fbpx

ماضٍ مستمر

0 276

يحتسيان قهوتهما في ركن يطلّ على الشارع غير مستمتعين بنبضه الذي يتناهى إلى مسمعيهما. سأل “كمال” صاحبه: ماذا لديك من أخبار؟

– تأوّه.. ونفث ما عب من دخان سيجارته: لا جديد.. كلها تكرار..

– وما نتائج الاجتماع الهام منذ أسبوعين؟

– لا تشغل بالك.. لا جديد..

– كيف؟ ماذا جرى؟

– التقت مجموعات من أصحاب الحسب والنسب، والفكر، والتاريخ الوطني، والعمل الاجتماعي، وتبادلت الرأي بما يجري على ساحة البلاد. اختلفت الآراء وتباينت الرؤى في بعضها، وتقاربت في بعضها الآخر. قرر رؤساء الوفود أن يستمر الحوار فيما تقاربت رؤاهم، وترك وجهات الاختلاف للزمن فهو كفيل بها حسب تطورات الأحداث..

– وهل تابعوا؟ 

– نعم، تكررت اللقاءات، وضاقت فجوة الاختلافات، وانحسرت النقاط إلى عدد ضيئل جداً، وعملاً بمبدأ العمل الجماعي، والديموقراطية الموسعة اتفق الرؤساء أن يرجعوا إلى مكوناتهم ويشاوروهم؛ ليأخذوا الإذن بالموافقة على ما توصّلوا إليه من نتائج في حواراتهم لأفضلِ صيغِ وحدةِ الهدف، والعمل المشترك لإنجاز ما اتفقوا عليه في مباحثاتهم..

– وانتهى الأمر هنا؟

– لا، لقد جمع رئيس الوفد السيد “ملهم” مكونه وسرد بإسهاب ما حصل من تباين الآراء، وكيف اِسْتُبْعِدَت وجهات النظر المختلفة، والتركيز على المتقارب منها، وكيف حُدِّدت الأهداف والغايات، والاتفاق على آخر صياغة لها.

– وكيف كان رأيهم؟ 

– قرأ السيد “ملهم” الاتفاق وهم ينصتون باهتمام، ولمّا فرغ نظر في الوجوه فرأى الاستحسان يبدو على قسماتها. تكلّم بعضهم بالثناء، وعلّق بعضهم على كلمة راجياً تبديلها لتكون أكثر وضوحاً.

– وبعدها؟

– وقف “أبو قاسم” المعروف بحدة مواقفه، وذلاقة لسانه – لعب الفأر في عبّ “ملهم”، وانتظر الجميع خطبته المعهودة – وصرّح بالفم الملآن: شكراً لجهودكم المضيئة في لمّ شعث الفرقاء، ووحدة الكلمة والمصير، وإنها لبشرى سارة بالذي حققتموه، وأقولها بأعلى الصوت: لكم الحريّة ومطلق الصلاحية التوقيع بالموافقة دون أي اعتراض على ما اتفقتم عليه ووثقتموه كتابة. وعندها تبسّم الحاضرون..

– علامَ؟

– وتغامزوا، إذ لم ينسوا أن “أبا قاسم” يتقصّد أن يحرج رئيس الوفد، فهو منذ نعومة أظفاره – كما تعرف، وقبل أن ينشط في السياسة – كالمرحوم والده يجيد كتابة التقارير..

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني