يكثر القال والقيل عن فسادٍ يعصف بمؤسسات المعارضة السورية، وتحديداً مؤسسة ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، ومؤسسة الحكومة المؤقتة، هذا القال والقيل لا يمكن قبوله بدون عملية توثيق مادية، ونحن لم نحصل على وثائق تدلّ على فسادٍ ما داخل هذه المؤسسات.
نينار برس طرحت سؤالين اثنين على كلٍ من السيدات سهير الأتاسي ونغم الغادري وهما نائبتان سابقتان لرئيس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، والقاضية سمر الحسين.
الفساد تمثّل بشراء الولاءات
سهير الأتاسي
سهير الأتاسي هي ابنة جمال الأتاسي الأمين العام السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، والمسؤولة عن منتدى الأتاسي في مرحلة ما بعد حافظ الأسد، والتي شغلت منصب نائب رئيس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، قالت لنينار برس: “لا نستطيع أن نتكلم بالتعميم عن فساد مالي وإداري في مؤسسات المعارضة”. وتضيف: “شخصيات المعارضة اشتغلت بالنضال السياسي أكثر من العمل السياسي، والنظام لم يكن يسمح أن تقوم قائمة لأي عملٍ مؤسساتي بالمفهوم السياسي”.
وتعتبر سهير الأتاسي أنه لم يتم الاستفادة من منشقين من مؤسسات الدولة، وهذا ترك ثغرة إدارية. وبرأيها: “بعض الشخصيات لها علاقة بمحسوبيات، وبشراء ولاءات” ونحن نعرف أنه أصبح لدينا شيء له علاقة بالمال السياسي داخل مؤسسات الائتلاف”.
وتضيف الأتاسي: “لدينا شخصيات معروفة بالاسم، استخدمت المال السياسي بمؤسسات الائتلاف لبناء تحالفات، لكسب أصوات انتخابية بمعارك انتخابية”. مبيّنة أنه لم يتم استخدام هذا المال لبناء لوبيات مؤثرة في الولايات المتحدة في الكونغرس الأمريكي. وأن من استخدم المال السياسي لأغراض داخلية بالائتلاف هم أشخاص بمرتبة رئيس أو أمين عام.
وتحدثت الأتاسي عن تهميش دور المرأة في مؤسسات المعارضة فقالت: “موضوع تهميش دور المرأة بهذه المؤسسات له علاقة فعلياً بقصور عقلية الرجل، وطريقة النظر للمرأة، ودورها”.
وأضافت: “تهميش دور المرأة في هذه المؤسسات، هو تهميش دورها في أن يكون لها مراكز قيادية، أو اجتماعية، أو اقتصادية”. موضحةً أنه لم نسمع عن رئيسة مجلس محلي، ولا في أي مركز قيادي، وهذا ليس في مؤسسات المعارضة بل موجود في منظمات الثورة”.
وتعتقد الأتاسي أن استبعاد المرأة بهذه العقلية له بعدٌ ذكوري، وهذا متعلق بصورة نمطية يرون من خلالها المرأة كواجهة نسائية. مبيّنةً: “الشخصيات النسائية إما أن تكون من الأقليات أو تكون امرأة محجبة، وفي الحالة الثانية لكسب المجتمع المحافظ، ولهذا من الصعب أن نجد شخصية امرأة سنية ليبرالية موجودة في هذه المواقع”.
ولا تتردد السيدة سهير الأتاسي بتوضيح سلبية المرأة حيال نفسها، فتقول: “المرأة أقصت نفسها بنفسها، عندما قبلت الأدوار النمطية والوحيدة التي أفسح لها المجال لتلعبها، إما أن تستلم ملفات الإغاثة أو ملفات التمريض، ولم يتح لها إلا نادراً وبعد قتال شرس أن تكون بملفات ذات بعد سياسي”.
تجاوز الصلاحيات
نغم الغادري
نغم الغادري شغلت مركز نائب رئيس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، تقول السيدة نغم حول ما يقال عن وجود فساد في مؤسسات المعارضة: “أي تهمة بغض النظر إن كانت فساداً إدارياً أو مالياً إثباتها يحتاج إلى دليل، وأنا لا أملك الدليل”. وتضيف: “لا أعرف إن كنا نستطيع القول إن الهدر المالي هو فساد مالي، والنقطة الثانية التي أدت إلى الفساد المالي أو الإداري، أو سوء إدارة هي تجاوز الصلاحيات لدى بعض الأشخاص”.
وتورد السيدة نغم قصة تعرفها فتقول: “عندما يكون شخص بصفة مستشار أو رئيس دائرة، يعد جهة ما أو مجلساً محلياً بمبلغ من المال، علماً أن هناك أوليّات، وهناك مجالس محلية بحاجة أكثر منه، وهذا الشخص تجاوز صلاحياته”
وحول تهميش المرأة في مؤسسات المعارضة، وخصوصاً الحكومة، حيث وضعوا المرأة ضمن قالب مثل النظام تماماً، تقول السيدة نغم الغادري النائبة السابقة لرئيس الائتلاف ذلك وتضيف: “النظام كان دائماً ما يضع المرأة إما وزيرة ثقافة أو وزيرة عمل، فمنذ وعينا نعرف أن وزيرة الثقافة هي نجاح العطار، والحكومة المؤقتة تمشي على نفس الخطى”.
وتتتابع السيدة نغم الغادري فتقول: “مازلنا ندعي ونطالب بالديمقراطية والحرية والتطور، ووضعنا المرأة في نفس قالب النظام، أعني أن المرأة لا تصلح إلا للتربية ووزارة الثقافة، وفي المجالس المحلية يتم إنشاء لجنة اسمها لجنة المرأة لأجل تعيين امرأة، حتى يقولون إنه لدينا نساء”.
وتشرح الغادري فكرتها بشكلٍ أوسع، فهم يفعلون ذلك: “وكأننا لا نملك طبيبات يصلحنا لرئاسة مكتب الصحة، أو مهندسات لاستلام مكتب التخطيط، لدينا نساء باختصاصات مختلفة، وهنا يقع اللوم”.
ولا تتردد الغادري عن قول: “أنا شخصياً ألوم النساء، اللائي يقبلن برئاسة لجنة المرأة بأي موقع، متناسيات ماهي لجنة المرأة بالرغم من أن المرأة جزء من المجتمع”.
تفشيلنا أتى من مؤسساتنا
القاضية سمر الحسين
القاضية سمر الحسين تقول على لسان إحدى النساء اللائي عُرض عليها العمل في أحد مكاتب مؤسسات المعارضة: “تفاءلت كثيراً وبنيت الآمال، وصرت أرسم الخطط وأفكّر كيف سننجح، وكيف سنثبت وجودنا كنساء ثائرات، أمام عالم لا يعترف بنا وينعتنا بالتخلف والإرهاب، كون الصورة النمطية للمرأة، أنها لا تفقه شيئاً إلا الطبخ وترتيب المنزل وتربية الأطفال”.
وتضيف: “للأسف الضربة الموجعة التي تقصم الظهر تلقيتها من داخل المكتب، ومن أول يوم كان التفشيل ينتظرنا، والتعامل الفوقي وغير المحترم”.
كان المسؤول الأول يقول لنا: “لقد فُرض علينا المكتب من الخارج”. هذا المسؤول كان إنساناً مريضاً بجنون العظمة، وأن لديه حصانه باعتباره نائباً للرئيس، ويعاملنا كعمال وليس كنساء”.
وتتابع القاضية سمر الحسين فتقول: “الأفكار الذكورية المتخلفة والنمطية، التي حاولت إثبات فكرة أننا لا نصلح لإدارة أو سياسة، وشبّهنا آخر بأحجار الشطرنج، ومن تحاول الإشارة إلى خطأ ما أو غلط يرتكب، تحارب بكل الوسائل الممكنة لاستبعادها”.
وتعتقد القاضية سمر أن نظرة المجتمع للمرأة لا تزال ذكورية وهي المسيطرة.