحفروا الطرقات لاستخراج أسلاك الهاتف والكهرباء، بالإضافة إلى ذلك قاموا بسحب أساسات الأبنية نصف المهدمة ما أدى إلى انهيارها.

وفي بداية شهر نوفمبر قام محافظ دمشق محمد العلبي بالدخول إلى المخيم لتفقد حالته معلناً عن السماح بإعادة الأهالي إليه بعد دخول لجنة من المهندسين لتفقد البنية التحتية ودراسة صلاحية الأبنية للسكن.

يذكر أن نسبة الدمار في مخيم اليرموك تبلغ 70% ونسبة الأبنية المدمرة بشكل كامل تبلغ 30% وبدأ النظام بالترويج لبدء عودة الأهالي وبسعادتهم بالسماح لهم بالعودة لمنازلهم، 

وشهد المخيم عودة عدة عائلات فقط بسبب احتراق بلدية اليرموك والتشديد الكبير في طلب الأوراق الأصلية لإثبات الملكية وصعوبة تأمين ذلك لأن معظم الأوراق الأصلية بقيت في البيوت المهدمة، وبالتالي يستحيل الحصول على أوراق جديدة، وفي الحقيقة فإن المخيم لا يصلح للسكن نهائياً ولا يمتلك أدنى مقومات الحياة من مياه وكهرباء بالإضافة إلى انقطاع الاتصالات، والأمر الأكثر ألماً أنه مازال هناك جثث لعائلات دفنت تحت أنقاض منازلها بفعل قصف النظام ولم تقم أي جهة بمحاولة استخراجها، فقد قام النظام بتنظيف الشوارع الرئيسية فقط وإزالة الركام منها وذلك بسبب رغبة روسيا بالوصول إلى مقبرة اليرموك لاستخراج رفات الجنود الإسرائيليين المدفونين هناك، وقد قامت نينار برس بالحديث مع عدد من سكان المخيم النازحين إلى دمشق فأخبرنا أبو فراس وهو تاجر كان يملك العديد من المحلات والمنازل داخل المخيم أنه لا يفكر بالعودة إطلاقاً فكل أملاكه تحولت إلى ركام وأنه لم يبق من أملاكه سوى منزل قائم في وسط كم هائل من الركام، أما أم حسن وهي سيدة ستينية نازحة إلى ريف دمشق أخبرتنا أنها تجهز الأوراق اللازمة للرجوع وإن رغبتها بالعودة نابعة من عدم قدرتها على تحمل تكاليف دفع إيجار منزلها الحالي الذي تجاوز مئة ألف ليرة سورية، وأخبرتنا بصوت حزين أن حلمها الآن هو الحصول على منزل يؤويها وأحفادها لأنها من الممكن أن تجد نفسها قريباً في الشارع بسبب عجزها عن دفع الإيجار، وللأسف أجمع معظم أهالي المخيم عن عدم قدرتهم على العودة حالياً لأن منازلهم لا تصلح للسكن، وعدم قدرتهم المادية على الترميم أو إعادة البناء وعجز الأمم المتحدة عن تقديم أية معونة لإعادة الإعمار وإهمال الفصائل ومنظمة التحرير وتهميشهم التام لقضية مخيم اليرموك.

ويخشى الأهالي إن بقيت الحال على ما هي عليه فستعود محافظة دمشق لمشروع الإزالة والتنظيم خاصة وأنها أعلنت إيقافه وليس إلغاءه بحجة أن نسبة الدمار كبيرة وامتناع الأهالي عن العودة وهذا يعني ضياع حق الفلسطينيين في اليرموك عاصمة شتاتهم ولربما فقدان حق العودة للمخيم ولفلسطين. 

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني